قال عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في لبنان، أركان بدر، إنّ انفجار "مرفأ بيروت" يُشكل كارثة ليس فقط للشعب اللبناني، بل للاجئين الفلسطينيين في لبنان أيضاً.
وأضاف بدر في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "إنّ خسائر الانفجار كبيرة بشريًا واقتصاديًا وتجاريًا، وكثير من التعقيدات تُخيم على الأمر؛ لكننا على ثقة تامة بأنّ لبنان قادر على تجاوز هذه المحنة كما تجاوز العديد من المحن والصعاب والاستهدافات التي كان يتعرض لها من قبل الاحتلال الصهيوني".
وبيّن أنّ الفلسطينيين التحموا مع اللبنانيين في عمليات رفع الأنقاض والإنقاذ؛ مُردفاً: "هرع أبناء المخيمات في بيروت وكل المناطق لمؤازرة اللبنانيين، فهناك من نزل بشكل منظم وآخر بشكل تطوعي فردي".
ولفت إلى أنّ مؤسسات الهلال الأحمر الفلسطيني استقبلت متبرعين بالدم من كافة المخيمات الفلسطينية، مُوضحاً أنّ عدد آخر توجه للمستشفيات اللبنانية الخاصة والحكومية للتبرع بوحدات الدم.
وبشأن وجود ضحايا أو جرحى أو مفقوودين في صفوف اللاجئين الفلسطينين بلبنان، أوضح بدر أنّ هناك شهيد من فلسطينيي مخيم برج البراجنة جرى تشيعه بالأمس، وآخر من الفلسطينيين المُهجرين من سوريا إلى لبنان أيضاً في مخيم برج البرجانية.
كما نفى الحديث عن أي مفقودين حتى الآن، مُستدركًا: "نعتبر كل شهيد لبناني سقط هو شهيد للقضية الفلسطينية؛ لأنّ المصاب كبير ويستوجب موقف عربي فلسطيني جدي ومبادرات حقيقية، كما أنّ وصول عشرات الطائرات لتقديم واجب الدعم، يُنظر له بعين الإيجابية".
وبالحديث عن انعكاسات انفجار المرفأ على مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، قال بدر: "المشكلة هي أنّ لبنان يمر بأزمة اقتصادية تجارية واجتماعية متدحرجة ككرة الثلج، كانت في كل مرحلة تكبر ثم منذ 17 تشرين أثناء الحراك اللبناني رفضًا للوضع الاقتصادي والمعيشي، تضررنا كفلسطينيين بشكلٍ مباشر".
وتابع: "الحراكات وإغلاق الطرق أثرت على الفلسطينيين، فمن كان يعمل منا بشكل متقطع فقد عمله ثم جاءت إجرءات وزير العمل جميل أبو سليمان الظالمة، والتي زادت من المعاناة بسبب القيود التي فرضها على العمال واللاجئين، ما أدى لزيادة نسبة البطالة والجوع والمعاناة".
وأردف: "جاءت كورونا وإجراءاتها الوقائية من حجر منزلي وإجراءات السلامة العامة ضاعفت من المشكلة على المستوى اللبناني العام وقد تأثرنا مباشرة، ثم انفجار المرفأ، وجميعها عوامل تراكمت لتزيد تردي الوضع الاقتصادي والمعيشي".
وشدّد على أنّ الفلسطينيين في لبنان هم أكثر الناس تأثرًا بما يجري في الساحة اللبنانية، سواء الأزمات الاقتصادية أو المعيشية أو المالية؛ لأنّ الفلسطيني يعيش حالة حرمان تراكمي عمرها 72 عامًا أيّ منذ نكبة عام 1948.
واستدرك: "نحن لا يجري التعاطي معنا باعتبارنا بشر لنا حقوق الإنسان، حيث إنّنا محرومين من حق التملك ومزاولة 72 مهنة، وتُفرض علينا قيود وشروط عديدة وكثيرة، ومن المفروض أنّ يتم التعامل معنا بشكل إنساني في هذا البلد الشقيق".
واستطرد: "الشعب اللبناني الشقيق دفعنا وإياه ضريبة الدم والشهادة وتقاسمنا الرغيف والكفن في مواجهه عدو إسرائيلي واحد، إلى أنّ تحقق النصر بلبنان باندحار الاحتلال الإسرائيلي دون قيد أو شرط"، لافتاً إلى أنّ سياسات الحرمان متراكمة وتقوم بها كافة الحكومات اللبنانية.
