أدى انفجار وقع في مخيم البرج الشمالي قرب مدينة صيدا اللبنانية، إلى وقوع عدد من الضحايا والإصابات في صفوف قاطني المخيم، الذين جلهم من اللاجئين الفلسطينيين.
وقالت وكالة الأنباء الوطنية اللبنانية: إنّ "الانفجار وقع في مستودع للذخيرة والأسلحة تابع لحركة حماس، واندلعت على إثره نيران ضخمة".
بدوره، صرح مصدر عسكري: إنّ "حريقاً في مستودع ذخيرة وأسلحة ومواد غذائية تابع لحركة حماس أدى إلى وقوع الانفجار الضخم"، مشيراً إلى أن أسباب اندلاع الحريق لم تتضح حتى الآن.
ونفى مسؤول في المخيم أن يكون المستودع يحتوي على ذخيرة، لافتاً إلى أن المستودع كان يحتوي على قوارير غاز وأجهزة أكسجين، وهو ما أكدته حركة حماس في بيان متأخر صدر منتصف اليوم التالي للانفجار.
وفيما كانت أصوات التفجيرات في صور والقرى المجاورة تسمع بشكل كبير، عمد الجيش اللبناني إلى تطويق المنطقة ومنع الدخول والخروج من المخيم، وقد كلف النائب العام الاستئنافي في الجنوب القاضي رهيف رمضان الأجهزة الأمنية، وكذلك خبراء متفجرات للكشف على المستودع، وتم فتح تحقيق بالموضوع لمعرفة ملابسات الحادث.
واستنكرت حركة حماس، ما وصفته حملة التضليل الإعلامي، ونشر الأخبار الكاذبة التي رافقت الحادث المؤلم الذي وقع في مخيم "البرج الشمالي" جنوب لبنان، مؤكدة أن ما جرى نشره من أخبار عن أسباب الحادث، ومقتل عشرات القتلى، ما هو إلا أخبار مفبركة لا أساس لها من الصحة.
وأكدت الحركة، أنّه لا صلة للحركة بأي بيان صدر عن الحادث، معبرةً عن ألمها لهذا الحادث، مشيدةً بحالة الوعي والمسؤولية التي أظهرها المجتمع الفلسطيني في لبنان بتضامنه وتلاحمه.
ولفتت الحركة، إلى أنّ الحادث بعد الوقوف على ملابسات الحادث، والاستماع لشهود العيان، تبيّن أنه ناتج عن تماس كهربائي في مخزن يحوي كمية من أسطوانات الأكسجين والغاز المخصصة لمرضى الكورونا، وكمية من المنظّفات والمطهّرات والمواد الأولية المخصّصة لمكافحة كورونا.
يذكر أن انفجارًا شبيها وقع في سوق الزاوية بمدينة غزة حيث تعرض لانفجار ضخم في شهر تموز الماضي؛ ما تسبب في مقتل وإصابة أكثر من عشرين مواطنًا وإلحاق أضرار بمحلات تجارية، كما خلف دمارًا كبيرًا بمنطقة عمر المختار؛ ناتجا عن انفجار وقع في بناية سكنية في السوق.
وتوالت ردود الأفعال التي هاجمت حماس، واستنكرت وجود أسلحة داخل أحد المستودعات أو المساجد في مخيم البرج الشمالي.
وأعرب عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد مجدلاني، عن القلق الشديد جراء الانفجار الذي وقع في مسجد بمخيم البرج الشمالي جنوب لبنان، معتبرًا أن هذا الأمر يثير المخاوف تجاه أمن أبناء شعبنا في المخيمات التي يتوجب عدم نقل المشاكل إليها، كونها هشة وضعيفة من حيث البنية التحتية، ومساكنها غير قادرة على مواجهة الشتاء، وليس الانفجارات.
وقال مجدلاني: "أيًّا كانت الأسباب التي تسوقها حماس لتخزين أسلحتها أسفل المسجد، إلا أن ذلك مرفوض وغير مقبول حفاظا على أمن شعبنا وسلامته.
