معادلة... ليس فقط الدستور!!

22.PNG
حجم الخط

 

تستعد مصر "العليا" في البرلمان والرئاسة والحكومة والتلفزيون والجامعة والأزهر الى معركة تعديل الدستور كي يفسح المجال أمام الرئيس للترشح الى ولاية ثالثة أو أكثر ، تمهد الطريق امامه كرئيس للبلاد والعباد مدى الحياة ، فما الذي أفاده اذن تغيير الدستور قبل اربع سنوات وتعيين لجنة الخمسين على مدار أشهر طويلة من أجل اقراره لطالما ان بالامكان اعادة تغييره ، أو بالأصح ، تطويعه ، في خدمة الحاكم .

هذا ما كان دريد لحام قد أشار اليه في إحدى مسرحياته الساخرة اواسط سبعينيات القرن الماضي ، حين سئل عنه ، فقال : «أكله الحمار» .

ليس بعيدا عن مصر العليا ، على اعتبار ان مصر الدنيا ، تبحث عن لقمة عيشها العزيزة في ظل بطالة مستشرية ، دفعت الرئيس للتساؤل مؤخرا في القمة التي عقدها مع الرئيس الفرنسي : ماذا استطيع ان أفعل ولدي مليون خريج جامعي كل عام ؟ ، ليس بعيداً فازت قطر ببطولة كأس آسيا في كرة القدم التي نظمتها الإمارات على أرضها ، ولكن وبالرغم من نجاح التنظيم ، وبالرغم من الفوز العربي بهذه البطولة ، الا ان المشهد انقلب رأسا على عقب ، تحريضا وتشتيما وتحقيرا وشماتة جعلتنا نشكك إن كانت الرياضة مجرد لعبة وكرة القدم على وجه الخصوص ، لغة عالمية ، تجيد الشعوب كافة ، الاستمتاع بها.

وليس بعيدا عن دستور العرب الذي «أكله الحمار» ، وعن فوز العرب بكأس آسيا ، ظهر خطيب جمعة يدعو الى قتل كل من لا يؤيد رئيس البلاد ، "اقتلوه أيا كان" ، "ليس من باب وطني بل من باب ديني ، لانه اذا اخطأ فله حسنة واذا اصاب فله حسنتان" .

الامام نسي على ما يبدو ، ان الوازع الاخلاقي هو أكثر أهمية من الوازعين الديني والوطني ، بل هل يمكن ان يكون هناك وازع ديني ووطني بدون ان يكون اخلاقي؟ ان الدين اصلا ، أي دين ، هو في مضمونه اخلاق ، فقد قال رسول الاسلام : بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ، وعلى لسان رب العالمين في العهد القديم ، قال : لا تقتل . فكيف حين تأتي دعوة "اقتل" من المسجد والمنبر على لسان الامام؟!.

وصفت ملكة الأردن السابقة نور الحسين تسخر من موقف التجاذب العربي ازاء فوز قطر بكأس آسيا : بـ"سياسة طلاب الحضانة" ، فرد عليها أحدهم : «يا جلالة الملكة ، لا يجب الاساءة الى أطفال الحضانة». ما يذكّر بما كانت جريدة صهيونية في بريطانيا قد وضعته مرة رسما كاريكاتيريا تشبه فيه العرب بالخنازير ، وأثيرت ضجة عربية ضد الصحيفة ، وتدخلت الحكومة طالبة من إدارة الصحيفة الاعتذار للعرب ، في اليوم الثاني اعتذرت الصحيفة من الخنازير !!.