الـنـاس فـي بـلـدي

صلاح هنية.jpg
حجم الخط

اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي حول موضوع الضمان الاجتماعي وحول تصريحات بخصوصه لمسؤولين فلسطينيين، وظلت مشتعلة حول قضايا تتعلق برفع تسعيرة المواصلات استجابة لرغبة نقابات العمومي والتاكسي والسرفيس، وبات النقاش مفتوحاً حول تجويد قطاع النقل من حيث تطوير الحافلات والتاكسي والسرفيس وتفعيل مشروع اوريو لتطوير الحافلات، وحال الطرق في ضوء تزايد عدد المركبات المسجلة في دوائر السير حيث وصلت 32 الف مركبة عام 2017.
محدثي في الواقع روى لي: حكاية السائح الذي اقام في الفندق فوضع دفعة مسبقة 100 دولار ودار هذا المبلغ ليسدد مديونية أصحاب محل الخضار واللحوم والبقالة وعادت للفندق كدين سابق، ثم خرج السائح ولم تعجبه الإقامة فاسترد ذات المبلغ. والعبرة ان الأموال تاريخياً كانت دوارة تسد أكثر من شخص وتخدم الاقتصاد، اليوم وُضع لها مصد حيث تبقى لدى جهة واحدة تراكم عليها فوائد وغيرها ولا يستفيد منها البقية كما كان يحدث، فكيف سيعالج هذا المصد بصورة تعيد الأمور الى سابق عهدها.
 من استمعوا للعبرة قالوا إن أحداً لا يعالج هذا الجانب بل تحول النقد الى سلعة وبتنا اقتصاداً مغلقاً قائماً على الاستيراد وتصدير الدولار وضعف الإنتاج وانهيار قطاعات اقتصادية وانتشار البطالة والفقر، وبتنا نتساءل عن السياسات المالية والاقتصادية التي بشرتنا بالانتعاش والنمو وسابقاً على ذلك التنمية ضمن نماذج عالمية.
وفي هذه الأجواء خرجت الى العلن قضية تسريب منزل آل جودة في عقبة درويش في القدس، وبدأت التوقعات الى ان باتت الأمور واضحة فيسبوكياً، ولم تخرج على الناس ولأيام لا الحكومة ولا الفصائل بشيء بهذا الخصوص.
جميع القطاعات عدا الفقراء استطاعوا أن ينظموا انفسهم في نقابات تحقق مبدأ "الاحتكار الجماعي" من خلال تحديد سعر موحد لخدماتها وبضائعها وتنتصر من خلال الزام الأعضاء، وفي ذات الوقت مهاجمة من لا يلتزم ابتداء من الاتهام بانه يأتي ببضائع ليست أصلية أو انه لا يحمل شهادة، وهناك قطاعات تلوح بالاضراب اذا لم تحقق مطالبها.
الفقراء يتم التقاط الصور معهم في شهر رمضان لاشهار نشاط هذا الوزير او ذاك فاعل الخير وليس لطرح قضايا الفقر والبطالة ومعالجة سلبيات السياسات الاقتصادية والمالية، وهل يصنع فرق ان يلتقط صورة أي منهم مع عامل النظافة أصلا هو يروج لنفسه وليس تقديرا لعامل النظافة.
عملياً تواجه قضايا العدالة الاجتماعية ومعالجة قضايا الفقر والتصدي لها انتصاراً لحقوق الفقراء بأبشع واعتى الحملات المضادة وأقلها وقعاً، اننا نستثمر لننقذ الفقراء ونضع أجندة السياسات الوطنية للانتصار للفقراء، ولكننا لم نوجِد بنوكاً للفقراء ولا إسكاناً اجتماعياً يراعي الفقراء، لم نحارب مروجي الأغذية الفاسدة والخدمات المضللة رغم انها تطال بنسبة عالية الفقراء.
قد أبدو أنني أعيد الاعتبار للاشتراكية في زمن لم تعد حاضرة، الا انني من انصار العدالة الاجتماعية والنظام الاقتصادي الاجتماعي الذي يكون صديقاً للفقراء، وما دون ذلك يصبح هناك خلل في المجتمع لا يمكن إعادة التوازن دون جهد حقيقي يتيح الاستماع لصوت العدالة الاجتماعية، وصياغة السياسات التي تنتصر لهذا التوجه.
اليوم ترتفع أسعار المواصلات والاتصالات والعلاج واللحوم والفواكه وفاتورة المياه والكهرباء. وهذه الارتفاعات مستمرة بالتصاعد دون أي علاج اقتصادي واجتماعي بل يتم النفي وكأن المواطنين يتجنون ولا يدفعون اثمانا مرتفعة، وكذلك الحال للاحتكارات الجماعية بتحديد الأسعار المرتفعة بين أصحاب ذات المهنة وذات السلعة، ويكاد لا يمضي يوم الا وتتسع دائرة الاعتراض على هذه الأسعار وعلى السياسات المتبعة في فلسطين.
بات ملحا تسليك انسداد قنوات التأثير على القرارات الحكومية في ضوء غياب المجلس التشريعي التي باتت في غالبيتها غير صديقة للمستهلك، بينما يتم توجيه صيغ تعديل قوانين او إقرار قوانين للوزراء للاطلاع عليها وإبداء الملاحظات بينما لا يتم اتخاذ القرارات اللازمة لتفعيل إصلاح قطاع المياه، وعدم حصر الصلاحيات في قطاع المياه بيد جهة واحدة، رغم أن الإجراءات والتعليمات قانونية ومتفق عليها ويبقى إصدارها، وذات الأمر يحدث مع قانون المسؤولية والسلامة الطبية الذي صادق عليه الرئيس وظل غير نافذ لعدم إصدار الحكومة تشكيل اللجان وإصدار اللوائح ليصبح نافذا ليعالج قضايا الأخطاء الطبية والإهمال الطبي التي باتت تقض مضاجع المواطن والرأي العام.
لقد قيل الكثير حول تلقي الشكاوى ومعالجتها، حيث انفق الكثير لتطوير الوحدة المركزية للشكاوى ووحدات الشكاوى في الوزارات، وحتى لا يصبح الأمر للتندر بين الناس وتناقل المواضيع التي تعتبر شكوى كفكاهة بين الناس، لأنها أصلا لا تعالج ولا تسمع، وتفعيل خط التواصل مع الجمهور والاستماع لشكاواهم سواء من يريد تقديم شكوى لدى وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بما تختص به، وكذلك الحال بخصوص المعادن الثمينة، والملابس ومواد التجميل وصيانة الطرق المستوردة من أنحاء العالم وغيرها.
الحوار على مواقع التواصل الاجتماعي مؤشر نسبي على توجهات الرأي العام، ولكن الأهم صوت الأجسام التمثيلية خصوصاً التي تتعاطى مع شؤون القطاع العريض من المستهلكين والعمال وغيرها والتي يجب ان تشعر ان صوتها مسموع وليس ثرثرة دون جدوى، لأن هذه الأجسام التمثيلية قادرة على التعامل مع الأمور اذا استطاعت إيصال صوت من تمثل وفي ذات الوقت معالجة التعامل غير المقبول.