افتتحت جامعة الإسراء بغزّة، مؤتمرها العلمي الثاني بعنوان: "الجامعة العربية والقضية الفلسطينية - تحديات وفرص"، والذي يُسلط الضوء على دور الجامعة العربية تجاه القضية الفلسطينية، وما يعانيه الفلسطينيين جراء الممارسات الإسرائيلية.
جاء ذلك اليوم الثلاثاء، في قاعةى فندق المشتل شمال غرب مدينة غزّة، بمشاركة وحضور د. كمال الشرافي ممثلاً عن الرئيس محمود عباس، والعالم الفلسطيني د. عدنان مجلي بصفته راعي المؤتمر، وسفير دولة فلسطين لدى جمهورية مصر العربية دياب اللوح، ونخبة من الأكاديميين الفلسطينيين والدوليين.
ويأتي المؤتمر ضمن سلسلة المؤتمرات الدولية المحكمة التي تُطلقها كلية العلوم الإنسانية في جامعة الإسراء، بشأن المنظمات الدولية والقضية الفلسطينية، حيث شارك بالمؤتمر 58 جامعة و27 مركزاً بحثياً من 36 دولة حول العالم.
ومن المقرر أنّ تستمر فعاليات المؤتمر حتى يوم غدٍ الأربعاء، لبحث رسائل علمية تناقش دور الجامعة العربية تجاه القضية الفلسطينية في ضوء المتغيرات الإقليمية والدولية، وأيضاً دور الجامعة تجاه النضال الفلسطيني.
كما سيناقش المؤتمر دور مؤسسات وأجهزة جامعة الدول العربية المتخصصة في دعم القضية الفلسطينية، وأيضاً مستقبل الجامعة العربية وآليات تفعيلها لصالح القضية الفلسطينية.
ومن أهدافه البحث في دور الجامعة العربية تجاه القضية الفلسطينية، عبر قراءة معمقة لقراراتها المختلفة، بالإضافة إلى الوقوف على التحديات التي تواجه الدول العربية في عملها داخل الجامعة، والبحث في الامكانات المتاحة أمام الفلسطينيين للاستفادة من هذه المؤسسة.
أما الرسائل التي يحملها المؤتمر، هي التأكيد على الحقوق التاريخية والثابتة للشعب الفلسطيني وكيفية تثبيتها، وفي مقدمتها إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، من الاخلال الاستفادة من القرارات الدولية خاصة الصادرة عن المؤسسات الدولية والإقليمية.
واستعرض أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، د. صائب عريقات، خلال كلمة له بالمؤتمر، الوضع السياسي الراهن، وآخر المستجدات على الساحة الفلسطينية، مؤكداً على أهمية جامعة الدول العربية ودورها في دعم ومساندة القضية الفلسطينية.
حكومة إنقاذ وطني
فيما ألقى راعِ المؤتمر د. عدنان مجلي، كلمة أشار خلالها إلى أنّ القضية الفلسطينية هي القضية الأولى مهما اختلفت الظروف، مضيفاً "صحيح أنّ العالم العربي وجد تنفسها في ظل الظروف الطارئة، ولكن كل هذه الظروف ما هي إلا مؤقتة وطارئة".
ودعا مجلي، إلى تشكيل حكومة إنقاذ وطني وإجراء انتخابات عامة، قائلاً: "انتهزت فرصة وجودي على هذه المنصة لأوصل رسالة لجامعة الدول العربية، آملين خلق أرضية مشتركة بين العرب لحل هذه القضية".
وتابع: "غزّة استثنائية في قدراتها وتحدياتها، لأنّ أهلها واجهوا كل التحديات وهي البلد الأكثر اكتظاظًا ورغم ذلك هي الأكثر ففقرًا، وهناك عقبات كثيرة أمام العمل في غزّة، ولكن هناك فرص أكبر تنتظر أنّ يتم استغلال شبابها أفضل استغلال".
وأضافي مجلي: "نحن هنا على هذه المنصة لمناشدة الساسة وصناع القرار، بأنّ يعكسوا هذه البيئة الصعبة في القطاع، ولا نريد قادة يفكروا في الحرية والاستغلال، ولكن نريد من يهتم بإيجاد الحاضنة للشباب العاطلين عن العمل لكي يرفعوا من شأنهم ويزيد فرص الازدهار في كل المجالات بفلسطين".
