بقلم: أسرة التحرير
نحو ثلاثة أيام بقي على حل الكنيست، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يدير رأس الجمهور الإسرائيلي لاقتراحاته العابثة، بالاتهامات التي يلقى بها في كل صوب وبحكايات عن أوقات طوارئ أمنية استثنائية من جهة وفرص سياسية لمرة واحدة من جهة أخرى. في لحظة يروج نتنياهو لحكومة وحدة، وبعد لحظة من ذلك يدعو إلى إجراء انتخابات مباشرة لرئاسة الوزراء... كل هذا رغم حقيقة أن محافل قانونية أوضحت أن هناك صعوبة قانونية في تغيير مواد بالقانون الأساس: الحكومة من جانب الكنيست حلت منذ الآن.
نتنياهو غير قادر على أن يتحمل المسؤولية عن الطريق المسدود الذي دفع إليه دولة إسرائيل بسلوكه الفاسد ظاهراً وبإصراره عديم الكوابح لمواصلة التمسك بكرسيه بكل ثمن. رئيس الوزراء يفضل أن يلقي اللائمة في أنه لا توجد حكومة على حزب أزرق أبيض. كل هذا في ظل التجاهل الفظ لحقيقة أن رئيس «أزرق أبيض» بيني غانتس، ورفاقه في القيادة وعدوا الناخبين ألا ينضموا إلى حكومة برئاسة متهم جنائي. نتنياهو يواصل نثر الأكاذيب – «في الأسابيع الأخيرة قطعت شوطاً طويلاً، لم أوفر أي جهد كي أشكل حكومة وحدة وأمنع انتخابات زائدة» – وكل هدفها السماح له أن يكون الأول في التناوب وضم كل تجمع اليمين إلى الحكومة.
يتصرف نتنياهو كمّن لم يعد يتمكن من التمييز بينه وبين الدولة وبين مصيره ومصيرها. على حد قوله، فإنه أشرك بسخائه الجم رؤساء حزب أزرق أبيض في «مادة استخبارية وسياسية حساسة جداً»، وكأن اطلاع المعارضة على وضع الأمة هو بادرة طيبة سخية في المفاوضات الائتلافية. يتبجح نتنياهو بأنه تحدث مع الرئيس الأميركي عن «فرص تاريخية» وبأنه بحث مع وزير الخارجية مايك بومبيو، عن ضم غور الأردن – وبعد ذلك ينشر نفي عن مساعد بومبيو لشؤون الشرق الأوسط، ديفيد شينكر: «يمكنني أن أقول لك إنه لم تكن خطة ضم، كاملة أو جزئية، لأي جزء من الضفة الغربية، عرضتها إسرائيل على الولايات المتحدة في هذا اللقاء. فالموقف طوال السنين للولايات المتحدة هو أن كل قرار نهائي بشأن المناطق سيتقرر بين الطرفين».
يخيل أكثر من أي شيء آخر أن الأرانب في القبعة المثقوبة «للساحر» نتنياهو أخذت في النفاد، ولم تتبق سوى أحابيل عليلة، تأتي لتكون ضجيج خلفية، قد تنسي الجمهور حقيقة أنه يقف على رأس حكومة إسرائيل شخص يتهم بالجنائي في ثلاثة ملفات مختلفة. من الأفضل أنه بدلاً من مواصلة بذل الطاقة بطرق جديدة لذر الرماد في عيون الجمهور أن يبدأ نتنياهو في الاستعداد لاعتزاله الساحة السياسية – في صالح دولة إسرائيل أساساً، ولكن أيضاً من أجل إنقاذ القليل مما تبقى له من كرامة.
عن «هآرتس»