هذه ليست سياسة اقتصادية منظمة،هذه فوضى ادارية

حجم الخط

هآرتس – بقلم سامي بيرتس

الميزانية الاستكمالية التي بحسبها تعمل حكومة اسرائيل في 2020 هي كما يبدو جامدة جدا لأنها ترتكز على ميزانية السنة الماضية بدون أي مرونة. بسبب ازمة الكورونا تجاوزت الحكومة حتى الآن بمبلغ 81 مليار شيكل قيود الانفاق، وما زلنا فقط في بداية شهر آب. هذا يجسد حقيقة أنه حتى ميزانية استكمالية هي أمر مرن وهذا درس هام لفهم الجدل حول ميزانية الدولة: لسنة واحدة حتى نهاية 2020 أو لسنتين حيث تشمل 2021.

​رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو اوضح في هذا الاسبوع سبب معارضته لميزانية لمدة سنتين: “هذه سياسة اقتصادية، حيث أنك مجبر على الدخول الى ارقام محددة. هذا بالضبط هو عكس ما يجب القيام به وسيتسبب في أن الاقتصاد لن يرتفع بل سيتقلص. هذا ليس الوقت للتقليصات، بل لضخ اموال للمواطنين”. الفكرة التي تؤدي الى استقرار الحكومة الحالية هي ميزانية للعام 2020 – 2021 مثلما اتفق عليها في الاتفاق الائتلافي بين الليكود وازرق ابيض. الاتفاق وقع بعد اندلاع ازمة الكورونا والاقتصاد دخل في عدم اليقين وفي ازمة اقتصادية شديدة.

​كان من الواضح أن ازمة كهذه ستحتاج الى الكثير من القرارات غير العادية. استخدام دواسة الغاز في اماكن معينة من اجل تسريع الاقتصاد واستخدام الكوابح في اماكن اخرى لمنع تدهور يسقط الاقتصاد الى الهاوية. نتنياهو لا يريد الآن استخدام الكوابح، هو يريد نثر الاموال وتوزيع هبات دون حساب ودون تمييز بين المتضررين من الازمة وبين غير المتضررين، والمصادقة على ميزانيات خاصة لغايات الازمة، وابقاء الاقتصاد في وضع طواريء، ومن حين الى آخر يرمي على المواطنين هبات تهدئة. هذه ليست سياسة اقتصادية منظمة بل فوضى ادارية ستؤخر انتعاش الاقتصاد.

​بدون ميزانية وبرامج لسنة 2021 يصعب خلق يقين واستقرار اقتصادي. المشغلون سيترددون في استيعاب عمال والجمهور لن يسارع الى صرف امواله على الاستهلاك. اذا كان نتنياهو مقتنع بأن سنة 2021 ستكون سنة قرارات حاسمة، فمن الافضل الآن ادارة سكب الاموال بصورة اكثر حكمة. ولكن نتنياهو ينظر الى السنة القادمة ويرى فقط تاريخين: بدء مرحلة البينات في محاكمته في كانون الثاني، واخلاء مكتب رئيس الحكومة في تشرين الثاني. هو يحسب خطواته بحيث يتم تأجيل الخطوتين أو حلهما بقدر الامكان.

اغلاق الميزانية للسنة القادمة سيقلص مجال مناورته. فذلك سيجبره على ايجاد سبب آخر لخرق الاتفاق الائتلافي والامتناع عن اجراء التناوب مع بني غانتس. ايضا سيقوده الى انتخابات عندما يقتضي الامر تقليصات وخطوات كبح ميزانية. من تجربته بعد هزيمة الليكود برئاسته في انتخابات 2006 بعد ان تسلم منصب وزير المالية وقام بتقليص جميع انواع المخصصات بصورة كبيرة فان الخلاف حول الميزانية هو فقط خلاف سياسي لأنه عليه تستند استراتيجية نتنياهو وغانتس قبل تطبيق التناوب: الاول يرى في الميزانية لسنة واحدة فرصة للامتناع عن القيام بالتناوب. والثاني يرى في الميزانية لسنتين بوليصة تأمين معينة لتطبيق التناوب.

​التداعيات الاقتصادية للنقاش السياسي هذا هي دراماتيكية. اذا كان هناك شيء ما يحتاجه الاقتصاد الاسرائيلي الآن فهو القليل من اليقين والاستقرار، بعد ثلاث جولات انتخابية خلال سنة ونسبة بطالة مخيفة وتصفية عشرات آلاف المشاريع. كما أن من يجد صعوبة في حب هذه الحكومة الغريبة ويأمل سقوطها يجب عليه التطلع الى أن تنجح في معالجة الازمة الصحية والاقتصادية. النجاح سيمر فقط عبر تطبيق الاتفاقات (منها المصادقة على ميزانية لسنتين) والنظر الى أفق أبعد من الشهرين – ثلاثة اشهر القادمة. هذه هي المصلحة العامة الاوسع الآن، لكن لدى نتنياهو هناك القاعدة التي وضعها بخصوص اهود اولمرت: “هناك خوف من أنه سيتخذ قرارات على اساس المصلحة الشخصية لبقائه السياسي وليس حسب المصلحة القومية”. واصرار غانتس على ميزانية لسنتين أمر مبرر. بدونه لن يكون للدولة افق اقتصادي. وهو نفسه لن يكون له افق سياسي.