وختم حديثه قائلاً: "أطلقت مؤخًرا الكونجرس الفلسطيني الاقتصادي العالمي، وهو عبارة عن شبكة فلسطينية من أجل مساهمة الاقتصاد الحديث في غزة والضفة الغربية".
قضية العرب
من جهته، أكد الرئيس الفخري للمؤتمر، رئيس جامعة الإسراء، د. عدنان الحجار، على أهمية إنعقاد هذا المؤتمر في هذه الظروف، والرسالة التي يحملها.
وقال الحجار، في بداية كلمته: "أهلاً وسهلاً بكم في مؤتمرنا العلمي الدولي الثاني، الذي تنظمه جامعة الإسراء بعنوان:" جامعة الدول العربية والقضية الفلسطينية.. تحديات وفرص، والرامي إلى دعم القضية الفلسطينية وتزخيمها من خلال إعادة الاعتبار لها بخطوات علمية، وبعيداً عن العشوائية والتيه الذي يعتري قضيتنا منذ عقود".
وأردف: "لقد دأبت جامعة الإسراء على الدوام إلى توظيف كل طاقاتها لخدمة القضية الفلسطينية باعتبارها قضية العرب والمسلمين المركزية، وذلك انطلاقًا من مسئوليتها الوطنية وصولاً إلى تحقيق الحلم الفلسطيني الذي قضى على عتباته عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والمعتقلين".
وتابع الحجار: "لقد لاحت فكرة إقامة هذا المؤتمر اليوم في ظل مرحلة نكاد نجزم أنها الأخطر في تاريخ قضيتنا الفلسطينية، سيما في ظل الحديث عن صفقة القرن وانحياز الإدارة الأمريكية الصارخ لدولة الكيان على حساب الحق الفلسطيني الذي كفلته كل الشرائع الدولية، واستمرار الانقسام الفلسطيني الذي أدخلنا وقضيتنا في نفق مظلم، ووفر البيئة الخصبة لكل من يتربص بنا الدوائر".
واستطرد: "لقد حرصت جامعة الإسراء على تأسيس وعي موضوعي يرتكز على سمة تبادل الخبرات في الموضوع البحثي، وكان من ثمار ذلك مشاركة 58 جامعة و27 مركزاً بحثياً موزعين على ست وثلاثين دولة، الأمر الذي يؤكد أن هذه القضية وعلى الرغم كل ما يعتريها من أزمات لازالت حاضرة ببعديها العربي والإسلامي، وهذا يبشر بأن النور الذي أفل لابد له أن يسطع من جديد، وأن هذا الحق لا يمكن له أن يضيع".
وقال الحجار: إنّ "جامعة الإسراء اليوم وإذ تحتضن كل هذه العقول بما تمثله من مخزون علمي وثقافي لتطمح أن ترسم مخرجات هذا المؤتمر خارطة طريق تعيد للقضية الفلسطينية عمقها وألقها، وأنّ تقدم لصناع القرار رؤية جديدة تحصن بها القضية من جديد بعد أن أنهكها تباين الرؤى وتعدد الولاءات".
وعبّر الحجار، عن جزيل شكره للجان المؤتمر المختلفة، الذين لم يدخروا جهداً وعملوا على مدار الساعة للخروج بهذا المؤتمر الدولي في أبهى صوره وسجلوا بعطائهم أعلى درجات الحرص والمسئولية.
حلول خلاقة
من جانبه، قال رئيس المؤتمر، عميد كلية العلوم الإنسانية بجامعة الإسراء د. أحمد الوادية: "ما أجمل أن نلتقي وإياكم اليوم عندما تكون فلسطين قاسماً مشتركاً بين كل المختلفين، وأنّ نجتهد سوياً وبشكل علمي بحثاً عن الحلول الخلاّقة التي من شأنها أن تجمع شتاتنا وتعيد لفلسطين عمقها وللقضية بريقها وألقها".
وتابع الوادية: "عام مضى على عقد مؤتمرنا العلمي الأول وما زال الأمل قائماً بأن مؤسساتنا التعليمية قادرة على القيام بدورها الريادي الذي يشكل طوق نجاة لوطن أنهكته التجاذبات".
وأكمل: "يأتي مؤتمرنا العلمي الثاني في ظل ظروف عصيبة تعيشها قضيتنا بعد أن دخلت قسراً في دهاليز الصفقات المشبوهة، سيما في ظل الانحياز الأمريكي الصارخ لدولة الكيان، والتغيرات الدولية والإقليمية التي انعكست سلباً على القضية الفلسطينية، الأمر الذي يجعلنا جميعاً أمام تحديات جسام ويلقي على عواتقنا واجبات كبيرة أولها وأهمها أن نقدم كل ما بوسعنا جهداً وعملاً للخروج من هذا النفق المظلم".
