يوم الأسير ... يوم الأرض ... يوم المياه ... النكبة ... يوم الشهيد ... يوم القدس
حافلة الأجندة الفلسطينية بالمناسبات والأحداث التي اعتدنا على إحيائها في مرحلة الروضة، جميل أن يحتفل الأطفال وينشدوا ويرفعوا الصور، وفي مراحل المدرسة من الأساسية الى الثانوية جميل أن تصدح الإذاعة المدرسية والنشاطات، في الجامعة كذلك، ولكن ما هو الأثر الذي تركته هذه المناسبات على أهلها والمعنيين فيها؟
اليوم، يجب أن نحدث تحولا استراتيجيا في تعاطينا مع هذه القضايا وغيرها بصورة تفضي إلى نتائج، خصوصا أن دور الفصائل ومؤسسات المجتمع الأهلي ليس فقط توجيه الناس للذهاب الى أمام الصليب الأحمر للتضامن مع الأسرى وإبقاء قضيتهم حية فهذا موضوع بإمكان طلاب الصف الأول والثاني الأساسي القيام به، وليس دورهم فقط زراعة شتلة وشجرة (على أهميتها ولا انتقص منها)، وليس دورهم حث الناس على الاحتفاظ بمفتاح العودة كهدف فقط، والأرض والسمسرة عليها لجهة المستوطنين مستمرة خصوصا في القدس، هل دورنا فقط قد الثوب وندب الحظ والإعلان عنهم خارجين عن الدين.
لم يعد الناس مؤهلين للتفاعل مع ذات التكرار ومن ثم يسمعون تقييما انهم مقصرون بحق الأسرى ومواجهة الاستيطان وضمان حق العودة لمجرد ان جزءا من الناس يتفاعل مع الفعاليات التي تعلن وباتت مكررة، والباقي يرى أن الأمر للخطابة وتعدد الرايات وتعليقات من مجموعة ضد منظمي الفعالية رغم أن الفعالية معلنة باسمهم جميعا.
وتلمع فكرة بتشكيل جديد يتعاطى بجدية مطلقة مع كل هذه القضايا وفجأة تتحول الى لوحة إعلانات للتعازي والتهاني، رغم أن الفكرة والحديث عنها بقوة يعطي إيحاء مختلفا، ويصر شخص بنفسه ليشكل منبرا اعتراضيا ولكنه للأسف لا يصل الى أن يكون أمة بل يظل يجتهد ولكنه لم يضم معه آخر ليعينه مثلا.
ويصبح الملف اختصاصيا بشكل واضح لمجموعة همها الأساسي الأسر وأخرى الاستيطان وأخرى القدس وأخرى اللاجئون، لكنه لم يتحول الى قضية شعب ورأي عام ضاغط على الاحتلال والعالم وتحويل مكونات الملف الى عبء على الاحتلال والشغل الشاغل للعالم، وهناك جهد بذل ولكنه اختفى مثل تشكيل هيئة حكماء لقضية الأسرى على المستوى الدولي، وذات الجهد للاجئين وغاب الموضوع، تارة لأنه اغرق في التسييس والجهوية الحزبية أو لأننا «كبرنا حجرنا» في البداية ولم نصب.
آن الأوان منذ اليوم، 17 نيسان، يوم الأسير الفلسطيني أن نعمل تمرينا محوره سبل تحويل قضية الأسرى الى قضية رأي عام وهم وطني ممنوع أن نمر عليها مر الكرام فنذهب فقط للاعتصام أمام «الصليب الأحمر» ولا نحمله مسؤولياته الملقاة على عاتقه من خلال اتفاقية جنيف الرابعة 1949 التي تخوله بمسؤوليات يقوم بها لتحويل ملف الأسرى الى عبء على الاحتلال وليس عبئا على أهالي الأسرى، وحتى لا تتحول الملفات كافة وخصوصا الأسرى الى قضية خلاف وانقسام داخلي.
اذكر عندما تتصاعد قضية الأسرى ويصبح الكل الفلسطيني جاهزا أن يخرج بقضه وقضيضه بصورة تنعش القلب، يخرج علينا من يهاجم القيادة السياسية ومن يهاجم طرفا سياسيا ومن يريد أن يصعد ضد الانقسام ومن يقف وراءه، وهذه تكون خدمة مجانية لإفشال التوجه الشعبي للتفاعل مع الأسرى والحديث عن تفاصيل معاناتهم والتفكير الخلاق باتجاه الضغط في هذا الملف.
يجب ان نقنع أولا الرأي العام ومن ثم العالم أجمع أن الأجندة الوطنية الفلسطينية ليست للاستخدام بل هي مكون أساسي من مكونات القضية الوطنية نسعى لحلها بشكل جذري وليست منصة لكيل الاتهامات وكأننا نحن السجان الذي يختطف الأسرى، أو نحن من يحجب حق العودة، ونحن من نتنازل عن أراضينا ومياهنا، وهذا معيق أساسي في تفاعل الناس مع الأمر.
منتصف السبعينات وبعدها الانتفاضة الأولى كانت كل هذه القضايا الشغل الشاغل للبلديات «المنتخبة في ظل الاحتلال» والجمعيات النسوية والنقابات العمالية وتم تشكيل لجنة للأسرى في الهلال الأحمر الفلسطيني برعاية الصليب الأحمر، جميع هؤلاء كانوا يضغطون على الاحتلال وعلى الصليب الأحمر ليمارس صلاحياته القانونية الدولية والضغط على الأطراف المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة، ومن ثم تبلور «بيت الشرق» الذي لعب دورا مفصليا في القدس لمتابعة كل هذه الملفات وتحويلها الى ملفات ضاغطة على العالم والاحتلال ولعل الإضراب الأطول لمؤسسات القدس وشخصيات العمل الوطني ظلت حاضرة في الأذهان لغاية، اليوم.
وكانت الحركات الشبابية منذ السبعينيات حتى التسعينيات صمام أمان لحماية الأرض وزراعتها لمنع المستوطنين من التمكن منها وكان الشباب يطوفون الوطن لحماية الأرض، اليوم، أصيب الناس بحالة انطفاء بسبب واقع الأرض من جهة وقصور القوى والفصائل عن حماية الناس وحماية مالهم وأراضيهم.
دعونا، اليوم، نعد الى وضع استراتيجيات واضحة في جميع الملفات على الأجندة، ونصنع فرقا يعالج الانطفاء ويمنع عنا تحويلها الى ملف خلاف وانقسام داخلي، وهناك من يستطيع أن يحول الملف الى ضغط دولي على العالم.