بدون سابق إنذار، أغلق بنك القاهرة - عمان، الحسابات البنكية لعدد من الأسرى وذويهم دون إبداء أيّ أسباب، الأمر الذي أوجد حالة من الرفض والصدمة في الشارع الفلسطيني وعلى منصات التواصل الاجتماعي، بسبب انصياع بنوك وطنية فلسطينية للضغوط الإسرائيلية.
وكان مسؤول عسكري إسرائيلي سابق، قد أعلن الشهر الماضي عن تشريع جديد سيدخل حيز التنفيذ في التاسع من الشهر الجاري 2020/59م، سيحظر بموجبه على البنوك الفلسطينية، التعامل مع رواتب الأسرى، وإلا ستجد نفسها عرضة لسلسلة من التدابير والعقوبات القاسية، قد تصل حد رفع دعاوى ضدها.
مخالف لشروط الترخيص
بدوره، قال المتحدث باسم هيئة شؤون الأسرى والمحررين حسن عبد ربه: "نرفض ونستهجن القرار؛ لأنّ البنوك العاملة في الأراضي الفلسطينية تعمل بموجب تصاريح صادرة عن السلطة الوطنية الفلسطينية وتُزاول عملها أيضًا وفق سياسية سلطة النقد التي تنظم عمل البنوك والمصارف المالية".
وأضاف عبد ربه خلال حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "رضوخ بنك "القاهرة- عمان" للتهديدات الإسرائيلية التي أتت من خلال تعديل الرقم 65 للأمر العسكري 1827 لعام 2020، والذي اعتبر بموجبه الرواتب التي تُقدم للأسرى الفلسطينيين عبر البنوك هي دعم للإرهاب، وبالتالي يجب إغلاق هذه الحسابات البنكية تحت طائلة المسؤولية بالسجن والغرامات والمطالبة بالتعويض من قبل المصابين أو القتلى الإسرائيليين".
وأكّد على أنّ هذا التساوق من قبل بنك "القاهرة- عمان" أوغيره من البنوك، مخالفة لشروط الترخيص الممنوح لهم من قبل السلطة الفلسطينية.
وتابع: "أيّ بنك يعمل في فلسطين يفترض أنّ يكون وفيًا للقيم الأخلاقية والوطنية للشعب الفلسطيني وللنضال السياسي الفلسطيني وللقوانيين والتشريعات النافذة التي تنظم عمل المصارف والبنوك بشكل كامل".
ليست إجراءات شكلية
ودعا المتحدث باسم هيئة شؤون الأسرى إلى إعلان سلطة النقد عن موقفٍ واضحٍ من هذا الإجراء، مُضيفاً: "نُخاطب سلطة النقد تجاه تجاوز أيّ بنك يعمل في الأراضي الفلسطينية؛ لأنّ من شأن ذلك تكريس المنطق الإٍسرائيلي في التعامل مع الأسرى بأنهم إرهابين ومجرمين وليسوا مناضلين من أجل الحرية وحركة التحرر الوطني".
وبيّن أنّ هذه القضية ليست إجرائية أو شكلية، بل ذات بعد جوهري له علاقة بتاريخنا الوطني وحقنا في النضال ضد الاحتلال الإسرائيلي، مُشدّداً على ضرورة تفاعل كافة البنود ورفض الانخراط هذا الأمر.
وختم عبد ربه حديثه، بالقول: "نُؤكّد على أهمية أنّ تقوم سلطة النقد بإلزام البنوك باستمرارية الانصياع والعمل وفق القوانيين والتعليمات الصادرة عن السلطة وعدم التجاوب بأي شكل من الأشكال مع رواية ومنطق الاحتلال وتهديده في هذا الخصوص".
من جهته وصف مدير جمعية واعد للأسرى عبد الله قنديل، قرار بنك "القاهرة-عمان" بوقف الحسابات البنكية لعدد من الأسرى المحررين وذويهم دون سابق إنذار، بالمجحف والمسيئ إلى نضالات الحركة الوطنية الأسيرة داخل السجون وذويهم.
وقال قنديل في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "إنّه يأتي في سياق التماشي مع مخططات الاحتلال الهادفة إلى تركيع الأسرى وتفريغ القضية الفلسطينية من مضمونها عبر كسر صمود الأسرى وذويهم".
ودعا قنديل البنك إلى إعادة النظر فورًا في هذا القرار والتسلح بموقف وطني عاجل، بدلاً من الاستجابة للإملاءات والضغوط سواءً كانت الأمريكية أو الإسرائيلية.
حرمان من الحقوق المالية
وبشأن تداعيات القرار على الأسرى، قال قنديل: "إنّ هذا القرار سيحرم عشرات الأسرى من حقوقهم المالية، وربما يُصبحوا بلا مصدر دخل، كما سيفقدوا كثيرًا من مستحقاتهم المالية".
وأشار قنديل إلى أنّ هذا الإجراء الذي أقدم عليه بنك "القاهرة- عمان" يُعد سابقة من نوعها، حيث لم يسبق لأي بنك وطني فلسطيني الاستجابة للإملاءات والتوصيات الصهيونية.
وأوضح أنّ القرار يعتبر الأسرى مجموعة من الإرهابين، مُردفاً: "لكنّ الأسرى مجموعة من الأبطال الذين يدافعون عن أرضهم المحتلة وفق كافة القوانيين والأعراف الدولية".
وختم قنديل حديثه، بالقول: "نحن الآن بصدد دراسة التبعات المترتبة على هذا القرار، والأسرى كذلك في داخل سجون الاحتلال".