الكاتب: خالد السباتين
لاحظنا كيف تصدّر خبر دخول الرئيس عبّاس للمستشفى معظم الصحف العربية والعبرية والعالمية ومواقع التواصل ومدى اهتمام الكثير ممن يتابع الشأن الفلسطيني بهذه الحادثة فصحة الرئيس عند البعض أهم من بورصة نيويورك يتابعونها بعناية دقيقة لما لها كم أهمة على الأوضاع الحالية، قد يعتقد البعض ان الرئيس الفلسطيني مثله كمثل باقي رؤساء العالم وقد يظن البعض الاخر ان صحته لا تعني احداً سوا شعبه وعائلته والمقربون ممن هم من حوله وهذه مقايس خاطئة جدا في عالم السياسة لا سيما أن الأمر يتعلق في فلسطين.
ان غياب الرئيس عبّاس لا قدر الله عن المشهد السياسي في هذه اللحظات الحرجة التي تمر بها القضية الفلسطينية والتي تحتاج الى شخص عنيد وصاحب رؤية وثابت لا يحيد عن مواقفه الصلبة يزن الأمور بعقلانية مهم جدا فالمسألة في فلسطين مختلفة كليّاً عن باقي العالم فهناك أميركا وهناك احتلال وهناك انقسام وهناك فصائل وهناك تيارات سياسية وأطراف عربية ضاغطة كل هذه العوامل لها تأثير الى حد كبير على شخص الرئيس الحالي والسابق والقادم.
يسعى الرئيس عبّاس الى ترتيب البيت الفلسطيني قدر المستطاع من خلال بذل الجهود في انهاء الانقسام وتحقيق ملف المصالحة وعودة حماس الى البيت الفلسطيني مما قد يحدث فارق وخطوة الى الأمام في انهاء الاحتلال وتحقيق مشروع الدولة المستقلة ومن ثم اجراء انتخابات تشريعية ورئاسية ليطمئن على سير الأمور من بعده دون حدوث خلافات على هرم السلطة من خلال الاحتكام الى صناديق الاقتراع التي ستفرز رئيس جديد ومجلس تسريعي جديد بعيدا عن الفوضى التي تحتاجها اسرائيل وبشدة لتمرير ما تريد تمريره من مشروعها التصفوي للقضية الفلسطينية ولخلق حالة من عدم الاستقرار في الشارع الفلسطيني.
وقد لاحظنا مدى اهتمام اسرائيل بصحة الرئيس وحالة الإرتباك والقلق داخل الأوساط السياسية والأمنية الإسرائيلية وما سيترتب عن ذلك في حال غياب الرئيس أبو مازن لا قدر الله من صراع على السلطة، الأمر الذي من شأنه أن يزعزع الاستقرار النسبي الذي يسود الضفة في الوقت الحالي.
نحمد الله أن الرئيس يتماثل للشفاء وصحته بحالة جيدة بعد تكذيب الشائعات التي صدرت هنا وهناك لكن هنا يجب أن نسأل أنفسنا سؤال ماذا لو حدث فراغ في لحظة ما لا قدر الله فهذا السؤال له انعكاسات خطيرة ومهمة ويجب على جميع النخب السياسية أن تسأل السؤال ذاته فالجميع يدرك ذلك ويدرك مدى أهمية بقاء الرئيس عباس في هذه اللحظة الحرجة، لذلك لا بد ان تكون الخطوة الأولى بعد عودة الرئيس الى مكتبه وممارسة عمله هي قطع الطريق على كل من يحاول خلق الفوضى والحفاظ على النظام السياسي بالرغم من أنه يعاني من الهشاشة الا ان الحفاظ عليه ضروري نضف الى ذلك ضرورة التخلص من الانقسام وعلى حماس ان تعي ذلك جيدا وتقدر مدى تعقيدات الأمور وأبعادها وتحقيق المصالحة التي باتت حلماً يلوّح في الافق.