مصالحة... على قائمة الانتظار

حجم الخط

بقلم:نبيل عمرو

 

في مخاطبتهما لقواعد حركة حماس، وقع هنية والعاروري في خطأ جسيم احدث ردود فعل سلبية لدى الرأي العام في فتح أدت الى ان تتلبد سماء المصالحة بغيوم إضافية فوق الغيوم المألوفة منذ بدء المحاولات الفاشلة لانهاء الانقسام على مدى السنوات الثلاثة عشر الماضية.

لقد تحدث الاثنان عن ما وصفوه بواقع فتح، وكيف أن حماس هي من ستخرج الحركة التاريخية الكبرى من مأزقها، وقيل كذلك ان الرئيس عباس فشل في كل الخيارات ما يجعله مستعدا اكثر من أي وقت مضى لتلبية نداء الوحدة والمصالحة والاقتراب من طروحات المقاومة تلك الطروحات التي كان يرفضها زمن كانت أبواب كثيرة مفتوحة امامه على صعيد السياسة والدعم الدولي والإقليمي.

قول كهذا ولكي يكون موضوعيا ولو نسبيا يتطلب ان يُستكمل بالحديث صراحة عن واقع حماس والاعتراف باشكالياته وحتى استحالاته، وهو واقع يبدو اكثر تعقيدا من واقع فتح، ولا أخال حماس قيادة وقاعدة وانصار يعتبرون واقعهم نموذجيا ويمتلك مؤهل حل إشكالات فتح والوطن، وكأن حاصل جمع الاشكالين يؤدي الى الخروج من المأزق بصورة تلقائية.

المأزق الخاص بكل فصيل والعام على مستوى الوطن مقسوم بين الجانبين، ففي غزة شكوى مستمرة من سراب الوعود الإسرائيلية الذي ينثر كلما احتاجت إسرائيل لفترة تهدئة مع انتظار مشوب بالقلق لحقيبة العمادي، التي لا تمر الا اذا اجتازت سلسلة من الشروط الإسرائيلية وحظيت بشروط إضافية توضع على حماس.

وفي الضفة مأزق مركب يتمادى في تأثيره السلبي كل يوم، لأنه في واقع الامر سياسي واقتصادي وصحي يغطيه غلاف رقيق قليل الجدوى هو انتظار نتائج الانتخابات الامريكية لعل بايدن يقدم شيئا مختلفا عن ترمب كأن يضع بعض الماء في الخزان الفارغ.

اذا فالمأزق مزدوج ولا منطق في أي سجال قوامه ان طرفا يملك إمكانيات انقاذ الطرف الاخر ويجنبه الإفلاس النهائي ، فلا السلطة المضغوطة تمتلك مقومات حل إشكالات غزة ولا سلطة حماس في غزة تمتلك القدرة على حل إشكالات رام الله ، فالمنطقي اكثر ان ينصرف كل طرف الى حل مشاكله جنبا الى جنب مع جهد اكثر جدية وجدوى لتوحيد الوطن.

ان طرفي الانقسام لو نُظر الى وضع كل منهما على حدة، فسوف نجد في داخله كومة من التعقيدات سواء على صعيد كيانه الذاتي او على صعيد البيئة التي تحسب عليه كمجال لمسؤولياته ذلك ان الطبقة السياسية المتمركزة في رام الله لم تقدم حتى الان أي حلول مقنعة للاشكالات المتنامية والمستفحلة التي يعاني منها المجتمع وكذلك الامر بالنسبة لغزة التي أعطت لشعار المقاومة كل ما تملك وصار من حقها ان تحصل على بعض مما تحتاج.

لقد فترت حماسة المتحمسين على قلتهم لجهود انهاء الانقسام بعد ان رأوا الأمور تسير باتجاه التكيف معه بدل تصفيته واذا كانت الطبقتان السياسيتان في رام الله وغزة تتصوران ان التفاهم بينهما على أي امر هو تفاهم الشعب كله وان الاختلاف هو اختلاف الكل فهذا هو الخطأ الاعمق في تشخيص الوضع العام وبالتالي اذا ما استمر وهو مستمر على أي حال سينتج الفشل الحتمي في المعالجة وهذا ما رأيناه على مدى اكثر من ثلاثة عشر سنة حفلت بالقرائن الدامغة على هذه الخلاصة المؤسفة.

بصيص ضوء التمع ثم خبا هو اعلان المختلفين على انهم قرروا الاحتكام لصندوق الاقتراع ، غير ان سجالا من نوع آخر نشأ حوّل المخرج المحتمل الى مادة إضافية للابتعاد عن الحل فقد جرى التنكيل بالانتخابات قبل اجراءها ليس فقط بالإعلان عن مشروع تقاسم مسبق لنتائجها بل لفتح الزمن بلا حدود على حوار قد يصل مكانه الى العديد من العواصم لمواصلة ذلك الذي لم يتوقف منذ ثلاثة عشر عاما او تزيد واسمه الحوار.