مع إعلان الخارطة الوبائية لتفشى فيروس كورونا في قطاع غزّة، واكتشاف إصابات بمخيم جباليا شمال القطاع، والذي يُعد أكثر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين كثافةً، وكذلك تصنيف مخيم الشاطئ ضمن المناطق الحمراء أيّ الأكثر وباءً، يتهدد خطر وجودي لسكان هذه المخيمات التي تُعاني الفقر والبطالة والازدحام في ظل بيئة تفقر لخدمات صحية تستطيع التعامل مع جائحة تتطلب التباعد الاجتماعي والوقاية عبر توفير مستلزمات النظافة الشخصية، وهما الأمر الذي يصعب تطبيقه في القطاع المحاصر منذ أكثر من 13 عامًا.
خطر يتهدد أصحاب الأمراض المزمنة
بدوره، رأى عضو اللجنة الشعبية للاجئين في مخيم المغازي مازن موسى، أنّ طبيعة وباء كورونا المُعدية ستؤدي لكارثة صحية في ظل مساحة محدودة لمخيم المغازي على سبيل المثال، والذي يتجاوز عدد اللاجئين فيه الـ30.000 ألف نسمة.
ولفت في حديثٍ خاص بوكالة "خبر" إلى أنّه في خلال الأيام الماضية التي تم الإعلان فيها أنّ مخيم المغازي بؤرة كورونا في قطاع غزّة، وهو الأمر الذي ثبت عدم صحته لاحقًا، توقفت كلاً من عيادة الوكالة وكذلك الحكومة عن تقديم الخدمات للمرضى.
وبيّن أنّ نحو 400 مريض يُراجعون يوميًا عيادة الوكالة في المخيم، الأمر الذي يتهدد حياة المرضي في ظل فرض الاغلاق التام بالمخيم وعدم وصول الأدوية لأصحاب الأمراض المزمنة.
ودعا إلى ضرورة وضع خطة ممنهجة؛ لإدارة الملف الصحي في المخيم بتوفير سيارات لنقل المرضى، بالإضافة إلى توصيل الأدوية لأصحاب الأمراض المزمنة.
ويبلغ عدد اللاجئين في القطاع نحو 1.386.455 أيّ نحو ثلتي عدد سكانه البالغ مليوني فلسطيني، ويعيش نحو 600.000 منهم في 8 مخيمات معترف بها للاجئين الفلسطينيين، ويتلقى 981.361 لاجئاً منهم حالياً مساعدات غذائية طارئة من "الأونروا".
وعى صحي يصطدم بصعوبة التباعد الاجتماعي
أما منسق المركز الفلسطيني لمصادر حقوق المواطنة واللاجئين"بديل" نعيم مطر، أوضح أنّ تفادي مخاطر جائحة كورونا، يكمن بوعى اللاجئين بحجم الخطر الذي يتهدد حياتهم عبر التعاون مع الجهات الحاكمة في قطاع غزّة.
وأضاف مطر: "لكنّ هذا الوعى يصطدم بطبيعة المخيمات التي تُعاني الازدحام؛ نظرًا لضيق مساحة المخيمات مع الكثافة السكانية العالية فيها؛ الأمر الذي يجعل من المستحيل تحقيق إجراءات التباعد الاجتماعي"، مُشيراً في ذات الوقت إلى قدرة شعبنا على تجاوز كافة الأزمات التي كانت تعصف به طوال مراحل النضال الفلسطيني.
وحذّر مطر خلال حديثٍ خاص بوكالة "خبر" من خطورة الأوضاع الاقتصادية لسكان المخيمات في ظل ارتفاع معدلات الفقر والبطالة التي تجاوزت الـ80%؛ خاصةً مع وجود عدد كبير يعمل بنظام المياومة؛ الأمر الذي يتطلب تشكيل لجان بحث لحصر المتضررين وتقديم المساعدة الفورية لهم.
ونوّه إلى أنّ المتضرر الأكبر من الأزمة في المخيمات، هم أصحاب الأمراض المزمنة الذين لا تتم متابعتهم من قبل عيادات الأونروا في المخيمات، في ظل منع التجوال لليوم التاسع على التوالي.
75% من سكان غزة لاجئين
من جانبه، رأى رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد"، صلاح عبد العاطي، أنّ 75% من التركيبة السكانية في قطاع غزّة من اللاجئين، مُردفاً: "هؤلاء يعيشون في ظل ظروف غاية في الصعوبة بسبب أنّ مخيماتهم هي الأماكن الأكثر فقرًا وازدحامًا في العالم".
كما حذّر عبد العاطي من خطورة انتشار كورنا في المخيمات، قائلاً: "هناك خشية حقيقية من مخاطر انتشار هذا الوباء في داخل المخيمات الفلسطينية؛ نظرًا لنقص التجهيزات وغياب البيئة الحياتية المناسبة لعمليات العزل المنزلي والتباعد الاجتماعي؛ حيث يعيش في الغرفة الواحدة أكثر من سبعة أفراد".
انعدام الأمن الغذائي لأكثر من 70% من الأسر
ولفت عبد العاطي خلال حديثه لـ"خبر" إلى أنّ التحديات التي تُواجه المخيمات، تتمثل في غياب القدرة على توفير المستلزمات اللازمة للنظافة الشخصية وتحقيق التباعد الاجتماعي وتوفير الأدوية في ظل سياسة الإغلاق والظروف التي يعيشها اللاجئين".
وأكّد على خطورة انعدام الأمن الغذائي لأكثر من 70% من الأسر الفلسطينية في القطاع خاصةً في مخيمات اللاجئين؛ بسبب الحصار والانقسام والعقوبات "الإسرائيلية".
وفي رده على سؤال حول تقييم الهيئة لعمل الجهات المسؤولة عن المخيمات، قال عبد العاطي: "في الوقت الذي نُقدر فيه جهود العاملين بوزارتي التنمية والصحة بالإضافة إلى الأجهزة الأمنية في ظل نقص الإمكانات، نرصد جملة من الشكاوى تتعلق في غياب التدخل الأمثل لمساعدة السكان على البقاء بتوفير الحد الأدنى للحياة الكريمة".
تراجع خدمات الأونروا
وأردف: "هناك نقص في المساعدات المقدمة للاجئين والخدمات بسبب تراجع التمويل في وكالة الغوث، وبسبب غياب تدخل منظم من قبل وزارة التنمية الاجتماعية وضعف المؤسسات في ظل حصار قطاع غزّة ومنع كل أسباب الحياة الكريمة عنه".
أما عن المطلوب لدعم صمود سكان المخيمات، فقد بيّن عبد العاطي أنّ "المطلوب فلسطينيًا هو الدعم والمساندة للأسر الفلسطينية ولكل القطاعات والسكان وفق الفئات الأكثر تضرراً من جائحة كورونا".
وتابع:"تأمين الأمن الغذائي لابد أنّ يقوم على عدم التمييز والعدالة والشفافية والتعاون بين كافة مقدمي هذه المساعدات، سواء وكالة الغوث أو الحكومة والجهات المختلفة".
وختم عبد العاطي حديثه، بالقول: "على المجتمع الدولي واجب الوفاء بكافة الخدمات والمساعدات الإنسانية والغذائية اللازمة لتعزيز صمود المواطنين في مواجهه كورونا".