قررت سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" في نهاية عام 2019، السماح بتصدير العديد من المنتجات والسلع الفلسطينية من قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم -جنوب القطاع- باتجاه إسرائيل وأوروبا والخليج العربي، فيما سمحت بإدخال العديد من السلع المحظورة إلى القطاع، وعلى وجه التحديد باصات النقل العامة وإطارات السيارات التي كانت مصنفة تحت بند "الاستخدام المزدوج"، وذلك ضمن ما أسمته بـ"التسهيلات الاقتصادية".
وتأتي التسهيلات، كجزء من دخول التفاهمات التي أُعلن عنها بين حماس وإسرائيل بوساطة مصر والأمم المتحدة حيز التنفيذ، في أعقاب إعلان الفصائل الفلسطينية المشرفة على الهيئة العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار في 26 ديسمبر الماضي إعادة تقييمها؛ لتصبح شهرية بدءًا من مارس المقبل.
في السياق ذاته، تنفي حركة حماس وجود أي تفاهمات "تهدئة" مع الاحتلال، وتُؤكّد على أنّ الحديث يدور حول تفاهمات تعود للعام 2014، تمت بموافقة كل فصائل العمل الوطني والإسلامي، وفقاً لحديث القيادي في حركة حماس إسماعيل رضوان لـ"وكالة خبر" في وقتٍ سابق.
تسهيلات بـ"القطارة"
أعلنت وسائل إعلام إسرائيلية، يوم الثلاثاء، زيادة عدد التجار الغزّيين، الذين ستسمح لهم بالدخول إلى إسرائيل، مُشيرةً إلى أنّ الاحتلال سيسمح لـ500 تاجر آخرين بالخول إلى إسرائيل في الأيام القادمة.
وأكّدت على أنّ هذا القرار جاء بتعليمات من القيادة السياسية، نتيجة الهدوء الذي شهدته الحدود مع غزّة خلال الأيام الأخيرة الماضية.
وبشأن زيادة أعدد التجار المسموح لهم بالدخول إلى إسرائيل، رأى مدير عام التخطيط والسياسيات في وزرارة الاقتصاد الوطني بقطاع غزّة أسامة نوفل، أنّ "هذه الخطوات يتخذها الاحتلال للترويج لنفسه؛ لكنّها غير مجدية نظرًا لمحدوديتها إذا ما تمت مقارنتها بحجم المأساة داخل قطاع عزّة".
وشدّد في حديثٍ خاص بوكالة "خبر" على أنّه في حال استمرار الاحتلال بالإفراج عن العقوبات عن غزّة "بالقطارة" -على حد وصفه-، فإنّ القطاع سيحتاج إلى عدة سنوات لتخفيف الحصار المفروض عليه.
أسلوب ملتوي
أوضح أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر بغزّة، د. معين رجب، أنّ "إسرائيل تتبع أسلوب ملتوي في التعامل مع عمال قطاع غزّة؛ وذلك بإدراجهم ضمن فئة التجار؛ لكنّها في نفس الوقت لا تمنحهم حقوق التجار؛ ولذلك تتم ملاحقتهم من قبل شرطة الاحتلال".
كما أكّد رجب خلال حديثه لـ"خبر" على ضرورة عدم خلط التعامل بين العمال والتجار، مُبيّناً في ذات الوقت أنّه يتعين على هيئة الشؤون المدينة بذل المزيد من الجهود؛ لتجبر إسرائيل على السماح للعمال بدخول تحت مسمى "عمال" أُسوةً بالضفة الغربية، وأنّ يسرى عليهم تشريعات العمال لحفظ حقوقهم.
ولفت إلى ضرورة زيادة أعداد عمال قطاع غزّة، كما الضفة التي يبلغ عددها عمالها داخل إسرائيل حوالي 200 ألف عامل، مُضيفاً: "500 و5000 ألاف عامل عدد قليل جدًا مقارنة بعدد العاطلين في القطاع الذي يصل إلى نحو ربع مليون عاطل عن العمل".
