حماس واسرائيل تتبادلان ضربات ملجومة ، وتنتظران أن تُدخل قطر المال الى القطاع.

حجم الخط

هآرتس – بقلم عاموس هرئيل

تبادل الضربات بين اسرائيل وحماس في القطاع يجري حتى الآن بصورة حذرة جدا. هذه حرب غريبة الى حد ما: رغم اطلاق الصواريخ والبالونات الحارقة، ورغم الهجمات العقابية الليلية للجيش الاسرائيلي، ليس فيها قتلى. في هذه الاثناء بالذات، بصعوبة تجد أحد خدش، المصابون الوحيدون أول أمس كانوا اربعة نشطاء من الجهاد الاسلامي، الذين قتلوا في غزة، كما يبدو نتيجة “حادثة عمل” – خلل اثناء معالجة صاروخ أو عبوة ناسفة.

​في الحالة الفلسطينية، الصواريخ والبالونات ليست اسلحة دقيقة رغم أنه سبق وتم التوضيح بأنه عندما تريد الفصائل في القطاع توجيه نيران الصواريخ الى قلب عسقلان أو مركز سدروت، فهم لا يجدون صعوبة في فعل ذلك. في الحالة الاسرائيلية، التوجه الحذر واضح وبارز. اطلاق نار الدبابات نحو مواقع حماس وكذلك هجمات سلاح الجو على الانفاق المحصنة ومخازن السلاح تتم في الوقت الذي يكون معروف بالتأكيد للجيش بأن كل الاهداف فارغة من الاشخاص تماما.

​تصعيد الاسابيع الاخيرة في القطاع استهدف لحظة واحدة وهي وصول محمد العمادي، المبعوث القطري، أمس. العمادي دخل أمس مع الارسالية الشهرية الاخيرة للمبلغ النقدي الذي اتفق عليه مسبقا. سلطة حماس في القطاع تريد زيادة المبلغ الى 45 مليون دولار أو حتى 60 مليون دولار شهريا (حسب روايات مختلفة). في حماس معنيون ايضا بالوعد بتقديم المساعدة مستقبلا لاشهر وحتى لسنوات.

​في الخلفية هناك تطورات اخرى تؤثر على التوترات مع اسرائيل. الانتخابات الداخلية لرئاسة حماس في تشرين الثاني، التي ستدلل على محاولة خالد مشعل العودة الى القيادة من المنفى في الخليج والذعر من الكورونا. هذا الاسبوع للمرة الاولى تم تشخيص اربع حالات اصابة في القطاع من مصدر اصابة غير معروف. المسافرون القلائل الذين يعودون الى غزة من الخارج مطالبون بالمرور في فترة حجر لاسبوعين من اجل منع تسرب الفيروس الى القطاع المكتظ بالسكان. السلطة المضغوطة وبحق من تفشي الكورونا في ظل شروط صحية بائسة، فرضت حظر تجول كامل ليومين على كل القطاع على أمل أن تنجح في ذلك في وقت الفيروس. وهكذا فان التعامل مع الكورونا متشدد، حول بيوت المعزولين هناك كاميرات وعدد من الذين خرقوا الحجر تم عقابهم بالجلد.

​خلافا للطريقة التي توصف بها الامور في اسرائيل، فان التصعيد الاخير لم يحدث عبثا، لأن الوضع كان ممل بالنسبة لحماس في هذا الصيف. خلال اشهر سمحت القيادة الاسرائيلية للوضع في القطاع بالسخونة تدريجيا الى أن قادت الامور الى عنف. في كانون الثاني، قبل وصول الكورونا الى المنطقة، تم تحقيق تقدم كبير في الاتصالات غير المباشرة بين اسرائيل وحماس بوساطة مصر.

​الفلسطينيون اوقفوا المسيرات العنيفة قرب الجدار في ايام الجمعة وعملوا على كبح اعمال العنف. في المقابل، صادقت الحكومة الانتقالية في اسرائيل برئاسة نتنياهو، لهم على تسهيلات اقتصادية واسعة. وقد وعدت حماس بسلسلة طويلة من المشاريع الجديدة في مجال البنى التحتية، بتمويل دولي مع رفع قيود ومحظورات اسرائيلية. اضافة الى ذلك، مكنت اسرائيل حوالي سبعة آلاف فلسطيني، معظمهم من العمال (رغم أنه رسميا تم وصفهم كتجار ورجال اعمال) من الدخول من اجل العمل فيها.

