العرب والكرد في خندق واحد

حمادة-فراعنة-1.png
حجم الخط

بقلم: حمادة فراعنة

أجاد مركز القدس للدراسات السياسية مع لجنة المبادرة الكردية - العربية لدى المؤتمر الوطني الكردستاني، في عقد مؤتمر: «العرب والكرد.. الحوار طريق المستقبل المشترك»، يوم السبت 22 كانون الثاني 2022.
أجاد في اختيار موضوع مهم حساس قوي، متروك، مهمل إما بسبب الاهتمام بقضايا أكثر سخونة، أو بقرار غير مسؤول ينظر إلى القومية الكردية نظرة غير واقعية، وضيقة الأفق التي لا تولي جزءاً من شعبنا لدى سورية والعراق، نظرة المواطنة المتساوية المتكافئة، إضافة إلى نظرة تركيا وإيران الأكثر عدوانية نحو القضية الكردية، لأن أي نهوض للكرد سيعصف بمجمل المشهد السياسي السائد الذي فرضته القوى الاستعمارية، التي مزقت أرض العرب لتسهل السيطرة عليها وإخضاعها، كما فعلت بأرض الكرد حيث قطعتها بين 4 دول، ومزقت شعبها.
مؤتمر العرب والكرد، رغم تواضع المشاركة، لكنه ضوء مهما بدا خافتاً، تشع أهدافه على طرفي العلاقة العربية الكردية، كما هي مكانة الكرد في الأردن وفلسطين محترمة نظيفة رفيعة المستوى، حيث لم تظهر إطلاقاً أي مظاهر من التفسخ أو العداء أو العنصرية بيننا كمواطنين في الأردن وفلسطين.
الكرد يحتاجون لروافع عربية لاستعادة ما فقدوه، لأن قضايا العرب متداخلة مع الكرد بنفس المعاناة والتسلط والمؤامرات، وليس أدل على ذلك ما تعرض له الشعب الفلسطيني من تمزيق أرضه وتشريده وفقدانه حق تقرير المصير والحرية والاستقلال.
في 25 أيلول 2017، تشرفت برئاسة وفد أردني من النواب والكتاب بدعوة كريمة من طرفي المعادلة الكردية: الحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، لحضور الاستفتاء على مستقبل كردستان، وفي كلمتي الافتتاحية أمام المؤتمر الكردي العربي آنذاك تم على هامش إجراء الاستفتاء، نبهت لخطورة هذه الخطوة ليس لأنني ضد حق الكرد في تقرير المصير، وليس لأن الخطوة الكردية خاطئة جوهرياً، بل لأن توقيتها غير ملائم، وطالبت الكرد بالعمل لكسب العراقيين لعدالة مطالبهم وانحيازهم لشرعية هذه المطالب أولاً، لا أن تظهر هذه الخطوة وكأنها ضد مصالح الشعب العراقي، كما نبهت أن هذه الخطوة تشكل خطراً واستفزازاً لتركيا وإيران حيث ستعملان بقوة ضد إرادة الكرد وضد تطلعاتهم المشروعة.
الاستفتاء تحقق ونال 90 بالمائة من مشاركة الكرد، ولكن النتيجة السياسية كانت وبالاً على كردستان، دفعت الرئيس مسعود البرزاني للتراجع عن رئاسته للإقليم، مع أنه ما زال الرجل الأقوى والضمير الحي لقضية شعبه.
الذوات الذين لبوا دعوة مركز القدس والمؤتمر الوطني الكردستاني توقفوا ملياً أمام علاقات التصادم بين القوميات الأربع: العرب والكرد والأتراك والفرس، فبدلاً من أن تكون توافقية على قاعدة المصالح المشتركة القائمة على التاريخ الطويل، والشراكة الجغرافية والتراث المتداخل، فهي بسبب المؤامرات الاستعمارية، والتحريض لقوى متطرفة، ودور المستعمرة الإسرائيلية بتخريب العلاقة، نجدهم يستجيبون لمظاهر غير ودية، ما يتطلب حقاً، الوصول إلى قاعدة من الاحترام وحُسن الجوار، مهما توفرت قضايا خلافية.
لنتعلم من التجربة الأوروبية التي نجحت في تحقيق تطلعات شعوب أوروبا نحو الديمقراطية والتعددية والشراكة مع الآخر بعد سنوات طويلة من الحروب.
مؤتمر الحوار العربي الكردي يُسجل لأصحابه سعة أفقهم نحو ضرورة البناء عليه من أجل مستقبل موحد ديمقراطي ندي تعددي بين العرب والكرد ليشكلا قاعدة نحو إيجاد البدائل نحو علاقة ندية محترمة للقوميات الأربع: العرب والكرد والترك والفرس، فهل يمكن؟.