وأضاف الوادية: "لأنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تنسلخ فلسطين عن عمقها العربي آثرت جامعة الإسراء اليوم أن تستشرف آراء الساسة والباحثين والمهتمين عن أفضل السبل الكفيلة بإعادة تفعيل الدور العربي، حتى لا تقع فلسطين فريسة لاستفراد قوى الشر وذلك من خلال الوقوف على دور جامعة الدول العربية باعتبارها البيت الجامع لكل العرب وصاحبة الوصاية على قضاياهم وهمومهم".
وشكّر العالم الدكتور عدنان مجلى راعي لرعايته المؤتمر، الذي كان على تواصل دائم مع رئاسة المؤتمر ليخرج إلى النور بالشكل الذي يليق بفلسطين وتضحيات شعبها العظيم، موجهاً شكره أيضاً لكل المؤسسات والشخصيات الوطنية وفصائل العمل الوطني والإسلامي لمشاركتهم في افتتاح المؤتمر.
دور تنموي
أكّد ممثل منظمة التعاون الإسلامي في فلسطين، السفير أحمد الرويضي، على ضرورة حل الدولتين ودعم مبادرة الرئيس أبو مازن، وذلك بدعم القيادة الفلسطينية والاعتراف الكامل بفلسطين دولة في الأمم المتحدة، مُتمنياً من المؤتمر بحث دعم صمود أهل القدس، بالإضافة إلى التمكين الاقتصادي ومحاربة البطالة.
وشدّد الرويضي، على أهمية تعزيز الدور الإعلامي ونقل الرسالة الإعلامية للعالم أجمع بأن الاحتلال يحارب ويحاول تدمير الأرض بإشعال حرب دينية، مُشيراً إلى أنّه في حال اشتعلت ستشعل أصابع الجميع.
ولفت الرويضي، إلى ضرورة تعزيز العلاقة بين فلسطين والعالم الإسلامي والتبادل بينهما، والتأكيد على أنّ مدينة القدس هي حقيقة تاريخية للفلسطينيين.
أهداف المؤتمر
بدوره، أكد رئيس المؤتمر، عميد كلية العلوم الإنسانية بجامعة الإسراء، د. أحمد الوادية، على أنّ المؤتمر هدفه إرسال رسائل فلسطينية للعالم أجمع، مفادها أنّ القضية الفلسطينية عادلة، بالإضافة إلى أنّ الكفاح الدبلوماسي لا يقل أهمية عن كل أدوات إدارة الصراع مع الاحتلال.
وأضاف الوادية، خلال حديثه لمراسل وكالة "خبر" على هامش المؤتمر، أنّ المؤتمر يناقش دور الجامعة العربية تجاه القضية الفلسطينية، وفي مقدمة ذلك كيفية استفادة الشعب الفلسطيني من الجامعة العربية، وكيفية استثمارها لتكون رافداً في دعم صمود الشعب الفلسطيني في الداخل، ونقل رسالة الفلسطينيين للعالم أجمع وللمنظمات الدولية عبر المجموعة العربية المتواجدة داخلها.
من جهته، عبّر رئيس اللجنة العلمية بالمؤتمر، أ.د. أسامة أبو نحل، عن تمنياته بالنجاح لمؤتمر جامعة الدولية العربية "تحديات وفرص"، وذلك بعد النجاح الذي حققه المؤتمر السابق الذي عقد العام الماضي لمناقشة دوب الأمم المتحدة تجاه القضية الفلسطينية.
وقال أبو نحل، لمراسل وكالة "خبر": إنّ "مؤتمر اليوم يتناول مواضيع مختلفة، بينها مبادرة السلام العربية والتحديات التي تواجه القضية الفلسطينية على المستويات الإقليمية والدولية".
يُذكر أنّ كلية العلوم الإنسانية في جامعة الإسراء، عقدت العام الماضي في ذات التاريخ 5-6/فبراير/2018 مؤتمرها العلمي الدولي الأول بعنوان "الأمم المتحدة والقضية الفلسطينية – تحديات وفرص" في فندق المشتل بمدينة غزّة أيضاً وسط حضور رسمي وأكاديمي وطلابي واسع.