عقّب مدير مستشفى غزّة الأوروبي، د. يوسف العقاد، على غضب أهالي مدينة رفح جنوب قطاع غزّة، من تحويل المستشفى لعلاج مرضى فيروس كورونا المستجد، في ظل عدم توفر مستشفى خاصة بأهالي رفح، وكون الأوروبي المقام في محافظة خانيونس الأقرب لحصولهم على الخدمات الطبية، وصعوبة وصولهم للمستشفى في ظل فصل المحافظات بسبب إجراءات مواجهة تفشي الوباء.
وقال العقاد في حديث رصدته وكالة "خبر" مع تجمع "مُبادرون رفح" مساء يوم السبت: "إنّ وزارة الصحة بدء جائحة كورونا، عكفت على إجراءات تمنع وصوله إلى قطاع غزّة، من خلال بوتوكول خاص بالعمل في منافذ القطاع، واستطاعت تأجيل وصول الوباء لعدة أشهر، وكانت تُجهز المستشفيات للتعامل مع الفيروس".
وأضاف: "تم تخصيص قسم الفرز التنفسي في كل مستشفى، وتم الاتفاق على أنّ يكون مستشفى غزة الأوروبي المركزي في استقبال الحالات المتوسطة والصعبة المصابة بفيروس كورونا"، لافتاً إلى أنّه تم اختيار مستشفى غزّة الأوربي لأنّ المعادلة الدولية كانت تُشير إلى أنّ كل 100 مريض بكورونا بينهم 80 مصاب يُعاني من أعراض بسيطة أو لا يُعاني ظهور الأعراض، والـ20 الآخرين بحاجة لدخول المستشفى وبينهم 15 بحاجة لأسّرة عادية و5 للعناية المكثفة.
وتابع: "عندما بحثت وزارة الصحة عن المستشفى القادر على استعياب هذا العدد الهائل من المرضى فيما لو اجتاحت كورونا قطاع غزّة، ولم يكن أيّ من المستشفيات مؤهل عدا مستشفى غزّة الأوروبي".
وأردف: "أسباب اختيار مستشفى غزّة الأوروبي لعلاج حالات كورونا، هو أنّه مجهز بأحدث طراز ووفقاً لمستشفيات أوروبا، حيث يعتمد على نفسه بشكلٍ كامل، وحينما تم إقامته كانت المنطقة المقام عليها خالية من السكان تقريباً، ولم يكن في المنطقة شبكات كهرباء أو مياه، وتم تجهيز المشفى ليكون معتمد على نفسه ذاتياً، ويعمل على مدار 24 ساعة من خلال المولدات الكهربائية، وبه نظام فريد وهو تكرير الصرف الصحي واستخدام المياه للري، وأيضاً شبكة المياه المستخدمة للشرب في المشفى خاص ويصل من الداخل المحتل مباشرةً".
واستدرك: "لهذه الأسباب كانت المستشفى قادرة على التعامل بمفردها دون الحاجة إلى شبكات كهرباء أو صرف صحي أو مياه شرب وغسيل"، مُوضحاً أيضاً أنّ المستشفى كان مُعداً لزيادة عدد أسّرة العناية المكثفة وهي النقطة الأبرز.
وبيّن أنّ مستشفى غزّة الأوروبي كان قبل تجهيزه لاستقبال مرضى كورونا يستوعب 12 سرير عناية مكثفة، ولكن بنية المستشفى تسمح بزيادة العدد حتى وصلت قدرة المستشفى لاستيعاب 104 مريض بحاجة لسرير عناية مُركزة، مُؤكّداً على أنّ هذا العدد لا يُمكن إعداده في أيّ من مستشفيات قطاع غزّة.
وأوضح أنّ من بين أسباب تخصيص المستشفى لاستقبال حالات كورونا، أنّه يضم كوكبة كبيرة من استشاريين وأخصائيين كان لهم الفضل في تخريج عدد كبير من أبناء قطاع غزّة الحاصلين على شهادة البورد الفلسطيني، وهي الشهادة الأعلى مرتبة في فلسطين، وأيضاً لهم الفضل في تدريس طلبة الجامعات الفلسطينية بمختلف الكليات.
