"تنفيذية" منظمة التحرير من قيادة "الفعل الوطني" الى "التحنيط الوطني"!

1638599527-781-3.jpg
حجم الخط

كتب حسن عصفور

 كان الاعتقاد، أن عقد المجلس المركزي، رغم كل العوار المرافق له، في فبراير 2022 سيكون انطلاقة جديدة للمؤسسة الشرعية الفلسطينية، التي أصابها "عطب سياسي وعفن قانوني"، بعدما تأكد أن لا مجال للبحث عن تجديد لـ "شرعية انتقالية" ترسخ المفهوم الإسرائيلي للحكم الذاتي أثر اغتيال دولة الفصل العنصري اتفاق "إعلان المبادئ" الموقع سبتمبر 1993.

ومع تجديد رئاسة المجلسين الوطني والمركزي، وخاصة ما صدر بيانا واضحا ومحددا نحو العمل على حماية الشرعية الوطنية، وتنفيذ قرارتها المعتمدة، وتحديدا ما يتعلق منها بـ "فك الارتباط" مع دولة العدو القومي، التي تعمل بكل السبل لتكريس مشروعها التهويدي الإحلالي للمشروع الوطني الفلسطيني، مستخدمة الانقسام قاطرة قيادة ذلك.

وبعد مضي 3 اشهر، تبين أن التحديث تركز على تفعيل مكتب رئاسة المجلسين وتفاعله مع الأحداث عبر بيانات وتواصل مع الأشقاء والعالم، ما يحسب لهم ذلك، وغيره لم يلمس أي خطوات عملية يمكنها أن تمنح الفلسطيني، داخل "بقايا الوطن" وخارجه ما يشير أن هناك فعل تجديدي، بل العكس تماما، فقد تم اختفاء كلي للقيادة التنفيذية لمنظمة التحرير (اللجنة التنفيذية)، ولم يعد لها دورا ولا قيمة سياسية، وبات مهمة أعضائها مقتصرا على بعض جوانب "الواجب الاجتماعي" من تهاني وعزاء وبيانات خاصة بين حين وآخر، كي لا يتم قبر الأفراد بعدما تم تحنيط المؤسسة ذاتها.

خلال عام ويزيد، لم تتمكن التنفيذية من تسمية "امين سر" لها بعد رحيل د.صائب عريقات، وكأن الأمر دخل ضمن حسابات "الرئيس البديل"، رغم أنه غير ذلك تماما في ظل وجود المجلس المركزي صاحب الحق الأول في تسمية رئيس التنفيذية، ولكنه مؤشر على الذهاب لعملية "تحنيط" المؤسسة الشرعية الأم، وفتح الباب لتفاعلات "ثنائية" بديلة.

العجز عن تسمية أمين سر هو رسالة صريحة، ان "التنفيذية" لا دور لها ولا مكانة في القرار اليومي، رسميا أو شبه رسمي، وكل ما لها الانتظار الى حين رغبة الرئيس محمود عباس دعوتها لغاية يقررها وليس لغاية وطنية مفروضة بحكم المواجهة الدائرة فوق أرض فلسطين التاريخية، ضفة وقدس وقطاع وجليل ومثلث ونقب.

وكان إعادة تسمية دوائر "تنفيذية المنظمة" واختيار موظفين عامين لمليء شواغرها، الخطوة الأولى على طريق "التفريغ السياسي" للمؤسسة الشرعية القيادية، وتم استكمالها بأن يصبح حضورها وفق الرغبة الرئاسية وليس وفقا الضرورة الوطنية.

ولعب صمت بعض فصائل المنظمة التاريخية أو التواطؤ بحسابات ضيقة، تحت شعارات مختلفة، دورا مركزيا في عملية "التحنيط السياسي – التنفيذي" للخلية الأولى في الشرعية الرسمية، والأغرب أن تخرج تلك الفصائل للعامة شاكية باكية متوسلة دورا ومهمة، دون أن تضيف لها عبارة "التفرد"...

ومن باب التأكيد على عدم حضور تلك المؤسسة في الوعي الوطني، يمكن سؤال الفلسطيني، خاصة الشباب منهم عن مسمى دوائر منظمة التحرير، عددا ومهام، ومعها أسماء أعضاء التنفيذية، فذلك قياس نسبي لحقيقة سياسية تصر الرئاسة على طمسها...

السلوك الرسمي في "تحنيط" الشرعية هو الجائزة الكبرى لمخطط "البديل"، الذي بدا ينشط في أكثر من اتجاه وصعيد، وعبر "أنفاق سياسية" مع مراكز تأثير إقليمية ودولية، رغم كل مظاهر "العداء الزائف"، كونها أدوات تخدم الهدف المركزي في إنهاك الشرعية التاريخية واختراع "شرعية مؤقتة"، يمكنها أن تتجاوب مع المشروع السياسي البديل، الرافض لقيام دولة فلسطينية على أرض فلسطين وفقا لقرار 19/67 عام 2012.

التوافق العملي بين "الممثل القائم" ورغبات "البديل المنتظر"، يتم تجسيده في تغييب كلي للخلية القيادية الأولى، بل وتغيير واقعها ومهامها، وبعيدا عن حركة البيانات الباهتة التي لا تتذكرها سوى لخدمة ذاتية وليس حماية للوطنية.

إنذار أخير، دون هبة فعل لبقايا المؤسسة وخاصة المركزي بعد التجديد، فالمرحلة القادمة في الضفة وبعض القدس ستشهد إستكمال "مشروع شارون الكبير"، الذي أطلقته أمريكا إسرائيل عبر خطة "فك الارتباط" أغسطس 2005، ثم الشق التنفيذي الذاتي عبر "انتخابات يناير 2006 الى أن وصلت لانقلاب حماس يونيو 2007"، وخطف الحكم الانفرادي تحت شعارات لا ينقصها "الثورية والمقاومة".

الاتكال على "تاريخ الشرعية" لا يمكنه أن يكون حاميا لها في ظل عملية تدميرها المنظمة أو العشوائية، المتفق عليها أم غيرها، فحمايتها والدفاع عنا بأن تعود حاضرا فاعلا قويا تقود شعب ولا تُقاد لفرد.

ملاحظة: كل ما نشر حول "المناظرة الطلابية" في جامعة بيرزيت ليس سوى "الحقيقة الكامنة" في "القواعد الحزبوية" لا تمثل مفاجئة ابدا، فهي انعكاس حقيقي لما تتلقى تربية وثقافة بأن "عدوك الأول هو خصمك الأول" في المناصب...وكل بيانات علنية ليس سوى تصفيت حكي!

تنويه خاص: المنظمة الصهيونية "إيباك" تضخ ملايين الدولارات لهزيمة الديمقراطيين التقدميين المؤيدين للحقوق الفلسطينية في انتخابات الكونغرس..السؤال: هل هناك "نخوة عربية" اللي عندهم مئات المليارات في أمريكا لدعم من يستحق الدعم أو أنه ما خصكم...!