حماس غيرت مقاربتها وتقوم بإخراج منظمة التحرير من المسرح. إيقاع الأحداث متسارع، وأبو مازن يرى كيف أن كل مبعوثيه يعودون وأيديهم فارغة.
بعد 58 عاماً على إقامتها، منظمة التحرير الفلسطينية تحتضر وتقترب من نهايتها، والسبب: أن فتح بقيادة أبو مازن تجد نفسها حاليا بدون أي من شركائها الفلسطينيين.
السبب الرئيسي لهذا التطور أن حماس توصلت إلى نتيجة مفادها أن مساعيها الكبيرة خلال العشرين سنة الماضية لاختراق منظمة التحرير الفلسطينية للسيطرة عليها تدريجياً من الداخل لم تنجح.
كانت الأمور تتدحرج بسرعة في الأسابيع الأخيرة حيث طالب أبو مازن بانعقاد "المجلس المركزي" لمنظمة التحرير الفلسطينية، وهو هيئة من حوالي 100 عضو من مختلف الفصائل التي نادراً ما تجتمع، ولغرض اتخاذ قرارات غير عادية ذات أهمية. وكان أبو مازن ينوي عقد المؤتمر في 20 يناير. من أجل الحصول على موافقة المجلس والاستفادة منه في الاستمرار في التهديد برفض الاتفاقات مع إسرائيل والتعاون الأمني وحتى تقديم هذا المطلب بما في ذلك بئر السبع وعسقلان ونهاريا. ستصبح القدس بأكملها منطقة تحت إدارة دولية.
مارست الولايات المتحدة وراء الكواليس ضغوطاً شديدة على أبو مازن لإلغاء المؤتمر أو على الأقل تأجيله إلى موعد غير معروف. رغم أن أبو مازن غاضب جداً من إدارة بايدن التي لا تفي بوعدها بإنشاء قنصلية في القدس، إلا أنه يدفع بالقضية الفلسطينية إلى الهامش لكنه في النهاية قبل بنصيحة واشنطن.
أبو مازن يُقدم الأمور في أحاديثه الخاصة كبادرة من جانبه تجاه الإدارة الأمريكية، لكن الحقيقة مختلفة تماماً. الجبهة الشعبية، كما كتبنا هنا، أصبحت مؤخرًا مجازًا لحماس وأعربت عن دعمها للخطوط العريضة التي قدمتها حماس إلى رؤساء المخابرات المصرية كأسلوب للمصالحة في الساحة الفلسطينية. ويتحدث مخطط حماس عن "إعادة بناء" منظمة التحرير الفلسطينية بمشاركتها، دون أن تأخذ على عاتقها احترام الاتفاقات التي وقعتها منظمة التحرير الفلسطينية مع إسرائيل. في الأيام الأخيرة، انضم معظم أعضاء منظمة التحرير الفلسطينية إلى حماس.
وأرسل أبو مازن جبريل الرجوب إلى دمشق لإقناع قادة الفصائل الجالسة هناك، مثل الجبهة الديمقراطية والصاعقة وجبهة الكفاح الشعبي وتنظيم أحمد جبريل، بالموافقة على المشاركة في اجتماع المجلس المركزي. لكن الرجوب فشل فشلاً ذريعاً في إقناعه، وهكذا حدث مع المبعوثين الذين أرسلهم أبو مازن إلى بيروت.
والنتيجة هي أن فتح في منظمة التحرير الفلسطينية متروكة وحدها. لم يعد هذا إطارًا وطنيًا واسع النطاق كما كان يُنظر إليه في الماضي، وتزداد فرص انضمام حماس إلى شركائها الصغار في إنشاء إطار عمل منافس من شأنه أن يدفن الاعتراف التقليدي بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل وحيد للفلسطينيين.
