إشارة بومبيو الضوئية: ضوء أخضر لمهاجمة إيران في سورية، أصفر للضم، وأحمر ضد الصين !

حجم الخط

بقلم: ابراهام بن - تسفي


في نظرة أولى، يبعث على دهشة غير قليلة قرار بومبيو أن يجري زيارته الأولى خلف البحر منذ نشوب أزمة «كورونا» الى إسرائيل بالذات، عشية اداء الحكومة الجديدة اليمين القانونية. فهل على جدول الاعمال الأميركي - الإسرائيلي توجد جملة من المسائل الملحة جدا لدرجة أن معالجتها تستوجب المجيء في زيارة خاطفة، وذلك حتى قبل ان تترابط آخر الخيوط في تشبيك الائتلاف الجديد؟ الجواب على هذا التساؤل يوجد في السياقات الثلاثة التي اضاء بومبيو نفسه على الأقل طرف الجبل الجليدي لها عشية الزيارة وفي اثنائها. من ناحية بصرية يبدو أن وزير الخارجية حمل في جعبته الى القدس رسالة ثلاثية تشبه الاشارة الضوئية، التي تتبدل أضواؤها وفقا لموضوع البحث.
الرسالة الاولى، ذات اللوان الاخضر والتي تعني اسنادا وتشجيعا كاملين للنشاط العسكري الإسرائيلي ضد منظومات السلاح والقواعد الايرانية في سورية. وذلك من اجل استغلال ضعف طهران المتعمق والتسبب بتسريع عملية فك ارتباطها عن الاراضي السورية.
الرسالة الثانية، ذات اللون الاصفر، ترتبط بتوقيت قرار نتنياهو اطلاق مبادرة التشريع فيما يتعلق ببسط السيادة الإسرائيلية في غور الأردن وفي شمالي البحر الميت. في هذا الاطار شدد بومبيو على ان إسرائيل يحق لها بالفعل ان تمارس حقها في هذه المسألة، وعليه فان الرسالة لا تتضمن مطالبة أميركية صريحة بتأجيل الخطوة.
ومع ذلك، فالحديث يدور عن ضوء اصفر، إذ ان الادارة كانت تفضل ان تتم العملية بتنسيق اقصى مع واشنطن، وألا تخرج الى حيز التنفيذ الا بعد أن تستكمل دراسة الطواقم المشتركة للترسيم الدقيق لخرائط الاراضي التي ستندرج ضمن مجال السيادة الجديد.
هذا الموقف الذي يؤيد التقدم الحذر والمنضبط في مسار بسط السيادة، يعكس المخاوف السائدة لدى محافل في الادارة، ولا سيما في اوساط أسرة الاستخبارات، من الاثار الاقليمية لبسط السيادة في غضون شهرين، وتطلعها لربط الاطراف التي لا تزال فالتة في الخطة.
من ناحية البيت الابيض توجد ميزة مركزية اضافية في نقل موعد بسط السيادة الإسرائيلية على غور الاردن من بداية الصيف الى نهاية خريف 2020. فتنفيذ إسرائيل للمخطط بدعم رئاسي معلن عشية التوجه الى صناديق الاقتراع في الولايات المتحدة في 3 تشرين الثاني قد يكون مثاليا من ناحية ترامب كعامل مشجع لجمهوره المستهدف من الافنجيليين. فغالبيتهم المطلقة تؤيد بلا تحفظ هذا المدماك من خطة القرن، وبعض الاصوات اليهودية ايضا.
في ضوء الصراع الشديد الذي يعيشه اليوم الرئيس حيال خصمه الديمقراطي، جو بايدن، من المرغوب فيه من ناحيته أن يبقي هذا الحافز على الرف في المرحلة الحالية، فيمنع بذلك وضعاً يتبدد فيه تأثير الإعلان عن بسط السيادة، ويغرق في هوامش المنصة في يوم الاختبار الحقيقي بالنسبة له.
وأخيراً – الضوء الأحمر. مع أن علاقات إسرائيل مع الادارة وثيقة وبعيدة سنوات ضوء عن فترة الأزمة الحادة التي خيمت على علاقات رئيس الوزراء الاسبق باراك مع الرئيس كلينتون في اواخر عهد ولايته الثانية واجبره على أن يلغي صفقة الفالكون مع الصين في حينه، رسم بومبيو في زيارته خطا أحمر فاقعا في المجال الصيني. في المجال العالمي نشأت ظروف جغرافية استراتيجية جديدة تستوجب حرصا زائدا على ان تجتاز خطوط حمر في كل ما يتعلق بنقل بنى تحتية وذخائر استراتيجية وتكنولوجية عظيمة القيمة في المستقبل الى سيطرة العملاق الصيني.
ان المعركة الدولية توجد اليوم في فجر حرب باردة جديدة بين واشنطن وبكين. والبيان الإسرائيلي، أول من أمس، عن النية لاعادة النظر في دخول الصين الى مشروع التحلية في الجنوب، يشير بالفعل الى تطلع نتنياهو الى تقليص احتمال الاحتكاك على هذا المستوى المشحون مع الولايات المتحدة.

عن «إسرائيل اليوم»