​تفشي الكورونا في شهر آذار شوش سير الامور. حماس خافت من تفشي الفيروس من اسرائيل الى اراضيها، أوقفت خروج العمال واغلقت القطاع، في الوقت الذي كانت فيه تحصل على الاستشارة الطبية من اسرائيل. وفي نفس الوقت غادر عدد من مدراء المشاريع الاجانب القطاع ازاء تفشي الوباء العالمي.

​في الوقت الذي فيه خيبة أمل في القطاع من المشاريع العالقة وزيادة خطورة الوضع الاقتصادي، سمحت حماس بتجدد العنف. رجالها اطلقوا البالونات الحارقة، وفصائل اخرى اطلقت الصواريخ. وقد كان هذا بالنسبة لسكان غلاف غزة الذين حصلوا في فترة الكورونا على هدوء استثنائي وطويل، ذكرى تثير الذعر وتذكرهم بأيام سيئة. صافرات الانذار تجددت وبالطبع الحرائق في الحقول. فقط حقيقة أنهم في الكيبوتساتوالموشافات بكروا هذه السنة عمدا بحصاد الحقول، منعت ضرر اكبر بالمزارعين.

​الى جانب الهجمات العقابية فان اسرائيل ردت بعقوبات اقتصادية: ادخال الوقود الى القطاع تم تعطيله، وتوفير الكهرباء اليومية للسكان هناك انخفض الى 4 – 8 ساعات. القيود التي فرضت على منطقة الصيد اضرت بمصدر الرزق لعشرات آلاف الفلسطينيين في القطاع. وفي جهاز الامن جرى نقاش حول الخطوات المطلوبة الآن. وكالعادة، الجيش الاسرائيلي ومنسق اعمال الحكومة في المناطق يوصون بمنح تسهيلات تجارية أوسع، بما في ذلك استئناف دخول العمال على أمل أن يقللوا بذلك النار. وكالعادة، الشباك يعارض، ويحذر من محاولات التنظيمات الارهابية استغلال دخول فلسطينيين الى اسرائيل لجمع معلومات والاستعداد لتنفيذ عمليات.

​ما تريده اسرائيل من حماس ليس في غير متناول اليد. باستثناء الخلاف الداخلي حول مسألة استئناف دخول العمال، فان التسهيلات الاقتصادية المطلوبة للقطاع ممكنة التنفيذ من وجهة نظر جهاز الامن الاسرائيلي. يبدو أن أحد اسباب الصعوبات في المفاوضات يكمن بالتحديد في طبيعة الوساطة المصرية. هناك للقاهرة اجندة خاصة بها وهي ليست مستعجلة في الضغط على الطرفين من اجل التوصل الى اتفاقات تضمن هدوء طويل المدى. اضافة الى ذلك، بقيت فقط مشكلة جثامين الجنود والمواطنين الاسرائيليين الاحياء المحتجزين في القطاع. إن عدم القدرة على حل هذه الازمة حتى بعد انقضاء ست سنوات على عملية الجرف الصامد يزيد الوضع خطورة الآن.

​الآن يبدو أنه يوجد هنا مجال لعملية اسرائيلية، بتنسيق مع قطر، من اجل منع الانزلاق نحو عنف واسع في القطاع، الذي بالتأكيد هو غير مرغوب فيه لأحد في ايام الكورونا. رئيس الدولة، رؤوبين ريفلين، اصاب كبد الحقيقة عندما قال مؤخرا بشأن غزة “لا يهم مع من نتحدث، المهم هو عما نتحدث”. هناك ما يمكن التحدث حوله مع حماس بهدف التوصل الى تهدئة طويلة المدى. الحكومة لا تفعل ذلك، سواء لأنها لا تشعر بضغط حقيقي لفعل ذلك – هذه احتمالية اسوأ – لأن شخص ما مرتاح للابقاء على غزة كساحة يمكن دفعها الى درجة الاشتعال بسهولة نسبية، عند تحقق الظروف السياسية المناسبة.