حرق الكنائس: نهج وليس مجرد تجاوزات

6_13867_3117
حجم الخط
14 آب 2015


بقلم: أفيعاد كلاينبرغ

رئيس منظمة «لهفاه» بنتس غوفشتاين، يعتقد أنه يجب احراق الكنائس في بلاد اسرائيل. وقد جاءت هذه الاقوال في اطار حلقة بحث في مدرسة ولفسون الدينية. 
ولا يعبر غوفشتاين بهوسه للحرق عن انحراف شخصي – من ناحيته فان حرق الكنائس هو فريضة فعل. 
وحاليا، لا يشاركه الرأي كل المؤمنين، ولا حتى معظمهم. ففي البحث الذي جرى كان رئيس «لهفاه» وحيدا في تقديس هوس الحرق، بينما كان المشاركون الاخرون في شك في ذلك. وعلى زعم غوفشتاين أنه حسب الرمبام هناك واجب للقضاء على العمل الاجنبي في البلاد المقدسة، رد احد المشاركين بأن في هذه الايام لا ينطبق مثل هذا الواجب وان الفقه (بما في ذلك تفسير فتاوى القدماء) يتقرر حسب المفتين وليس من قبل «العامة الشباب» (مثل غوفشتاين).
سهل، إذن رد الاقوال بصفتها شاذة واعتبار افعال التنكيل المتواصلة برجال الكنيسة والكنائس في البلاد تعبيرا عن فكر «الاعشاب الضارة». 
لشدة الاسف قد تكون هذه الاعشاب ضارة، ولكنها تتغذى من ارض خصبة، اذا لم يطرأ تغيير في موقف المفتين، فان مواقف غوفشتاين وأمثاله ستصبح مركزية أكثر فأكثر.
تظهر هذه الامور في بحث اجرته كرما بن يوحنان، التي تنهي هذه الايام رسالة دكتوراة تحت اشرافي. بن يوحنان، التي تعنى بالعلاقات بين اليهود والمسيحيين في البلاد في اليوبيل الماضي، تشير الى تغيير خطير في معاملة الاغيار بشكل عام والمسيحيين بشكل خاص.
من المهم الاشارة الى أنه يكاد يكون كل المفتين المركزيين عرفوا ويعرفون المسيحية كـ «عمل اجنبي». من هذه الناحية فان مكانتها الفقهية أسوأ من مكانة الاسلام. صحيح أن المسلمين هم العدو الاخطر لشعب اسرائيل اليوم، ولكن الفقه يقبل كونهم يعبدون الها واحدا، وليس كالمسيحيين عبدة العمل الاجنبي.
في الماضي وجدت سبل فقهية، ولا سيما في الجاليات التي كانت تعيش بين المسيحيين، لاعفاء الاخيرين من القوانين التي تطالب بالقطيعة التامة عن عبدة العمل الاجنبي و»القضاء عليه» بقدر ما يكون الامر ممكنا. وبشكل عام عللت الامور بمبررات براغماتية: كون اليهود ضعفاء، فانهم يضطرون الى التعامل مع المسيحيين باحترام وبتسامح، ليس لان دينهم جدير بالاحترام بل «بسبب السبل السلمية». ولكن في العقود الاخيرة اخذ بالتعاظم في دوائر عديدة الفهم بأن شعب اسرائيل مرة اخرى لا حاجة لان يخشى ما يقوله الاغيار.  فاليهودية «الحقيقية» لا تساوم ولا تعتذر. وعندما تكون يد اسرائيل حازمة، لا تكون حاجة للاعتبارات السياسية و»محظور علينا ان نسمح لغير يعبد عملا اجنبيا بيننا».
«التسامح في الوعي اليهودي الحاخامي»، كتبت بن يوحنان تقول: «يرتبط ارتباطا وثيقا بالمنفى، وكون اليهود أقلية تخضع لرحمة المسيحيين. ليس هناك في اليهودية الفقهية تسامح مصدره قبول مبادىء الاخر. وعلى أي حال، فان السيادة ليهودية تعبر عن نفسها بيد قاسية تجاه الاقليات الدينية وليس بالحرص عليها».
وحتى الحاخامين الذين يحاولون تشجيع مواقف متسامحة يفعلون هذا دوما تقريبا انطلاقا من المبررات السياسية القديمة: يد اسرائيل ليست شديدة بما يكفي بعد. واجب علينا الحذر تجاه كرامة الاغيار خشية رد الفعل الشديد من جانبهم. وحاليا مسموح سلب اراضي المسلمين، وعندما تكون يد اسرائيل حازمة سيكون ممكنا – وجديرا ايضا القضاء على العمل الاجنبي المسيحي من البلاد.
اليهودية في بلاد اسرائيل هي منظومة معتقدات ترى في التصلب الفقهي والايديولوجي قيمة مقدسة، وهي ترى «في الحرص على الخفيف مثلما على الجسيم» تعبيرا على التمسك بالحقيقة، بينما «في الخفيف» ترى ضعفا. 
هذا النهج وجد تعبيره في كل مجالات الحياة، وهو ينغص حياة عديمي القوة الفقهية، في مجال العلاقات بين اليهود والاغيار نجده خطيرا على نحو خاص. طالما يرفض أصحاب الفقه ان يروا في قبول الاخر واجبا فقهيا واخلاقيا، طالما كانوا شركاء في النهج المستخف والمستهتر تجاه كل من ليس يهوديا، وطالما ابدوا تسامحا ضمنا أو صمتا تجاه العنف بالنسبة للاغيار، سيوجد كثيرون لن ينتظروا فتوى صريحة، بل سيفعلون فعلة بنحاس.

عن «يديعوت أحرونوت»