"أشعر بألمٍ كبير في وجهي وأسناني، وحلمي أنّ أذهب إلى المدرسة مع صديقاتي كغيري من البنات، وأنّ أعود لحياتي الطبيعية دون أنّ أواجه تعليقات على شكلي"،وبهذه الكلمات التي يملأها الحزن ونظراتها الدامعة، وضجيج المرض الذي يسير في جسدها.
بدأت الطفلة مريم ظاهر البالغة من العمر 13عاماً، من منطقة عزبة عبد ربه شمال غزة المصابة بورملمفاوي دموي، يستقر في الجزء الأيسر من وجهها، برواية قصتها عن المرض الذي أصابها منذ الولادة.
وخضعت مريم للعديد من العمليات لإزالة الأورام المتفشية في وجهها ومعدتها في العديد منالمستشفيات المصرية والاسرائيلية، لكن بائت العمليات بالفشل، وبعد تشخيص حالتها عند متخصصين في أحد مستشفيات دولة الأمارات، تبين أن علاج الأورام هي حقن متواجدة في كل من ألمانيا وهولندا، يبلغ ثمن كل حقنة "800" دولار، مما أجبر والدها إلى رجوع إلى غزة، وذلك لعدم توفر ثمن الحقن الذي يكلف 34 ألف دولار.
وتروي مريم معاناتها وملامح الحزن التي ترتسم على وجههاوتشتكي من الأشخاص والأطفال الذين يستهزؤون من انتفاخ وجهها وتقول: " عندما دخلت المدرسة لأول مرة، قالت المديرة لوالدي منظر أبنتك هذا لا يدخلهاالمدرسة، وأصبحت أبكي وانتابني الخوف والحزن حيث وافقت المديرة لي على دخول المدرسة، وفي ذات اليوم تفاجأت بأن الطلبة أصبحوا يستهزؤون بمنظري ويشتموني وابتعدت عنهم والمعلمة قالت ألي أذهبي إلى البيت ".
وتابعت مريم: "كنت جالسة في غرفة البيت بمفردي وبشكل مفاجئ أصبح لدي نزيف من أنفي في مكان الورم وحينها لم أتوقف عن البكاء ولم أخبر أحد من عائلتي بحدوث النزيف وجلست بمفردي ورفعت يداي ودعوت الله أنّ يشفيني من المرض حتى أعود إلى حياتي من جديد".
وتضيف: أنا أريد أن أتعالج ويختفي المرض من صدري ومن وجهي، وكثير من الأطفال شاهدتهم على التلفاز تعالجوا من الأمراض التي أصابتهم، لماذا أنا لم أعالج؟ ولم ينظر أحد إلى حالتي.
وتسترجع مريم ذكرياتها قائلةً: " في ذات الأيام وأثناء فترة النوم جاءني حلماً أني جالسة مع عائلتي وتعافيت من المرض وعدت إلى حالتي الطبيعية، وسرعان ما أقام لي والديّ حفلة في المنزل فرحاً وابتهاجاً بشفائي، لكن كان مجرد حلم وعندما استيقظت من النوم ذهب كل شيء".
وتستكمل مريم فصول قصتها معبرة عن أمالها وأحلامها البسيطة قائلةً:"عندما أتعالج من المرض أريد من أمي وأبي أن يعملوا لي حفلة في البيت ويقدموا لي الهدايا حتى يزول الحزن الكبير الذي بداخلي وتعود الفرحة لأنسى كمية الألم الذي عشته، وبتمني أكون مثل البنات والأطفال ويكون لي صديقات لايستهزؤون في مظهري، بسبب انتفاخ وجهي بسبب الورم الدموي".
وبكل قوة وعزيمة وتحدي تقول مريم: "أتحدى المرض وعندي أصرار على الشفاء من المرض والخلاص من الأورام التي تملأ جسدي".
وتطالب مريم كافة الجهات الخاصة والمسؤولين وأصحاب القلوب الرحيمة والمؤسسات الدولية لنظر إلى مرضها لمساعدتها في وتحويلها إلى دولة أجنبية لمعالجتي من هذا المرض أو بتوفير تكاليف كافة مستلزمات العلاج.
وتبقى حكاية مريم ومعاناتها قائمة ومستمرة،ويشهدعلى ذلك انتفاخ وجهها وصعوبة نطقها للكلام،ولترسم مريم بصغر سنها نموذجاً من الصبر والعزيمة ومحاربة للمرض، ولم تكن مريم هي فقط الطفلة الوحيدة التي تعاني من مرض بل هناك عشرات الأطفال في قطاع غزة يعانون من حرمان في السفر وعدم توفير الأدوية الكافية لعلاج أمراضهم التي تحرمهم من براءة طفولتهم.