وجهت الخارجية الروسية، دعوة رسمية للفصائل الفلسطينية لزيارة أراضيها الشهر الجاري، لحضور حوار وطني بهدف بحث ملف المصالحة الفلسطينية، وتبع ذلك وصول وفدي حماس والجهاد الإسلامي بالداخل والخارج إلى القاهرة للقاء المسؤولين المصريين، ومن ثم إجراء جولة خارجية تتضمن حضور حوار موسكو.
الدبلوماسي السابق والباحث الأكاديمي في العلاقات الدولية د. علاء أبو عامر، رأى أنّ علاقة روسيا بالفلسطينيين ممتدة منذ قبل انهيار الاتحاد السوفيتي، مُشيراً إلى أنّ موسكو كانت منطقة جاذبة للفلسطينيين بكافة أطيافهم، حيث إنّ الملف الفلسطيني هو جزء أساسي من ملفات الخارجية الروسية فيما يتعلق بملفات منطقة الشرق الأوسط ككل.
وأضاف أبو عامر، في حوار خاص مع مراسلة وكالة "خبر" الفلسطينية، أنّ روسيا كانت من أوائل الدول التي اعترفت بفلسطين كدولة، وفتحت سفارة فلسطينية في العاصمة موسكو، كما قدمت لها جميع الاحتياجات المطلوبة.
وبيّن أنّ دعوة روسيا للفصائل الفلسطينية، تأتي في سياق محاولة إغلاق الكثير من الملفات في المنطقة، مستشهدًا بالملف السوري ومحاولتها التدخل بالملفين اللبناني والعراقي، بالإضافة إلى علاقة إيران بدول الغرب، وتطبيع علاقتها مع دول الخليج، أيضًا كانت لها علاقة بزيارة الرئيس السوداني عمر البشير إلى سوريا بطائرة روسية وبتكليف من السعودية.
ولفت أبو عامر، إلى أنّ روسيا معنية أيضًا بالشأن الإسرائيلي وباستقرار الوضع الأمني بها، خاصة أنّ لديها ما يقارب المليون ونصف مواطن روسي في إسرائيل، والتي تعتبرهم روسيا ما زالوا مواطنين روس، موضحاً أنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يسعى إلى أنّ يكون للسياسة الروسية الخارجية دور مؤثر في القضية، من خلال الحفاظ على استقرار الوضع في إسرائيل لحفظ أمن المواطنين الروس داخلها.
المصالحة الفلسطينية
قال: إنّ "الخلاف الفلسطيني الداخلي أصبح يؤثر سلبًا على أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط، حيث إنّ غزّة تثير مشكلة في إمكانية الاستثمار بالمنطقة من حيث إمدادات الغاز وباقي القطاعات الاقتصادية، بالإضافة إلى سعي البعض التخلص من ملف القضية الفلسطينية، لكونه متسبب بالتوتر ومثير للإرهاب- على حد زعمهم-، عدا عن وجود حركات تستغله في سبيل تحقيق طموحات معادية للشعب الفلسطيني والمنطقة ككل.
وأشار أبو عامر، إلى أنّ حماس مصرة على شراكة كاملة ما يعني استمرار حصار الشعب الفلسطيني بشكلٍ كامل، فهناك العديد من القرارات المطلوب من حماس والجهاد تلبيتها والتي تتنافى مع فكرهم وسياستهم ومنها الاعتراف بإسرائيل ونزع سلاح المقاومة، فيما تطالب حركة فتح بشراكة تدريجية، بمعنى أنّه لا يمكن طرح برنامج سياسي مختلف نظرًا للظروف الواقعية المحيطة بالمنطقة.
دعوة الفصائل وليس هنية بمفرده
أوضح أنّ الهدف من ذلك هو دفع عجلة المصالحة الفلسطينية، خشية من تطور الأمر إلى إتخاذ قرارات دولية ضد حركتي حماس والجهاد الإسلامي، خاصة أنّ إسرائيل أصبحت دولة معترف بها دوليًا وكقوة عظمى من خلال علاقاتها الاقتصادية، فكان عليها التوجه إلى إنهاء هذا الخلاف للعيش بسلام والوصول إلى مخارج لما هو مطروح من حلول.
وأرجع أبو عامر، السبب وراء استبدال الدعوة للفصائل الفلسطينية، بأنّ ما تم طرحه من قبل الخارجية الروسية أثار حفيظة الخارجية والقيادة الفلسطينية، بالإضافة إلى الرفض الإسرائيلي المعلن لهذه الدعوة، كون دعوة حماس والتعامل معها كطرف رسمي في الحوار يعطيها الشرعية بالاعتراف بها على الساحة الدولية، ما أجبر إسرائيل للتدخل في منع هذه الدعوة، مؤكدًا على أنّ الدعوة تم إلغاؤها واستبدالها بدعوة الفصائل الفلسطينية، حتى لا يتم وضع روسيا في موضع الاتهام والشك.
تعاون مصري روسي
وتوقع أنّ تتعاون البلدين في إتمام الملف كون مصر أكثر دراية بالوضع الفلسطيني الداخلي، مُستبعداً أنّ يكون لدى روسيا خطة جاهزة لإنقاذ الوضع الفلسطيني، إلا إذا كان هناك رغبة من طرف حماس خاصة بعد فشلها في موضوع المنحة القطرية، وفشل جميع الوعود التي انتظرتها.
ونوه أبو عامر، إلى وجود عقبة جديدة تواجه حماس نتيجة للظرف الحالي والأزمة المالية التي تعيشها إيران، بالإضافة إلى أنّ القطريين لديهم إمكانيات محدودة لمساعدة حماس، وبذلك لم يعد لدى الحركة خيارات إلا التوجه نحو إتمام المصالحة الفلسطينية.
كما رجحّ أنّ تشنّ إسرائيل حرباً جديداً على حركة حماس في غزّة، وقد تكون تدميرية بهدف إنهاء حكمها في القطاع، ورهن نجاح المباحثات في موسكو بالإرادة الفلسطينية- الفلسطينية في إتمام ملف المصالحة وإغلاق ملفه نهائيًا، وأيضاً الرغبة في إيجاد قواسم مشتركة بين الطرفين.