أوري نير واليهودية الأميركية.. وجهة نظر!

حسن البطل.jpg
حجم الخط

المحرّر السابق في جريدة «هآرتس»، أوري نير، ترجم إلى صحيفته بعض مقالاتي في «فلسطين الثورة» إلى العبرية، وأخرى في «الأيام» إلى الإنكليزية.
هو، الآن، يعيش في واشنطن، نشيطاً في حركة «أميركيون من أجل السلام» شقيقة حركة «السلام الآن ـ شالوم أخشاف» الإسرائيلية.
استجاب أوري لطلبي أن يكتب عن التيار الغلّاب في اليهودية الأميركية، إزاء سياسة الرئيس ترامب، والسلام الفلسطيني ـ الإسرائيلي، علماً أنه عاشر الشعب الفلسطيني صحافياً في مرحلة من عمله الصحافي، وهو يجيد القراءة بالعربية، واليسير من الكتابة بها.
مقالته هنا، بالإنكليزية، تركّز على الخلاف السياسي بين اليهودية الأميركية مع سياسة إسرائيل والولايات المتحدة، ولا تتطرق إلى خلاف ديني لليهودية الأميركية الإصلاحية، مع اليهودية الإسرائيلية الأرثوذكسية.
تولّى زميلي غسان عبد الله، مشكوراً، الترجمة من الإنكليزية إلى العربية.
***
قرّائي الأعزاء
كانت أوّل مساهمة لي، كالمراسل الجديد للشؤون الفلسطينية في صحيفة «هآرتس»، هي عن ظافر المصري، رئيس بلدية نابلس الأسطوري. وقد كان السيد المصري رجلاً كريماً. وأذكر أن حديثنا اتجه إلى أهمية التعاطف والرحمة المتبادلة في العلاقات بين الناس. وقد أشار إلى أن المجتمعات الوطنية المختلفة يجب، أيضاً، أن تعامل بعضها البعض بالتعاطف. وعندما يتعامل الإسرائيليون والفلسطينيون بالتعاطف والاحترام المتبادل، فعندها نقترب أكثر من السلام الذي ننشده جميعاً، كما قال.
بعد ذلك ببضعة أيام تم اغتياله من قِبل فلسطينيين راديكاليين في طريقه من بيته إلى مبنى البلدية.
في مناسبة تأبينه، بعد أربعين يوماً، قابلت فلسطينياً، وهو أسير محرّر، وكان واعظاً في مسجد صغير في وسط نابلس.
وقد دعاني للاستماع إلى خطبة الجمعة التي يلقيها، حيث تحدّث، أيضاً، عن أهمية الرحمة والتعاطف بين الناس وبين الشعوب.
ومن دواعي المأساة، فإن الإسرائيليين والفلسطينيين، كمجموعات، لديها القليل من التعاطف والرحمة تجاه بعضها البعض اليوم. وكلنا نعرف السبب في ذلك. وكإسرائيلي أمضيت آلاف الساعات مع فلسطينيين، والاستماع لهم بقلب مفتوح، فإن ذلك يؤلمني كثيراً. وأعرف أن وقتاً طويلاً لا بدّ أن ينصرم من أجل أن تتغير هذه المواقف.
قبل سنوات، لحقت بزوجتي إلى الولايات المتحدة، وأعيش الآن في أمريكا. ومن خلال متابعتي من واشنطن العلاقة الكارثية بين الإسرائيليين والفلسطينيين على جانبي «الخط الأخضر»، فإني أستمدّ الأمل مما أراه بين اليهود الأميركان.
إن غالبية يهود أميركا تقدّميّون. وبالطبع، فإن يهود أميركا التقدميين الليبراليين يهتمون بعمق لإخوتهم وأخواتهم اليهود في إسرائيل، ولكن العديدين - إن لم تكن أغلبيتهم يهمهم أيضاً السلام والعدل للفلسطينيين. فهم يؤمنون بعمق بالسلام والمساواة والعدل كقِيَم يهودية وقيم كونية، ولذلك فهم قلقون أخلاقياً لمعاناة الفلسطينيين، وهم يعارضون بشدة الرئيس دونالد ترامب، وسياساته التدميرية مع رئيس الوزراء نتنياهو.
ففي استطلاع للرأي مثلاً في أيلول 2017، عارضت غالبية كبيرة من يهود أميركا (80%) الطريقة التي نقل فيها ترامب السفارة الأميركية إلى القدس (خارج سياق مفاوضات السلام الإسرائيلية - الفلسطينية).
قد مضى عليّ أحد عشر عاماً وأنا أعمل مع مجموعة «أميركيون من أجل السلام الآن»، وهي منظمة شقيقة لـ»السلام الآن» الإسرائيلية.
ضمن عملي مع منظمة يهودية أميركية فإني ألتقي بالعديد من اليهود الأميركان الذين يستفظعون الاحتلال والذين يريدون تغيير الأمور التي لا تعجبهم في إسرائيل، الدولة التي يعتبرونها وطنهم القومي.
وهؤلاء الأميركيون هم حلفاء طبيعيون للفلسطينيين الذين ينشدون الاستقلال والدولة والسلام مع جيرانهم الإسرائيليين. وهم يؤيدون بشدة إقامة دولة فلسطينية، لأنهم يعتقدون أن الفلسطينيين يستحقون الحرية والاستقلال، وأيضاً لأنهم يرون ذلك شرطاً ضرورياً لتغيير الوضع في إسرائيل.
يهود أميركا التقدميون نشيطون سياسياً، في الولايات المتحدة وفي إسرائيل. وهم حلفاء مهمّون من أجل تغيير الوضع القائم الذي لا يُطاق على جانبي «الخط الأخضر».
وكيهودي إسرائيلي أميركي، فإني أدعو الفلسطينيين للاتصال المبادر باليهود الأميركيين وإيجاد القواسم (القضايا) المشتركة كحلفاء من أجل تقدّم السلام.