أعتذر للأسير فادي أبو عطية

608901533203863.jpg
حجم الخط

 

رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين

أعتذر للأسير فادي أبو عطية، سكان الأمعري الذي قضى 12 عاما في سجون الاحتلال وخاض اضرابا عن الطعام لمدة 41 يوما في 17/4 /2017 ، وأصيب باضرار بالدماغ وفقدان الذاكرة.

آخر أسير محرر رأيته هو فادي ابو عطية يوم 1/8/2018 عندما اتصل أهله وقالوا ان حالته الصحية قد تدهورت ، هرعت اليه فوجدته يحلم بالمستقبل ويتحدث عن القادم في هذيان انساني وباضطراب وتوتر كانه لا زال داخل السجن، فبدأت اتصالاتي لإنقاذ حياته و علاجه.

أعتذر لفادي أبو عطية الذي لم استطع على مدار 41 يوما من اضرابه مع ما يقارب 1000 أسير فلسطيني من انقاذه ووقف آلة البطش القمعية غير المسبوقة التي مورست بحق المضربين الى درجة أن بعضهم كاد ان يفقد الحياة.

اعتذر لفادي أبو عطية لأنه كاد أن يموت هناك، كنا هنا في الشوارع وداخل خيام التضامن نصرخ معه ونتعذب دون أن نستطيع ان نفعل شيئا ، لم يأتناأحد لمساندتنا، اغلق الافق حولنا ، وحكومة نتنياهو أعلنت أنها ستقتل المضربين وتعدمهم.

اعتذر لفادي أبو عطية لأن ذاكرته هربت منه، لانهم دمروه في زنازين العزل لكسر ارادته الحرّة العظيمة ولم نستطع ارسال طبيب له، لم نستطع ان نحرك العالم بشكل افضل لمنع الجريمة.

اعتذر لفادي أبو عطية لأني لم استطع ان أقنع اي مسؤول لزيارته في البيت ورؤية امه المقعدة المريضة، ولم استطع أن اقنع أجدا بان ما يجري خلال الاضراب هو اطاحة رؤوس ورموز وطنية مناضلة وعظيمة.

اعتذر لفادي ابو عطية، وقد جريت في كل الشوارع وفي كل مكان، حاولت وحاولت، الآن أراه يذوب ويتلاشى ، وأنا المتهم من الوريد الى الوريد بتهمة مساندة المضربين، المتهم بالغضب لصالح أغلى وأقدس الناس وهم الأسرى والأسيرات، واعترف اني لم استطع ان افعل شيئا ، قمعوا المضربين وحوروا اهداف الاضراب الانساني الى أشياء اخرى ومورس التضليل الممنهج بشكل مدهش يثير الحسرة.

أعتذر لفادي أبو عطية لأنه كان أحسن منا وأروع في بطولته وصدقه، دفع دمه وذاكرته لأجل فلسطين ، فلسطين فقط.

أعتذر لفادي أبو عطية ، غير قادر على فهم أحلامه وأوجاعه، يتحدث ويذكر أسماء كثيرة ، يؤشر بيديه الى دم وسعال وقيء، يتطلع الى الفضاء يحتاج أن يتنفس ويفتح باب الزنزانة.

أعتذر لفادي أبو عطية ولأمه المريضة وللمخيم وأقدام الأسير ناهض الأقرع المدفونة هناك، وأعتذر لمحمد براش الذي لازال ينتظر مني أن أعمل لتركيب طرف صناعية لقدمه، والتحرك لإجراء عملية جراحية له في القرنية ليستعيد النظر ، وأعتذر لكريم يونس الذي خاض اضرابا بعد 36 عاما من وجوده بالسجن، هذا الجبل الكبير الكبير اضع قبلتي فوق جبينه فهو الذي يستحق.

أعتذر لفادي أبو عطية ولابنتي الجميلة المعاقة أسيل ، ربما أهلمتها كثيراً وإنشغلت عن كلامها المتعثر وهي تبحث عني وتناديني.