هل تنجح العملية الروسية بـ "فكفكة" "الناتو" وعرقلة الحرب الباردة الحديثة؟!

حجم الخط

 كتب حسن عصفور

 العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، التي أطلقها الرئيس بوتين يوم24 فبراير لن تقف حدودها في أوكرانيا، فتلك ليس سوى رأس الحربة للأهداف الحقيقية التي فرضت خوض "المغامرة الكبرى" للرئيس الروسي، في القرن الواحد وعشرين، أي كانت نتائج تلك العملية الجراحية الفريدة.

لم يعد هناك كثيرا من أسرار سياسية خلف العملية الروسية، حيث بدأت تتضح الى حد كبير الأهداف التي تبحث عنها روسيا الحديثة، وأول تلك الأهداف، ما يتعلق بمكانة الحلف الأطلسي المعروف إعلاميا بـ "حلف الناتو"، ليس فقط لأنه خرق كل الاتفاقات التي تمت ما بعد تفكك المنظومة الاشتراكية والاتحاد السوفيتي ومعهما الانتهاء من "حلف وارسو"، بل لأن الحلف الأطلسي بدا يتجه لخلق حالة جديدة من "الحرب الباردة" كونيا.

عندما جاءت الإدارة الأمريكية الجديدة، أعلنت بشكل واضح، ان أولوياتها العالمية تتجه الى "وقف الصعود الصيني" ومحاصرة روسيا وطموحهما المشترك، بعيدا عن اللغة البحثية المستخدمة، ولكن جوهر الرؤية الأمريكية الجديدة، الاتجاه لخلق قواعد حرب من نوع جديد ضد "الثنائية الصينية – الروسية" النامية بقوة وبسرعة، ربما لم تكن ضمن حسابات ما بعد انهيار المنظومة والاتحاد.

ولم يعد خافيا أبدا، أن "القطبية الثنائية" تمكنت، وبدون أي استفزاز أمني – عسكري، من خلق واقع اقتصادي عالمي امتد من بكين الى موسكو، مرورا بإيران ودول الخليج، شملت مختلف جوانب العلاقات، وبينها الأهم موضوع الطاقة، ونسجت روسيا منظومة تعامل إيجابي وفاعلة مع دول الخليج المنتجة، خاصة السعودية والإمارات وحتى قطر، ما أرسل إنذار مبكر الى الإدارة الأمريكية، ان القادم لن يكون ابدا كما السابق، لو استمر الأمر دون عرقلة بطرق أو بأخرى.

أمريكا وتحالف محور الشر، يدركون أن "الحرب الاقتصادية" مع "القطبية الثنائية" قد لا تأتي برح سياسي سريع، بل قد تجني فشلا خاصة مع نسيج العلاقات الجديدة التي نشأت مع غالبية دول، كانت ضمن "نطاق الهيمنة الأمريكية" سياسيا – أمنيا واقتصاديا، خاصة مع بروز الهند كمركز اقتصادي جديد، يميل الى "القطبية الثنائية".

الاتجاه الأمريكي لبلورة عناصر حرب باردة جديدة، ذهبت نحو ما اعتقدته دوائر المخابرات في واشنطن، الخاصرة الأكثر حساسية حول روسيا لتطويقها بحزام عسكري – أمني، يمثل كابحا مباشرا لنموها، ومعرقلا لتطورات قد تنتج عن صعود "القطبية الثنائية" في تلك البلدان، فاختارت أوكرانيا كرأس حرب لتمرير نسختها المستحدثة من حرب باردة.

العمل على زج أوكرانيا للانضمام الى حلف الأطلسي (الناتو) مع الطموح النووي، مترافقا مع حرب اضطهاد قومي للروس داخل الأقاليم التي كان يفترض لها أن تنال حق تقرير مصير ذاتي، لم يكن رسالة "صداقة" بل هي رسالة حرب بأشكال خرى، يضع روسيا أمام خيار لا غير، أما حماية أمنها القومي أو الاستسلام، ما يؤدي الى كسر أحد أركان "القطبية الثنائية".

فكان الرد، سريعا حاسما غير مرتعش أبدا، تسير العملية رغم كل الضجيج الأمريكي والأكاذيب التي ترافقها وحرب اقتصادية فريدة، نحو تحديد ملامح المشهد الكوني القادم، والذي لن يكون ابدا كما كان قبل 24 فبراير، وربما بحرص نادر على منع وقوع دمار وضحايا كون الهدف تطهير بلد وليس تدميرها.

ومع كل الاستنفار الغربي الاقتصادي، والحديث عن "وحدة دول حلف الناتو"، لكن الواقع ونتائج العملية العسكرية الروسية الذاهبة نحو تحقيق هدفها المباشر، على طريق الأهداف القادمة، أن مصير حلف الأطلسي (الناتو) سيكون من أبرز القضايا التي ستكون على طاولة رسم الخريطة الجيوسياسية الجديدة.

وكما يقال، سينقلب السحر الأسود في "الحجاب الأوكراني" على الساحر الأمريكي، بفكفكة ما بنته من تحالف عام 1949 عبر حلف النانو، الذي يعد استمراره أحد أبز معالم الحرب الباردة والعدوانية ضد الدول غير الأعضاء أو التابعة.

الاستقرار الكوني والسلام العالمي يتطلب وضع نهاية كاملة لذلك الحلف العدواني..فوجوده رمز للشر السياسي لا أكثر!

ملاحظة: عدم تأييد العملية الجراحية الروسية لإزالة "ورم سرطاني" لا يعني عدم مطالبة رأس الشر الكوني أمريكا أن تطبق كلام مندوبتها في مجلس الأمن على أخطر كيان عنصري اللي أسمه إسرائيل...بدها شوية لحلحلة يا باردين الوجه والعقل.

تنويه خاص: ما حدث في نابلس ضد القيادي بالجهاد خضر عدنان مش لازم يمر كأي رصاصة طائشة..محاسبة مطلقها واجب وطني قبل الأمني...وكمان يا سيد خضر خففها شوي..والباقي عند الأمين زياد!