واعتبر رجب أنّ الأمر مرهون بـ"إسرائيل"، التي قد تتنصل في أي وقت من التسهيلات التي تُقدمها؛ لذلك لا يمكن الاطمئنان لها.
تسهيلات غير مضمونة
وتعقيباً على التقارير الدولية التي تحدثت عن نمو اقتصادي متوقع في قطاع غزّة نتيجةً للتسهيلات، قال رجب: "إنّ اقتصاد غزّة هش، وأي تحسينات لأوضاعه مفيدة، لكنّها غير كافية لإحداث نمو حقيقي في اقتصاد القطاع الذي يُعاني من وجود ربع مليون عاطل"، مُنوّهاً إلى أنّ أي حراك اقتصادي، سيؤدي لنسب نمو ضئيلة لا يمكن وصفها بـ"المؤثرة".
من جانبه، بيّن نوفل أنّ الآلية التي يتبعها الاحتلال، لن تؤدي إلى إحداث نمو اقتصادي، مُردفاً: "لكنّ إذا طُبقت التفاهمات التي تشمل السماح بدخول آلاف العمال للعمل داخل إٍسرائيل، وإنشاء مناطق صناعية حدودية تؤدي لتشغيل آلاف لعمل، بالإضافة للسماح بإدخال المواد الخام الممنوعة إلى القطاع وتصدير السلع من قطاع غزة؛ يُمكن الحديث عن نموٍ اقتصادي حقيقي".
ذرائع أمنية
وبالحديث عن المعيقات التي تُواجه البضائع المُصدرة من قطاع غزة عبر معبر كرم أبوسالم، رأى مدير العلاقات العامة والإعلام بغرفة تجارة وصناعة محافظة غزّة، ماهر الطباع، أنّ "إعادة عملية التفريع والتحميل عدة مرات بمعبر كرم أبو سالم، تؤثر على جودة المنتجات المصدرة خصوصاً الزراعية، وأحيانًا الصناعية".
أما رجب فقد اعتبر أنّ الرقابة تأتي تحت ذرائع أمنية ولكنّها في الحقيقية معيقات، لافتاً إلى أنّ إسرائيل تستطيع أنّ تضع ضوابط واضحة يتم إعلام التجار ورجال الأعمال وهيئة الشؤون المدنية رجال الأعمال بها وتكون قابلة للتنفيذ.
وقال الطباع لوكالة "خبر": "إنّ عملية التفريغ والتحميل أكثر من مرة تُؤثر على الفائدة الخاصة بالمُصدر الفلسطيني من وقت خروج البضاعة من الجانب الفلسطيني إلى الجانب الإسرائيلي"، مُوضحاً أنّ هذه المعيقات تحد من عمليات التصدير حال استمرارها؛ لأنّه لا يوجد حافز يُشجع المصدرين على الاستمرار بالتصدير خارج القطاع.
كما شدّد الطباع على أهمية ضمان حرية حركة البضائع عبر معبر كرم أبو سالم والسماح بتصدير كافة المنتجات الصناعية والتجارية والزراعية لأسواق الضفة الغربية دون قيود أو شروط.
وتتلخص المعيقات التي تواجه الشاحنات المُصدرة من معبر كرم أبو سالم، بأنّ المعبر غير مؤهل ما يؤثر سلباً على جودة المنتج وسلامة الصحة الغذائية؛ وذلك لعدم وجود أماكن مخصصة للبضائع، لذلك تبقى معرضة للشمس ساعاتٍ طويلة غير مبردة، وفي الشتاء تُعاني من الصقيع والمطر والبرد، بالإضافة إلى ارتفاع المسافة ما بين الأرض والطلبية إلى 160 سم، ما يزيد من التكلفة على المزارعين والنقل، عدا عن فحص الشاحنات أمنيًا خلافًا للفحص الآلي إضافةً إلى استخدام الكلاب.