واستدرك: "مستشفى غزّة الأوروبي يضم كوكبة كبيرة من الأخصائيين القادرين على العمل بجد لإنقاذ حياة المواطن الفلسطيني"، مُنوّهاً أيضاً إلى أنّ المشفى من المستشفيات القليلة الذي تُحيط به ثلاث مدارس، لاستخدامها في حالات الطوارئ، بواقع 1600 مريض في المدارس و400 في المشفى.
وأشار العقاد إلى أنّ وزارة الصحة نقلت غالبية التخصصات إلى مستشفى ناصر بخانيونس، وهو قريب من محافظة رفح والمنطقة الشرقية لمحافظة خانيونس، مُبيّناً أنّ الوزارة قامت بتوزيع بعض الخدمات إلى المستشفيات الأخرى في المحافظة لضمان عدم التأثير على حياة المواطنين.
أضرار لحقت بأهالي الجنوب
وعن الأضرار التي لحقت بأهالي رفح وخانيونس جراء تخصيص الأوروبي لعلاج مرضى كورونا، قال العقاد: "نعم تخصيص المشفى لعلاج المصابين بكورونا، أثر على حياة سكان جنوب القطاع لعدة أسباب، من بينها أنّه في الوضع الطبيعي كانت مستشفيات قطاع غزّة مكتظة وتحتاج لزيادة الأسّرة، كون القطاع الأكثر ازدحاماً في العالم".
وشدّد على أنّ الحصار "الإسرائيلي" المفروض على قطاع غزّة، ألحق بالغ الضرر بالقطاع الصحي، من حيث الاعتماد على المستشفيات الحكومية والاستغناء عن الخاصة، بالإضافة إلى مسيرات العودة الكبرى التي خلفت عدد كبير من المصابين.
ونوّه إلى أنّ أهالي رفح يعلمون بأنّه تم الاتفاق على بناء مستشفى المحافظة المركزي، ولكنّ الحصار حال دون إتمام المشروع حتى اللحظة، وأيضاً كان من المقرر أنّ يتم إضافة مبنى آخر لمستشفى غزّة الأوروبي بسعة 140 سرير، ولم يتم تنفيذه أيضاً عدا عن مشاريع أخرى لم يتم تنفيذها بسبب الحصار الإسرائيلي.
وبسؤال العقاد عن غضب أهالي رفح من قرار وزارة الصحة بشأن تخصيص مستشفى غزّة الأوروبي لعلاج مرضى كورونا، قال: "إنّ وزارة الصحة لم تنسى أهالي رفح، حيث إنّه قبل نحو سنة تم تدشين قسم جراحة المرارة بالمنظار في مستشفى أبو يوسف النجار برفح، وبالتالي تم نقل الخدمات المهمة لمستشفى أبو يوسف النجار للحفاظ على تقديم الخدمات الجراحية".
واستطرد: "خدمة جراحة القلب بمستشفى غزّة الأوروبي مركزية لخدمة جميع سكان قطاع غزّة، وتم نقلها إلى مجمع الشفاء للحفاظ على استمرار تقديم هذه الخدمة للمواطنين"، مُشيراً إلى أنّ جميع مستشفيات القطاع متكاملة في تقديم الخدمات الطبية للمواطنين.
وعن أسباب تذمر أطباء مستشفى غزّة الأوروبي الذين تم نقلهم مؤخراً إلى مستشفى ناصر، قال: "إنّ الأطباء الأكارم الذين خرجوا من المستشفى الأوروبي لمستشفى ناصر لن يشعروا بالراحة التي يحصلوا عليها سابقاً، وذلك لأنّ مستشفى ناصر مكتظ وعدد الأسّرة به لا تكاد تكفي لأهالي المنطقة المحيطة به، بالإضافة إلى عدم وجود عمليات مجدولة ووجود أوقات فراغ كبيرة في ساعات عملهم".
وختم العقاد حديثه، بالقول: "إنّ الخيارات أمام المسؤولين في علاج المصابين بكورونا كانت محدودة، ونظراً للأسباب السابقة تم تخصيص الأوروبي لعلاج حالات كورونا، ولكنّ هذا القرار كان صائباً وتم اتخاذه بعد دراسة معمة، وتمنياتي بأنّ لا يطول الزمن ليعود المستشفى لتقديم الخدمات العلاجية للمواطنين".