من حمارة الخالة الى دجاجة حسين!

حجم الخط

بقلم: حمدي فراج

 

تدور أحداث الروايتين بين قريتين لبنانيتين حدوديتين مع فلسطين؛ كفر كلا ، و ميس الجبل ، لا يفصل بينهما الكثير، لكن الزمن بين الروايتين يمتد الى نحو سبع وخمسين سنة.

الرواية الاولى ينقلها عبد الله درويش عن حمارة خالته التي ضلت طريقها الى الارض المحتلة قبل ان توضع الاسلاك والحواجز الحدودية، ولكنها عادت بعد بضعة اشهر تجر عربة محملة بالفواكه؛ دراق واجاص، ورغم ان الاطفال حاولوا ثنيها، الا انها ظلت متجهة الى بيت صاحبتها، وكل هذا مفهوم ومقبول ومعقول، حمارة ضلت طريقها قبل ان تدرك ان كيانا جديدا قد زرع، واجراءات امنية معقدة قد اعتمدت، ثم تداركت و عادت اليه بعد بضعة أشهر، لكن من غير المفهوم ان يأتي الى المنزل خلال بضعة ايام افراد من الدرك اللبناني بصحبتهم مختار القرية وقوات من الطواريء الدولية التابعة للامم المتحدة يريدون استعادة الحمارة وتسليمها الى دولة اسرائيل الجديدة، بدعوى ان الحمارة حامل من أب اسرائيلي، وبعد صراخ وهرج ومرج، اتفق الطرفان على ان يأخذا الحمارة ريثما تضع مولودها ثم يتم استعادتها.

وبعد حوالي ثلاثة اشهر عادت الحمارة الى بيتها بصحبة ابنها، ونتخيل بالطبع مدى فرحة "الخالة" بهذه العودة المظفرة، وكذلك فرحة اهل الضيعة، ولكن سرعان ما أنفض مولد الفرح، اذ عاد الدرك والمختار والقوات الدولية، واصروا على أخذ الابن الذي قاوم ترك امه، لكنهم بعد لأي تمكنوا من ربطه وتحميله في سيارة عسكرية، رغم ان القوانين المرعية في كل دول العالم ان حضانة الطفل من حق ألام.

يشير الكاتب الى ان القصة حقيقية وموثقة في سجلات الامم المتحدة العاملة في الجنوب شهر تموز عام 1963.

الرواية الثانية لم يمض عليها بضعة ايام فقط ، عن دجاجة من دجاجات الطفل حسين شرتوني ابن التسعة اعوام، التي فرت الى منطقة السياج الحدودي ، وعندما لحق بها في محاولة لاسترجاعها، اطلقت عليه النار التحذيرية، ولو كان في ريعان العمر لتم قنصه. لم يتمكن حسين من مواصلة محاولته، لكنه ظل يقول "بدي جاجتي" ، وانتشر هذا الوسم في وسائل التواصل الاجتماعي .

في عام 1956 ، وعندما كان لغسان كنفاني من العمر عشرين سنة، عمل مدرسا في الكويت، وفي العطلة الصيفية كان يعود الى لبنان، وكان يتعمد ان يمسح حذاءه لدى طفل فلسطيني في عمر حسين صاحب الدجاجة، في احدى المرات قال له : يا استاذ ، صار لك سنة لم تغير حذاءك.

تساءل غسان في قرارته، اذا كان هذا الطفل لم ينس شكل الحذاء، فكيف سينسى فلسطين؟

الجواب برسم الإخوة العرب ممن طبعوا مع اسرائيل!