في خضم الحرب المستعرة و المتعددة الاطراف، التي تعاني ويلاتها الاراضي السورية كانت المفاجأة اقدام سلاح الجو التركي على اسقاط المقاتلة الروسية "سو –"24 متحديتاً بذلك قوة دولية لا يستهان بها، ومتجاهلة لعنف الرد المتوقع منها ،وفي الوقت الذي أدلت فيه القيادة التركية بالمعلومات التي تؤكد سلامة موقفها، انطلاقا من حقها في الدفاع عن حدودها، والتعامل مع الطائرة وفق قواعد الاشتباك التي سبق وأن أعلنتها، اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إسقاط الطائرة بأنه بمثابة طعنة في الظهر من قبل من يتواطؤون مع الإرهاب، مؤكدا أن العواقب ستكون وخيمة.
وتصدرت هذه الحادثة وما لها من أبعاد وتداعيات، ردود دولية وإقليمية مختلفة، كان للكتاب والمحللين نصيب منها .
خطوة غير محسوبة ..
فالكاتب والصحفي الفلسطيني "عبد الباري عطوان "وخلال مقال له أصدره اليوم يرى أنه " لا جدال في حق تركيا الدفاع عن حدودها وأجوائها الوطنية من أي انتهاكات، ولكن اقدامها على اسقاط طائرة حربية روسية هو بمثابة اعلان حرب على دولة عظمى قد يترتب عليه نتائج خطيرة جداً، من أبرزها زعزعة الاستقرار وانهيار الاقتصاد والغرق في مستنقع الحرب، إن لم تكن حرب حقيقية فعلاً".
ويتابع عبد الباري أن " تركيا ستدرك فيما هو قادم من أيام، الفرق بين اسقاط طائرة سورية متهالكة ،انتهى عمرها الافتراضي، وطائرة روسية ".
وأكد عبد الباري أنه " من الصعب على الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين"، ابتلاع مثل هذه الاهانة ، وعدم الرد عليها بطرقة أقوى فليس من عاداته الصبر وعدم الرد على الاهانات، ولا يتردد مطلقاٍ من الانتقام بحرب مباشرة أو بالإنابة في أسوء الأحوال ".
وبين أن " ردود الفعل الروسية على اسقاط هذه الطائرة، نجد أنها توحي جميعها بأن الانتقام بات وشيكاٍ، وقد يكون عسكرياً، ولن يقتصر على اسقاط طائرة تركية، " أي أن الطائرة بالطائرة والبادئ أظلم".
وشدد عطوان على أن "استنجاد تركيا بحلف الناتو لن ينقذها والتجارب السابقة والتاريخ يشهد ( عندما هاجمت فرقة كوماندوز بحرية اسرائيلية سفينة مرمرة في المياه الدولية قبالة شواطئ فلسطين المحتلة )".
في المقابل، قال المحلل السياسي الروسي، ليونيد سيكونين، إنّ حادث إسقاط الطائرة الروسية سيترك آثاراً سلبية في العلاقات الروسية- التركية.
وأضاف أن "العلاقات الروسية- التركية كانت متوترة في الفترة الأخيرة، والآن أصبحت في غاية التوتر".
دوافع وأسباب اسقاط الطائرة
وتساءل عطوان " عن اذا ما كان السبب الرئيس والدافع وراء اقدام تركيا على اسقاط المقاتلة الروسية وهل لذلك علاقة بنوايا تركية متعمدة لإشعال فتيل حرب مع روسيا بتحريض أمريكي ؟ أم أن بوتين استفزها بإرسال هذه الطائرات لجرها لحرب اقليمية؟
وتابع "لماذا في هذا الوقت بذات تقوم تركيا بتغير استراتيجيتها وتقوم بإسقاط مقاتلة روسية ، علماً بأنها كانت قد تعايشت مع اختراقات سابقة لطائرات روسية لبضعة أمتار أو حتى كيلو مترات قرب حدودها، برغم من أن هذا الانتهاك لم يستغرق ثواني ".
من جهته ، رأى الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، هاني حبيب في مقالة له اليوم " أننا ا امام تحالفات معقدة مترابطة ومتناقضة ومتحاربة على جبهات لا حصر لها. ورغم عبرة التاريخ ودلالته، الا انه لا يكفي من خلال المقاربة حينا والمقارنة حينا آخر، لتفسير ما يجري في الواقع".
وأكد حبيب أن " تركيا بإسقاطها لطائرة الروسية ، تتعمد إعادة الأمور الى المربع الأول، ومصادرة كل تقارب بين التحالفين، وبما يحقق المصالح التركية التي ترى في الحل السياسي في سورية، تهديدا لمصالحها الاستراتيجية!!".
بدوره يرى المحلل السياسي التركي، أوكتاي يلمظ، أن " الصراع ليس بين روسيا وتركيا، وإنما بين الناتو وروسيا".
مستقبل مجهول
وحول مستقبل العلاقات التركية الروسية بعد هذه الحادثة رأى عطوان أن "الرئيس التركي بهذه الفعلة يكون استدرج الى مستنقع دموي من الصعب عليه الخروج منه بأقل الخسائر، ماديا وبشريا، حتى لو لم يأت الرد الروسي حربا شاملة.
ويوضح عطوان أنه "لا يبالغ اذا الانجازات الاقتصادية على وشك التبخر ، على وشك التبخر، خصوصا وأنه وقبل شهر كانت روسيا وتركيا قد وقعتا على اتفاق تبادل تجاري ، ومشيراً أن قطاع السياحة سيكون المتضرر الأكبر والذي يعتبر أحد ركائز الاقتصاد التركي .
بدوره قال المحلل السياسي التركي، أوكتاي يلمظ، إنّ" إسقاط الطائرة الروسية يُؤثر بشكل سلبي على العلاقات الروسية- التركية، على الرغم من أنّ روسيا تعد شريكاً كبيرا لأنقرة اقتصادياً وسياحياً."
يبدو أن تركيا لم تكن تدرك أن تدخلها في الشؤون الداخلية السورية منذ بدء الأزمة السورية قبل نحو خمسة أعوام ، لن يكون مسألة بسيطة وأن النظام السوري سيسقط بسرعة فائقة كما سقط غيره من الأنظمة العربية، متجاهلة البعد الاستراتيجي ، لبقاء النظام السوري في مكانه .
ويبقى السؤال مطروحاً بماذا سترد روسيا على هذه الاهانة والاعتداء السافر على مقاتلاتها ؟؟!