قال الخبير العسكري بصحيفة "إسرائيل اليوم" يوآف ليمور، إنّ حكومة نتنياهو الرابعة تركت لوريثتها الخامسة وضعاً أمنياً مريحاً نسبياً، لكن أيضاً بعض المشكلات والمسائل التي لا يمكن تأجيلها، وتتطلب حالياً معالجة وردّاً مركّزين.
وأضاف:"هذان سيتقرران إلى حدّ كبير أيضاً وفق هوية وزير الأمن الجديد: على افتراض معقول أنّه سيكون من الصعب على نتنياهو، لأسباب ائتلافية وحزبية، الاستمرار في الاحتفاظ بحقيبة الأمن، ومدى استقلالية وزير الأمن الجديد سينعكس مباشرة على صورة الجيش وعلى الطريقة التي سيواجه فيها التحديات الأمنية في المنطقة".
غزّة
وأردف: "غزة بعد سنة عاصفة وقبل لحظة من الانفجار، جرى التوصل قبل أسبوعين إلى تهدئة، بعد إطلاق صواريخ على غوش دان وعلى موشاف مشميرت، واستنزاف يومي لغلاف غزة، وفرض تدخلاً أجنبياً مكثفاً مصرياً في الأساس، وأيضاً من جانب الأمم المتحدة وقطر".
وتابع: "لكن ما تم التوصل إليه عبارة عن دواء تخديري فقط. مشكلات غزة عميقة ومتجذرة. البطالة مرتفعة جداً، والبنى التحتية تنهار، واليأس في ذروته، حيث تخاف حماس من وقوع مواجهة، لكنها تخاف أكثر من شعبها الذي يبدي علامات متزايدة تدل على الضيق والضائقة. وفي ظل غياب القدرة على إيجاد حلول، من المعقول أن تعود الحركة مجدداً إلى تحدي إسرائيل، في محاولة للدفع قدماً بتسوية واسعة تشمل إعادة إعمار عميقة للقطاع".
وبيّن أنّ "إسرائيل" وافقت على مثل هذه التسوية شريطة أنّ تتضمن نزع السلاح وهي خطوة من المشكوك أن توافق "حماس" عليها، وسيكون البديل العودة إلى القتال رغم محاولة الطرفان الامتناع عنها، مُشككاً في إمكانية الحفاظ على ذلك لوقت طويل.
وأشار إلى أنّ "نتنياهو" حصل على أغلبية ساحقة في مختلف المدن القريبة من غزة: "سديروت، أشكلون، نتيفوت، أوفاكيم"؛ لكّنها ستطلب منه الآن تحقيق الأمن.
وأوضح أنّه من الأفضل أنّ تبلور الحكومة الجديدة لأول مرة، استراتيجية شاملة للقطاع الأمر الذي سيضمن تحقيق الأهداف، وعلى رأسها قرار يتعلق بـ"حماس" سواء اعتبارها سلطة شرعية أم هدف يجب إسقاطه.
إيران
رأى الكاتب "الإسرائيلي" أنّ إعلان الولايات المتحدة يوم الإثنين الماضي، أنّ الحرس الثوري الإيراني هو تنظيم إرهابي يزيد الضغط على طهران، مُبيّناً أنّها محاولة أُخرى لعزل إيران، ودفْعها إلى نقطة الحسم، حيث سيكون المطلوب منها أنّ تختار إمّا البقاء وحيدة ومنبوذة، وإمّا أنّ تتنازل ليس فقط عن المشروع النووي، بل أيضاً عن مشروع الصواريخ البعيدة المدى، وعن نشاطها المكثف لنشر الإرهاب في المنطقة.
وأضاف: "على الرغم من الضغط، إيران صامدة، ويبرز نشاطها بحجوم متعددة في اليمن، والعراق، وسوريا، ولبنان وغزة، في السنوات الأخيرة استغلت إسرائيل الحرب الأهلية في سوريا لمحاربة مساعي إيران للتمركز فيها وإقامة قاعدة متقدمة، لكنها اليوم مضطرة إلى فحص سياستها من جديد بطريقة تسمح لها، من جهة، بالمحافظة على حرية نشاطها التشغيلي، ومن جهة أُخرى، بمنع حدوث تعقيدات لا ضرورة لها في الأساس مع روسيا، وطبعاً مع حزب الله في لبنان".
