غرينيبلات يكذب ويتجنى

e30ba9114c613e09366766481ce09eac.jpg
حجم الخط

 

يتناقل ناشطو وسائل التواصل، تغريدات لمندوب ترامب الى المنطقة جاسون غرينيبلات، يقول فيها حسب مصادر عبرية، أنه أبلغ الجانب المصري، رغبته في أن يخبر "القادة الآخرين" القيادة الفلسطينية "كيف بدت حمقاء لإدانتها اقتراح سلام لم تره بعد، وأن الأوان قد آن، لأن يقول الجميع الحقيقة"!

يبدو، أن شأن غرينيبلات، كشأن الحمقى المحتبسين في المشافي النفسية وكذلك الطلقاء منهم، إذ يرى واحدهم الناس حمقى بينما يرى نفسه الذكي الفهيم!

لم يسأل غرينيبلات نفسه، لماذا لم يئِن الأوان لأن نرى اقتراحه، بينما الأوان قد آن، لعرض الإقتراح على كثيرين، في الدهاليز وغرف الاستقبال، إلا المعنيين به ولو عن طريق البريد السريع؟ ولماذا لم يقل إن المقترح، عرض على حكومة نتنياهوـ ورأت في بعض جوانبه ما يتزحزح مليمترات عن التسوية الليكودية فتخفظت عليه؟ ومن غير الأحمق، الذي يفترض أن اقتراحه لم يصل الى الجانب الفلسطيني، إن كان قد عُرض على جانب عربي؟ وأي معتوه يمكن أن يتوقع، أثناء لعبة الاستغماية الأمريكية، أن غرينيبلات وكوشنير، رجلا دولة يحملان مشروعاً لدونالد ترامب، فيه بعض الإنصاف للشعب الفلسطيني، بينما الإثنان ورئيسهما، فاقدو الأهلية لذلك، من خلال ما يتبدى يومياً من ممارساتهم الذيلية التي تحابي الصهيونية المتطرفة الرافضة للتسوية؟

غرينيبلات يكذب في تغريدته المضللة، لأنه يعرف أن الفلسطينيين الذين رفضوا ما يسميه المقترح؛ قد رفضوا عن اطلاع، وأن رفض عباس للمقترح، لأنه أولاً لا يستيطيع أن يقبله، ولأن المقترح سخيف ويؤسس لصراع مديد!

 إن مشكلة عباس أن كيدياته التي أعمته، جعلته يتمسك بالاستمرار بالفعل الوحيد على الأرض، الذي يفتح الطريق لغرينيبلات، من خلال تدمير مؤسسات السلطة والمنظمة، وتدمير المجتمع في غزة. والموفد الأمريكي يتحدث عن قلقه لمحنة الفلسطينيين ويرسل وعود المساعدة ويتوقع ألا يعض الفلسطينيون اليد التي امتدت اليهم بالخير. هنا تكمن رزية عباس، الذي فتح الثغرة على نفسه بنفسه، وتعمد أن يجعلنا بائسين، لكي يزعم الأمريكيون أن الرفاهية ستكون على أيديهم، وهو بذلك يمهد للصفقة قبل أن يرش الأمريكيون خبزاً!

لم يقل غرينيبلات في تغريداته، ما يمكن أن نراه أكثر خداعاً، كأن يركز على انتهاء ولاية عباس ويدعو الى إعادة الكرة للشعب الفلسطيني في انتخابات حرة ونزيهة، مثلما ايدت إدارة بوش الإبن تلك الإنتخابات بحماسة في يناير 2006 وهي تعرف أن فتح والسلطة مترهلتان، وأن حماس ستنجح. أيامها كان الأمريكيون في غرف صياغة السنياريوهات يعرفون أننا سنتذابح، فلم يشترطوا علينا إجراء الانتخابات تحت سقف أوسلو، ومن لا يريد البقاء تحت السقف، يمكن ترحيله بالحافلات الى إدلب، كما يحدث في سوريا. وللأسف نجحت سيناريوهات الأمريكيين، وهجمت حماس على السلطة، تحت سماء آمنة، ووصفت منتسبي فتح بالخونة، لكن العدو المستفيد من الخيانة المزعومة، جعل الهجوم يجري تحت سماء آمنة، بينما يهتف المهاجمون على الأرض "الله أكبر" ولم يفكر في إنقاذ المتهمين بالتبعية له!

 في حسبة السياق كله، رُميت غزة المقاتلة الصابرة ثلاث مرات: واحدة عندما رماها شارون لتسريع الاستيطان في الضفة واستكمال الجدار، الثانية عندما رمتها حماس من المشهد السياسي فيما توهمت أنه الحسم الإلهي، وثالثة عندما رماها عباس بأهلها وبفتحها وحماسها، متوهماً أنه يرمي الجوكر في وجه حماس ويربح.

ليس هناك ما يغيظ، أكثر من السياسة الأمريكية التي أطلقت يد الإحتلال على شعبنا لكي يقتل يومياً، وتزعم في الوقت نفسه أنها قلقلة على حال الفلسطينيين. لذا، يجدر بنا، إن طالبت لنا واشنطن، بالديموقراطية وبكف سلطة عباس عن تجويع شعبنا؛ أن نرفض المكرمة الأمريكية، حتى لو اضطررنا لأن نرحب بالديكتاتورية الضالة ونتحمل الجوع، لأن أمريكا تكون عندئذ، قد نجّرت لنا خازوقاً آخر!