وعن المطلوب لدعم صمود اللاجئين الفلسطينين في لبنان، قال بدر: "المطلوب دور عاجل وسريع من الجهات الثلاث المسؤولة عن معاناة الشعب الفلسطيني وجراحه وآلامه، والعنوان الأول هو وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، لما تُجسده من مسؤولية واعتراف دولي بقضية اللاجئين، ومن المسؤولية التاريخية التي حلت بشعبنا في العام 48، ومسؤولية المجتمع الدولي والعالم الذي يدعي الديمقراطية والحرية أنّ يقوم بواجباته والتزاماته المالية من خلال بوابة الأونروا".
وقال بدر: "نحن نتمسك بالأونروا لما تجسده من اعتراف بالمسؤولية الدولية ورفضنا صفقة القرن وتداعياتها على اللاجئين واستهداف الأونروا لما تُشكله من عنوان مباشر لقضية اللاجئين".
وأضاف: "نتحرك ضد السياسات التي تعتمدها إدارة الأونروا في لبنان وعلى مستوى الإدارات الخمسة، لأننا نُطالب بأنّ تقوم هذه المؤسسة الدولية التي تم إنشائها لإغاثة اللاجئين الفلسطينين بدورها الإغاثي وتشغيل هذا أمر يستوجب اعتماد خطة طوارئ صحية وإغاثية شاملة من الأونروا للشعب الفلسطيني في لبنان".
وأردف: "ما قُدم مؤخراً من مساعدات بدأت منذ ثلاثة أشهر ولم تنتهي حتى الآن بسبب سوء الإدارة والفساد الذي اعترى عملية توزيع المساعدات، مُستطرداً: "هذا غير كافِ لأنّ الشعب الفلسطيني بحاجة إلى خطة طوارئ شهرية مستدامة تعمل على تلبية احتياجاته".
وتابع: أما العنوان الثاني هو الحكومة اللبنانية التي اعتمدت قبل انفجار مرفأ بيروت اعتمدت خطة طوارئ صحية واغاثية للأخوة اللبنانيين؛ لكنها استثنت الفلسطينين وكأن وباء كورونا لا يمكن للفلسطينين وكأننا لا نمرض.
وتابع: "هناك خدمات وبلديات للدولة اللبنانية تقف عند حدود المخيم،:فنحن نعاني من سياسات حكومية تراكمية، لاسيما الحكومة اللبنانية التي نقف إلى جانبها من أجل تجاوز تداعيات المصاب الجلل".
واستدرك: "هناك عنوان ثالث ورئيسي وهو منظمة لتحرير، بما أنّها الممثل الشرعي فعليها أنّ تقوم بدورها في إغاثة الشعب الفلسطيني وتقديم المزيد من المساعدات، وما جرى تقديمه لا يرتقي لحجم المعاناة".
ودعا الأونروا والدولة اللبنانية وكل من يهمه الأمر لتخفيف المعاناة عن الفلسطينيين في لبنان وتأمين الحد الأدني من شروط الحياة لهم، مُشدّداً على أنّه لا تنازل عن حق العودة طبقاً للقرار الدولي 194.
وبشأن أعداد اللاجئين في لبنان، قال بدر: "هناك تباين حول العدد الحقيقي للكتلة الشعبية الفلسطينية في لبنان، لكنّ آخر إحصائات قامت بها لجنة الحوار الفلسطيني بالتعاون مع الأونروا ومؤسسات دولية آخرى تحدثت عن 170 ألف لاجئ فلسطيني وقد يكون أخطاء وقعت في عملية الإحصاء وفي أقصى الأحوال يوجد 220 ألف فلسطيني".
وأردف: "الميزة التي يتمع بها الشعب الفلسطيني في هذا البلد الشقيق، هي أنّ كل أمواله التي يتقاضها من رواتب موظفي الأونروا وموظفي مؤسسات منظمة التحرير والمؤسسات الفلسطينية العاملة، إلى جانب ما يُقدم لنا من أبنائنا المغتربين في دول المهجر، تصب في مصارف لبنان، حيث نُشكل حسب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ما نسبته 11% من الناتج القومي اللبناني".
وقال: "أبسط حقوقنا هي الحق في العمل والتملك والتعاطي الإنساني مع المخيمات بعيداً عن أي نظرة عدوانية وأي تعاطي أمني".
وختم بدر حديثه، بالقول: ".جاهزون أنّ نكون جزءًا من عملية إعمار ما دمره الانفجار، فقلوبنا وأيدينا في خدمة لبنان، ونحن كل ما نريده هو إنصاف حقوقنا ودعم نضال شعبنا وحقه في العودة إلى دياره طبقاً للقرار 194".