أطلق قادة الاحتلال الإسرائيلي على مدار الأيام الماضية تهديدات متصاعدة ضد قطاع غزّة، وذلك في حال استمرار المسيرات الحدودية التي بدأت في 30 مارس الماضي، تحت اسم "مسيرات العودة"، وذهب بعضهم إلى التلويح بإمكانية اغتيال قيادات الفصائل الفلسطينية لمحاولة توجيه الأنظار نحو تصعيد مؤقت لوقف المسيرات.
هذه التهديدات بدأ الاحتلال بتنفيذها صباح اليوم الأربعاء، بعد أنّ شنّت المقاتلات الحربية الإسرائيلية سلسلة غارات استهدفت مواقع تتبع المقاومة وأراضِ زراعية بغزّة، على الرغم من إقامة الوفد المصري في القطاع لمحاولة إبرام اتفاق تهدئة، ومواصلة مساعِ المصالحة المجمدة.
لا رغبة بالتصعيد
قال المحلل السياسي طلال عوكل: إنّ "التهديدات المتبادلة بين إسرائيل والمقاومة، حول فرض معادلة صاروخ يُقابله صاروخ، سمعناها كثيراً منذ 30 آذار حتى الآن"، مُشيراً إلى أنّ إسرائيل لا ترغب بالوصول إلى التصعيد الشامل، بسبب عدة عوامل.
وبيّن عوكل، خلال حديثه لمراسل وكالة "خبر"، أنّ عدم رغبة إسرائيل بالتصعيد الشامل، لا يعود إلى قرب موعد الانتخابات فحسب، أو أنّها تهتم بالحدود الشمالية في الوقت الراهن، ولكّن إسرائيل تشعر بأنّها تستطيع أنّ تُحقق ما تريد بدون اللجوء إلى المواجهة الشاملة.
وتابع: "ضبابية الأهداف من العملية العسكرية الموسعة عاملاً أساسياً في عدم نية إسرائيل تنفيذ حرب عسكرية شاملة"، متسائلاً "هل تريد إسرائيل أنّ تُنهي حكم حماس؟، أم تسعى لتوجيه ضربة محدودة؟، فهذه عوامل تحكم المشهد وتؤكد أنّ إسرائيل والمقاومة لا يرغبان بالتصعيد".
وأشار عوكل، إلى أنّ المقاومة أيضاً غير معنية بخوض مواجهة جديدة، نتائجها معروفة من دمار وغيره، موضحاً أنّ المطلوب حالياً هو التوافق حول تهدئة تسمح لحماس بأنّ تُعلن كسر الحصار، وتسمح لإسرائيل بإعادة تأهيل قطاع غزة والتخلص منه كلياً.
وأضاف: "التهديدات الحالية بين الطرفين هدفها الضغط لتحسين الشروط، أي حوار تحت التهديد"، لافتاً إلى أنّ مختلف الأطراف تسعى لإبرام اتفاق التهدئة بين المقاومة وإسرائيل.
المصالحة والتهدئة
أوضح عوكل، أنّ الوفد المصري لم يقطع الأمل في إمكانية الوصول إلى تطبيق اتفاقات المصالحة والتهدئة، مضيفاً "نحن علينا ألا نقطع الأمل، ليس لأنّ الموضوع هو خلافات بين حماس وفتح، ولكّن الخطر الذي يلتف القضية الفلسطينية".
وأردف: "الخطر الدائم على القضية، يصدم ضمائر الوطنيين الفلسطينيين، سواء كانوا فصائل أو غيرهم، الأمر الذي يُرغمهم على تحمل المسؤولية لمواجهة صفقة القرن، وتجاوز الخلافات والحسابات الفئوية، وإلا فإن التاريخ سيلعن الجميع".
ولفت عوكل، إلى أنّ الجانب المصري يبذل جهوداً حثيثة بملفي المصالحة والتهدئة، ولكّن فشل تطبيق اتفاقات المصالحة، سيدفع نحو إتمام التهدئة مع إسرائيل بسرعة كبيرة.
العقوبات
قال: إنّ "العقوبات التي فرضتها السلطة على غزّة، لم تؤدي إلى تغيير الوضع في القطاع، ولم تضغط على حماس بالمطلق، لذلك من المفروض أن يتم إعادة النظر بالعقوبات السابقة، والجديدة التي يتم التهديد بفرضها".
وأكد عوكل، على أنّ خطورة المرحلة الراهنة تستدعي تحمل السلطة لمسؤولياتها تجاه أبناء شعبها، مُشيراً إلى أنّه في حال فرضت السلطة عقوبات جديدة على قطاع غزّة، فإنّ ذلك لنّ يُغير من الواقع شيئ.
وختم عوكل حديثه بالقول: "هناك من يُزايد على السلطة بسبب تخليها عن القطاع، خاصة الولايات المتحدة وإسرائيل والأمم المتحدة، في ظل الحديث عن مبالغ طائلة تُدفع لتنمية غزّة، وتغيير أوضاعه الحالية من باب إنساني".
ووصل ظهر أمس الثلاثاء، وفداً أمنياً مصرياً إلى قطاع غزّة عبر حاجز بيت حانون "إيرز" شمالي القطاع، لبحث ملفي المصالحة والتهدئة مع حركة حماس، والتمهيد لزيارة وزير المخابرات المصري اللواء عباس كامل.
ومن المقرر أنّ يزور وزير المخابرات المصري اللواء عباس كامل، قطاع غزّة يوم غدٍ الخميس، في إطار جولة تشمل غزّة والضفة الغربية وإسرائيل، لبحث ملفي المصالحة والتهدئة.
يُذكر أن زيارة الوزير كامل بنفسه لغزّة هذه المرة لها مدلولات كبيرة، حيث سيزور المسؤول ذاته تل أبيب للقاء المسؤولين الإسرائيليين لبحث ملف التهدئة والأوضاع في غزة، ومن ثم سيحط في رام الله للقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس وبحث ملف المصالحة.