وبين أن الوضع الفلسطيني ليس بحاجة للدخول على خط الأزمة الداخلية في لبنان، في إشارة إلى أنَّ هذا الانفجار من شأنه إعطاء فرصة جديدة أمام من يحرض على الوجود الفلسطيني، وذلك عقب قرار وزير العمل اللبناني للسماح للاجئين بالعمل في مهن كانت محظورة عليهم لعشرات السنوات.
وتابع: حماس لم تستفد من تجربة الثورة الفلسطينية ومنظمة التحرير في لبنان وما واجهته هناك، كما أنها لا تريد الاستفادة من كل شيء وليست هذه التجربة.
إلى ذلك قال عضو اللجنة المركزية لجبهة التحرير سفيان مطر: إنَّ "الانفجار الذي وقع في مخيم البرج الشمالي في لبنان، يدل بشكل واضح على أنَّ حركة "حماس" لم تأخذ العبرة من الانفجار الذي حدث في سوق الزاوية بمدينة غزة قبل عدة أشهر، وأدى لوفاة وجرح عشرات المواطنين".
وشدد مطر، على ضرورة التزام "حماس" بالاتفاق الذي وقعت عليه وكافة القوى والفصائل الوطنية بعدم تخزين المواد المتفجرة في مخيمات أبناء شعبنا، حتى لا تتكرر الانفجارات في مخازن الأسلحة.
وعلى صعيد ردود الافعال اللبنانية، قال رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة "ما حدث في صور دليل على مخاطر السلاح المتفلّت في لبنان".
وأضاف: "السلاح الذي يفترض أنه موجه لإسرائيل أصبح موجها نحو الشعب اللبناني".
وغرد رجل الأعمال اللبناني، بهاء الحريري عبر حسابه في تويتر، قائلا: "إن ما حصل في صور هو جريمة موصوفة، والانفجارات المتنقلة في عدد من المناطق اللبنانية تؤكد أنه بات من الضروري ان تقوم الدولة بمهامها وتفرض نفوذها على كل الأراضي اللبنانية وتنزع الأسلحة المتفلتة وتعمل على تنفيذ القرارات الدولية التي تنص على حصر السلاح بيد الجيش اللبناني".
وأكد المستشار والمحلل السياسي زيد الأيوبي، أن حماس تتحمل مسؤولية الانفجار الذي وقع في مخزن الأسلحة التابع لها والذي أدى إلى إصابة ومقتل العشرات من الفلسطينيين.
وذكر الأيوبي، أن حماس تتعمد تخزين أسلحتها الإيرانية في الأحياء والأماكن المكتظة وهو ما حدث عندما انفجر الطابق السفلي لمسجد بن أبي كعب في مخيم برج الشمالي حيث تخزن حماس أسلحتها وصواريخها ومواد قابلة للانفجار تحت المسجد.
ودعا الأيوبي، جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي ومنظمة الأمم المتحدة والاتحادين الأوروبي والإفريقي، إلى التحرك الجدي لمعاقبة حماس على ما أسماه "جرائمها الفظيعة بحق الشعب الفلسطيني واستهتارها بارواح الابرياء".
وفي سياق آخر، قالت صحيفة يديعوت احرونوت الاسرائيلية، أن حركة حماس شكلت وحدة عسكرية جديدة في لبنان خلال السنوات الأخيرة، "من أجل فتح جبهة إضافية ضد إسرائيل في النزاعات المستقبلية".
وأشارت الصحيفة إلى أن أول هجوم من قبل هذه الوحدة على إسرائيل جاء خلال الحرب التي استمرت 11 يوما بين إسرائيل وحماس في شهر مايو الماضي، عندما أطلقت 4 صواريخ على شمال إسرائيل من لبنان.
ونسب الجيش الإسرائيلي حينها الهجوم إلى "الفصائل الفلسطينية".
