التكليفات لــ "تنفيذية" المنظمة

e30ba9114c613e09366766481ce09eac.jpg
حجم الخط

 

بعد ثلاثة أشهر، من انفضاض مؤتمر رام الله الذي سمّاه عباس مجلساً وطنياً فلسطينياً، بمعنى أنه برلمان الشعب الفلسطيني؛ أفرج صاحب المؤتمر عن التوصيفات الوظيفية لأعضاء اللجنة التنفيذية، وهي توصيفات دُبرت في الكواليس، باعتبارها أعطيات لا تكليفات، لأن واقع الأمر ليس فيه عمل، وإن كان في بعضه القليل من شكليات العمل، فلا علاقة له بمستوى العمل الفلسطيني في مرحلة خطيرة. فمنظمة التحرير نفسها، ازدادت بالمؤتمر بؤساً، على صعيد عنوانها، بعد أن شبعت غياباً على صعيد فحواها وواجباتها، حتى أصبح تداول اسمها، يُذّكر الناس بالفقيدة العزيزة الراحلة!

المؤسف في التوصيفات الوظيفية، أن الفائزين بها، يتقبلون الكذب الصراح ويسايرون اللعبة. واللافت أن عباس اختص نفسه برئاسة الصندوق القومي، إذ لا أحد، في ناظره يستحق المهمة الوحيدة التي فيها عمل والتي تستحق مجلساً من كل الأطياف يعمل باستمرار مع رئيس هذه الدائرة، ويُطل على التفاصيل. وكأن الذين أعطاهم عباس توصيف عضو لجنة تنفيذية ورئيس دائرة، أكثر قرباً من فحوى دوائرهم من د. رمزي خوري من "الصندوق" وأطول عهداً بالعمل. فليس لمجدلاني علاقة بالتخطيط، ولا علاقة لمنظمة التحرير بالتنمية البشرية لكي يُكلف فبصل عرنكي برئاسة دائرة لها، ولا نعرف أن منظمة التحرير تباشر عملاً على صعيد حقوق الإنسان والمجتمع المدني، لكي تُعطى لأحمد بيوض التميمي دائرة لاستئناف مثل هذا العمل. بل إننا  لا نعرف الحقل الجغرافي الذي يُفترض أن يُمارس فيه عمل كهذا، ولا الإنسان المشمول بالرعاية التي يفترض أن يتولاها التميمي، مثلما لا نعرف أين نضع الخيط الرفيع، الذي يفصل بين مهام صبري صيدم في حقل التعليم ومهام د. علي أبو زُهري في هذا الحقل. ولما كانت كل هذه الفضاءات ذات بُعد اجتماعي، تصعب علينا معرفة مهام الرفيق بسام الصالحي، المُكلف بالدائرة الاجتماعية، لأن الإصابات الخطيرة التي مُني بها المجتمع بسبب  قطع الرواتب وتجويع الناس ووقف نموها وتطورها، وبمفاقمة الأمراض الإجتماعية وتوسيع دائرة البطالة وإحباط التنمية؛ كلها قضايا يفترض أنها في حقول اختصاص الآخرين العاجزين القيام بأي مقتضى. وإن كان المقصود بدائرة الشؤون الاجتماعية، هو الأحوال الشخصية، فإن الرفيق بسام الصالحي، كماركسي، أبعد ما يكون عن إبرام عقود الزواج وإيقاع الطلاق أو الجمع بين أزواج فرقت بينهم الخصومة، بأفاعيل الوسواس الخناس، كما فرقت بين الفتحاويين، أو بين أطياف الفلسطينيين.

أما د. زياد أبو عمرو، فقد تولى دائرة لــ "الإشراف على العلاقات الدولية" وكيف؟ لا نعرف. فالعلاقات الدولية، عبارة عن مفاوضات ووفود اختصاص وسفارات، ولدينا حسب لافتة المبنى، وزارة الشؤون الخارجية والمغتربين، وريثة الدائرة السياسية للمنظمة. لكن هذه الوزارة مخصوم من سلطتها على السفارات بقرارات رئاسية وبتعيينات المخابرات، ومخصوم بالطبع التكليف الجديد لها، بالإشراف على المغتربين، ومخصوم  من مهامها الخارجية موضوع المفاوضات لأنها وزارة سلطة لا وزارة منظمة، وعند مفترق الطريق تتقاطع المفاوضات مع الاتصالات الدولية. فعلى من وماذا من الأطر،  سيشرف د. أبو عمر، بينما هو في الحكومة الحالية نائب رئيسها؟ أم إن المسألة في جوهرها، مجرد توصيف أو صيغة للتواجد في منظمة التحرير على افتراض أنها المرجعية والجذر؟

إن لوائح منظمة التحرير واضحة بخصوص أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير. فهي تشرط عليهم التفرغ حصراً لدوائرهم ولعملهم في اللجنة التنفيذية، وطالما أن لا عمل للدوائر ولا للجنة التنفيذية كفريق، وأن كل عضو يحمل عدداً من البطيخات في يد واحدة، فلا بأس من أن يمتشق الأعضاء توصيفاتهم!

في بدايات عملية التعريب في الجزائر، وعندما منع الزعيم هواري بومدين تعليق يافطات المحال باللغة الفرنسية، كان الذين تولوا تعريب اليافطات، شيوخ جزائريون ممن تولوا التعليم الديني في الزوايا والتكايا، وأتقنوا لغة أقدم تفاسير القرآن الكريم، كــ "جامع البيان" للطبري، و"جامع العلوم" لأبي الليث.

على بعد أمتار من سفارتنا في الجزائر، كان هناك محل للأكفان ولخدمات تشييع الموتى، كُتب على يافطته: "أٌبّهة جنائز" وذلك عنوان يُحتذى، كأن نقول عن جوهر التكليفات بلا عمل ذي صلة بالحياة، "أبّهة الأحياء في المنظمة"!