واستدرك: "هذا خط دقيق يمكن أحياناً أنّ ينزلق إلى اشتباكات علنية، وكما في الماضي، نتائج اللعبة سيحددها تضافر الاستخبارات والقدرة العسكرية، مع غطاء استخباراتي- اقتصادي - إعلامي. ثمة شك في نجاح إسرائيل في إبعاد إيران تماماً عن القطاع الشمالي، لكن التحدي هو أن تبقى إيران في المستقبل أيضاً ضعيفة، من دون قواعد وقدرات، بعيداً عن الحدود".
الضفة الغربية
قال: "حافظت الضفة الغربية في السنوات الأخيرة على هدوء نسبي على الرغم من حدوث عدد غير قليل من الأحداث التي هددت بإشعالها من جديد عقب انتقال السفارة الأميركية إلى القدس، والوضع في قطاع غزة وسعي حماس الدائم لشن هجمات انطلاقاً منها"، لافتاً إلى أنّ الجمهور الفلسطيني أظهر اهتماماً قليلاً بالموضوع السياسي عامة، ومشغول بالحياة نفسها، وفي الأساس بمصدر الرزق.
صفقة القرن
اعتبر ليمور أنّ الصفقة التي من المفترض أن تُعرض قريباً، يُمكن أنّ تُغيّر الوضع، حيث سيكون وقعها في الجانب الفلسطيني بمثابة نهاية أبو مازن، ومن المنتظر أنّ يقسّم الصراع على وراثته الشارع الفلسطيني، أما في الجانب "الإسرائيلي" وبعد سنوات من الجمود، سيكون المطلوب مجدداً إجراء نقاش حقيقي لمسائل الحل المرغوب فيه في الضفة الغربية، على خلفية وعد نتنياهو في الانتخابات بضم المستوطنات اليهودية الواقعة وراء الخط الأخضر.
وأوضح أنّ التحدي الأمني سيكون اجتياز هذا كله من دون ارتفاع حاد في حجم الهجمات ومن دون ثورة شعبية، مُشيراً إلى أنّها هذه المهمة غير بسيطة إذا ما اختفت السلطة الفلسطينية، لأنّه سيكون مطلوب من إسرائيل الحفاظ على التنسيق مع أجهزة الأمن الفلسطينية، وتقديم أفق اقتصادي للمواطنين، لإبقاء أغلبيتهم خارج دائرة العنف.
الميزانية
بيّن الكاتب "الإسرائيلي" أنّ الحكومة المنتهية ولايتها منحت استقراراً غير مألوف للجيش وللمؤسسة الأمنية، وذلك بعد سنوات طويلة عمل خلالها الجيش من خلال ميزانية ثابتة، سمحت له بتحقيق الخطة المتعددة السنوات "جدعون" بالكامل، وكانت النتيجة مزيداً من المشاريع، ومن المخزون والتدريبات.
ولفت إلى أنّ الجيش يعمل على وضع خطة جديدة متعددة السنوات للأعوام الخمسة المقبلة، لكّنها يجب أنّ تبدأ في السنة القادمة، موضحاً أنّ تحقيقها مرتبط بإطار الميزانية التي ستتطلب التوصل إلى اتفاقيات جديدة مع وزارة المالية، وهذا سيتقرر بناء على القوة السياسية لوزيري الأمن والمالية، والوضع الاقتصادي.
وختم حديثه بالقول: "بالاستناد إلى الأرقام، وعلى خلفية العجز الكبير الذي تركته الحكومة المنتهية ولايتها، ستضطر الحكومة الجديدة إلى القيام بتقليصات مؤلمة في الميزانية بما فيها الأمن، وذلك سيعقّد حياة الجيش، ويمكن أنّ يعيد الوضع الذي كان موجوداً عشية عملية الجرف الصامد أي الحاجة إلى وقف التدريبات، أو وقف زيادة القوة".