وذكر أن قرار إنشاء وحدة حماس في لبنان اتخذ بعد الحرب في غزة عام 2014، "حيث وجد قادة حماس أنفسهم معزولين في القتال ضد إسرائيل"، وفقا للتقرير.
وقالت يديعوت إن نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، صالح العاروري، "الذي يقسم وقته بين قطر وتركيا ولبنان، كلف بقيادة الوحدة".
وتم تكليف الوحدة في البداية بفتح جبهة جديدة ضد "إسرائيل"، مع الاعتراف بأن قدراتها العسكرية ستكون محدودة، وفقا للصحيفة.
وأضافت أن الهدف من إنشاء الوحدة "هو صرف انتباه إسرائيل عن غزة خلال الحروب اللاحقة قدر الإمكان".
وتابعت أن حماس "جندت نشطاء فلسطينيين متحالفين أيديولوجيا معها، ويعيشون في لبنان، للقتال في الوحدة، التي يعتقد أنها تتكون من عدة مئات من الأعضاء الذين يعملون سرا تحت ستار النشاط المدني".
وأفادت أن حماس تعمل على تزويد الوحدة بـ"القدرات اللازمة لتشغيل أسلحة أكثر تقدما"، مثل الطائرات المسيرة.
وأكدت الصحيفة أن "حزب الله، على علم بعمليات فرع حماس الجديد، ومنحه الضوء الأخضر".
وتعقيبًا على ذلك، يشير المحلل السياسي محمد عون، إلى أن الرواية التي ساقتها حماس غير منطقية، وليست مقبولة، فكيف لأنابيب الأكسجين أن تدمر منطقة كاملة بهذا الشكل وكأنها قنابل ذرية، متسائلًا ما هو دور حزب الله في هكذا اوضاع.
وأضاف من رأى الانفجارات والحرائق التي اندلعت وحجم الدمار لا يشك أبدًا بأن ما حصل هو انفجار مستودع اسلحة، محملا حماس المسؤولية الكاملة، ولكنه قال إن نتائج تحقيقات النائب العام في لبنان ستكون هي الفيصل في ذلك.
أما المحلل السياسي أحمد المصري، اعتبر أن حزب الله مستسلم تمام لكل تحركات حماس في المخيمات، ولم يعد يهتم بتحجيم دورها كما كان في السابق، مشيرًا إلى أن ذلك يأتي بضغط ايراني على الحزب الذي لا حول له ولا قوة، وسيقبل بتلك الضغوطات.
وذكر أن من الواضح ان حماس تسيطر على كل المخيمات وتحولها لثكنات عسكرية وترهب أهلها، دون اي رقيب من الدولة اللبنانية أو الأحزاب وعلى رأسها حزب الله، متابعًا "يبدو ان الدولة اللبنانية اعطت حماس شرعية اكتر من اللازم للعمل في مختلف الساحات".
واستهجن المحلل السياسي عبد المجيد سويلم تخزين "حماس" للأسلحة في مسجد بمخيم البرج الشمالي بلبنان، مشيرًا إلى خطورة وانعكاسات هذا الانفجار ضد الوجود الوطني الفلسطيني في لبنان، ودول اللجوء.
وطالب سويلم بضرورة الابتعاد عن تخزين الأسلحة بمناطق مأهولة بالسكان مبينا أن حماس لم تلتفت لهذه المناشدات والمطالبات بالابتعاد عن المدنيين وتواصل عمليات الاستعراض التي تقوم بها، متسائلًا ما الحكمة من تخزين المتفجرات والأسلحة في مسجد ويمكن أن تنفجر في أية لحظة وتؤدي لخسائر، وما المبرر لدى حماس حول تخزين السلاح في المسجد.
وجدد التأكيد على أن هذا النهج "لحماس" مؤسف ومعيب، ويجب وقفه، لأن استمرار مثل هذه الأعمال يشكل خطرا على المدنيين، مشيرا إلى أننا خسرنا مئات المواطنين في غزة جراء هذا النهج الخطير، الذي لا يمكن السكوت عليه، ويجب أن يثار على أعلى المستويات الوطنية.