تستعد مصر "العليا" في البرلمان والرئاسة والحكومة والتلفزيون والجامعة والأزهر الى معركة تعديل الدستور كي يفسح المجال أمام الرئيس للترشح الى ولاية ثالثة أو أكثر ، تمهد الطريق امامه كرئيس للبلاد والعباد مدى الحياة ، فما الذي أفاده اذن تغيير الدستور قبل اربع سنوات وتعيين لجنة الخمسين على مدار أشهر طويلة من أجل اقراره لطالما ان بالامكان اعادة تغييره ، أو بالأصح ، تطويعه ، في خدمة الحاكم .
هذا ما كان دريد لحام قد أشار اليه في إحدى مسرحياته الساخرة اواسط سبعينيات القرن الماضي ، حين سئل عنه ، فقال : «أكله الحمار» .
ليس بعيدا عن مصر العليا ، على اعتبار ان مصر الدنيا ، تبحث عن لقمة عيشها العزيزة في ظل بطالة مستشرية ، دفعت الرئيس للتساؤل مؤخرا في القمة التي عقدها مع الرئيس الفرنسي : ماذا استطيع ان أفعل ولدي مليون خريج جامعي كل عام ؟ ، ليس بعيداً فازت قطر ببطولة كأس آسيا في كرة القدم التي نظمتها الإمارات على أرضها ، ولكن وبالرغم من نجاح التنظيم ، وبالرغم من الفوز العربي بهذه البطولة ، الا ان المشهد انقلب رأسا على عقب ، تحريضا وتشتيما وتحقيرا وشماتة جعلتنا نشكك إن كانت الرياضة مجرد لعبة وكرة القدم على وجه الخصوص ، لغة عالمية ، تجيد الشعوب كافة ، الاستمتاع بها.
وليس بعيدا عن دستور العرب الذي «أكله الحمار» ، وعن فوز العرب بكأس آسيا ، ظهر خطيب جمعة يدعو الى قتل كل من لا يؤيد رئيس البلاد ، "اقتلوه أيا كان" ، "ليس من باب وطني بل من باب ديني ، لانه اذا اخطأ فله حسنة واذا اصاب فله حسنتان" .
الامام نسي على ما يبدو ، ان الوازع الاخلاقي هو أكثر أهمية من الوازعين الديني والوطني ، بل هل يمكن ان يكون هناك وازع ديني ووطني بدون ان يكون اخلاقي؟ ان الدين اصلا ، أي دين ، هو في مضمونه اخلاق ، فقد قال رسول الاسلام : بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ، وعلى لسان رب العالمين في العهد القديم ، قال : لا تقتل . فكيف حين تأتي دعوة "اقتل" من المسجد والمنبر على لسان الامام؟!.
وصفت ملكة الأردن السابقة نور الحسين تسخر من موقف التجاذب العربي ازاء فوز قطر بكأس آسيا : بـ"سياسة طلاب الحضانة" ، فرد عليها أحدهم : «يا جلالة الملكة ، لا يجب الاساءة الى أطفال الحضانة». ما يذكّر بما كانت جريدة صهيونية في بريطانيا قد وضعته مرة رسما كاريكاتيريا تشبه فيه العرب بالخنازير ، وأثيرت ضجة عربية ضد الصحيفة ، وتدخلت الحكومة طالبة من إدارة الصحيفة الاعتذار للعرب ، في اليوم الثاني اعتذرت الصحيفة من الخنازير !!.