آثار تداول نشطاء التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام المحلية أخبار الحدث الأمني الأخير في شمال قطاع غزّة، موجة غضبٍ كبيرة في صفوف الجهات المسؤولة، وذلك نظراً لانتشار معلومات غير دقيقة تُربك الرأي العام المحلي.
حالة من التهافت على نشر الأخبار يبدأها النشطاء وبعض الصفحات مع كل حدث أمني في غزّة، وما أنّ تتضح الرؤية ويُرفع النقاب عن تفاصيل الحديث يتفاجأ المواطنين بأنّ ما تم نشره عبر صفحات التواصل الاجتماعي ما هي إلا مجموعة من روايات مغلوطة وخيالات واسعة مؤلفها يبحث عن شهرة مزيفة كأخباره.
وأدى الحدث الأمني الأخير الذي وقع في شمال قطاع غزّة إلى موجة غضب كبيرة لدى المواطنين، حيث إنّه في الوقت الذي حجبت فيه وسائل الإعلام العبرية أي أنباء حول الحادثة، وأيضاً عدم إصدار الجهات الرسمية في غزّة أي معلومات عن تفاصيل الحدث، امتلأت صفحات بعض النشطاء والإعلامين بروايات ومعلومات زعموا صدقها، فالبعض أقر أنّ جيش الاحتلال تكبد خسائر فادحة في صفوفه، والبعض الآخر نشر بيانات شهداء ليكتشف ذويهم فيما بعد أنهم أحياء، ما دفعَ المكتب الإعلام الحكومي إلى مطالبة الصحفيين والنشطاء بتزويده ببيانات الصفحات والنشطاء الذين تسببوا بحالة الفوضى.
وبالحديث عن أسباب انتشار الظاهرة، قال رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في غزّة، سلامة معروف: "من خلال المتابعة للحدث الأخير وأحداث أخرى، تبيّن أنّ هناك مجموعة من المسببات أدت لذلك بينها جزء مرتبط باستهداف محدد ومقصود من قبل الاحتلال بشكلٍ مباشر، أو من قبل شخصيات متوافقة مع أجندة الاحتلال "الطابور الخامس"، وفق ما أسماهم.
وأشار معروف في حديثٍ خاص بوكالة "خبر" إلى أنّ الأغلبية العظمى تعود إلى الجهل بقواعد ومحددات النشر الإلكتروني وعدم التحلي بضوابط المهنة الإعلامية، التي تحددها المصداقية والموضوعية وتحري الدقة.
وأضاف: "انطلاقاً من قناعتنا بأنّ هناك جزءًا مخطط ومقصود لإثارة الفوضى عبر مواقع التواصل الاجتماعي يقف خلفه الاحتلال، وجزء آخر وهو الأكبر يعود إلى عدم الدراية والوعي بضوابط ومحددات النشر الإلكتروني، فإنّ علاج هذه الظاهرة لن يقتصر على الجانب القانوني والملاحقة عبر النيابة العامة فقط، بل نُجري مُنذ عامين عمليات توعية وتثقيف وإرشاد، حيث كان لنا في في هذا الإطار أربع حملات توعية إلكترونية وآخرها نهاية عام 2018، بالإضافة إلى اللقاءات التي أُقيمت في كافة الجامعة الفلسطينية مع طلبة الإعلام لتوعيتهم وإرشادهم، عدا عن عدة جلسات عمل وورشات نقاش خاصة مع المحررين والمختصين في الشؤون الإسرائيلية للحديث عن ذات الموضوع".
وأكّد معروف على أنّ وزارة الإعلام تُتابع هذه الحوادث بشكلٍ مستمر، حيث تواصلت مع عد من النشطاء لتوضيح تأثير ما يتم نشره، لافتاً إلى أنّ الوزارة تنشر مع كل حدث أمني تعميمات واضحة وصريحة تُركز على ثلاث محددات، متمثلة في: "عدم النشر بيانات الشهداء والجرحى إلا بعد إعلانها من الجهة الرسمية المختصة، وفيما يتعلق بتفاصيل الأحداث الأمنية التأكيد على أهمية عدم النشر في هذا المجال إلا بعد إعلان الجهات المعنية، وأيضاً تحري الدقة والحذر في نقل معلومات الإعلام العبري".
وبيّن أنّ هذه المحددات هي التي تحكم عمل وزارة الإعلام في موضوع التوعية والتثقيف والإرشاد الخاص بالنشر الإلكتروني، مضيفاً: "بذلنا على مدار العامين جهود كبيرة، وندرك تماماً أنّ المسارات يجب أن تكون متوازية بموضوع المتابعة والملاحقة القانونية خاصة مع من يصر على تكرار التجاوزات، أو موضوع التوعية والإرشاد".
وفيما يخص تعميم الإعلام الحكومي بالإبلاغ عن الحسابات التي روّجت للإشاعات خلال الحدث الأمني الأخير في شمال غزة، قال معروف: "جاء البيان لتوسيع دائرة المُشاركة المجتمعية نظرًا لحالة الفوضى الكبيرة التي غزت مواقع التواصل الاجتماعي من أخبار زائفة وغير دقيقة، بالإضافة إلى أنّ حالة الشجب والاستنكار من كافة فئات المجتمع لهذه الحالة دفعتنا لإصدار هذا البيان لإشراك المواطنين في تحديد الصفحات والحسابات التي تجاوزت المحددات والضوابط المهنية".
وبسؤال معروف "إنّ كانت قلة المعلومات في أيدي الصحفيين سبباً في انتشار هذه الظاهرة"، أجاب: "الأحداث التي تتوفر لدينا معلومات كافية عنها نجتهد في إصدار رواية مكتملة التفاصيل للمواطنين"، متسائلاً: "في مثل الحدث الأمني الأخير الذي وقع في شمال قطاع غزّة، ما هي الرواية المُفترضة في ظل عدم امتلاكنا أي معلومات نظرًا لطبيعة الحدث الفردي الذي لا يعلم تفاصيله أحد إلا الاحتلال؟".
وتابع: "ما نُشر من معلومات مغلوطة ورايات زائفة تم تمريرها للمواطنين في ظل عدم نشر الجهات الرسمية أي معلومات عن تفاصيل الحدث، وتكتيم الإعلام العبري عن ما يجري، أثار لدينا تساؤل عن الجهة التي تقف خلف هذه الروايات، وأهدافها من حالة الفوضى والإرباك التي أحدثتها الأنباء المغلوطة".
وختم معروف حديثه بالتأكيد على أنّه سيتم رفع كشف بأسماء الحسابات والصفحات التي روجت وأثارت الفوضى خلال الحدث الأمني إلى النيابة العامة، والتي بدورها ستتخذ الإجراءات القانونية بحقهم وفق الأصول.
يُذكر أنّ وزارة الصحة أعلنت صباح أمس، استشهاد ثلاث مواطنين خلال اشتباك مسلح مع قوات الاحتلال شمال قطاع غزّة، وذلك في وقتٍ سبقه إعلان بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي أسماء خمس شهداء قبل انتهاء الحدث، ما أدى لإحداث حالة من الفوضى في صفوف المواطنين وذوي المعلنة أسمائهم.