على الرغم من الجهود المجتمعية لتطويق أحداث جامعة النجاح الوطنية في نابلس، الأسبوع الماضي، التي أدت إلى فصل طلبة من الكتلة الإسلامية الذراع الطلابي لحركة حماس والشبيبة الفتحاوية الذراع الطلابي لحركة فتح وعدد من أفراد الأمن، إلا أنَّ دائرة الأحداث اتسعت بالأمس، إثر وقفة لما يُمسى بـ"الحراك الطلابي" تنديداً بفصل طلبة؛ الأمر الذي تطور إلى صدام بين الطلبة وأمن الجامعة.
جامعة النجاح تُوضح والفصائل تستنكر
جامعة النجاح، أعلنت عن إغلاق الحرم الجامعي، وتعليق الدوام الوجاهي يومي الأربعاء والخميس؛ لتطويق الأحداث؛ لكِن صدى الفيديوهات التي خرجت من الجامعة وأظهرت التعامل الأمني مع الطلبة زاد من الغضب الشعبي في تعامل إدارة الجامعة مع الكتل الطلابية.
حركة فتح -إقليم نابلس- طالبت إدارة جامعة النجاح الوطنية باتخاذ إجراءات حازمة وفورية لإنهاء الأزمة في الجامعة وإنهاء الحالات غير الشرعية التي تسببت اليوم في تصعيد الأزمة.
أما حركة حماس وعلى لسان القيادي عبد الرحمن شديد، فقالت: "إنَّ ما حدث اليوم داخل حرم جامعة النجاح وقبل أيام خارج أسوارها، هو عارٍ على الجامعة وإدارتها وأمنها".
بدورها، عبّرت جامعة النجاح الوطنية عن أسفها لما حدث على بوابات الجامعة، مُؤكّدةً على أنّها اتخذت خطوات حاسمة لمنع تكرار المظاهر التي حدثت خارج أسوارها.
وأشارت إلى أنَّ إصرار بعض الجهات "التي لم تسمها" على تأجيج الأزمة داخل الجامعة، هو ما أدى إلى حدوث ما حذّرت منه مراراً.
وقالت: "إنَّ ما حدث ظهر أمس، عند بوابات الجامعة من دعوات الكتلة الإسلامية لوقفة من خلال "الحراك الطلابي"، مرت بهدوء وسلام دون أيّ اعتراض من أيّ شخص من الجامعة، وفي ذات الأثناء اجتمعت إدارة الجامعة مع مجموعة من الطلبة واستمعت لمطالبهم ووعدتهم بالنظر فيها بشكلٍ مباشر وبحد أقصى حتى بداية الأسبوع القادم".
وبيّنت الجامعة، أنّها فوجئت باتصالات هاتفية من مجموعة من الطلبة تتحدث عن مشكلة تحدث على بوابات الجامعة، لافتةً إلى أنّه وبعد الاستماع لشهادات ميدانية تبيّن أنّ ما حصل هو محاولة مجموعة خارجية وطلبة ممن تم فصلهم، اقتحام بوابات الجامعة الأمر الذي تسبب باندلاع مشكلة عند البوابات الخارجية مع عناصر أمن الجامعة، مما أسفر عن إصابة عدد من الطلبة وعناصر الأمن بجروح متوسطة.
المؤسسات التعليمية ملك للشعب الفلسطيني
من جهته، رأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح بنابلس، فريد أبو ضهير، أنَّ "المؤسسات التعليمية ملك للشعب الفلسطيني بشكل أساسي وليس لأيّ جهة مهما كانت"، مُعتبراً أنَّ ما حدث في جامعة النجاح مُؤذي للشعب الفلسطيني بأكمله.
وأكّد أبو ضهير، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر"، على إمكانية حل الإشكالات من خلال الاتفاق بين الأطراف المختلفة على أسس معينة وكل من يُخالفها يتم معقابته؛ الأمر الذي يترتب عليه حالة من الاستقرار وحياة جامعية تسودها الحرية والعدالة بقدرة الطالب على القيام بالأنشطة التي يُريدها دون خوف أو ضغط أو تدخل من أيّ طرف كان.
ولفت إلى أنَّ إدارة جامعة النجاح الوطنية تعمل مُنذ أسبوع على تطويق الأحداث ومنع تكرارها، مُشدّداً في ذات الوقت على حاجة الجامعة لبذل المزيد من الجهد لمنع أيّ ضرر.
وبيّن أنَّ تشكيل لجنة تحقيق مُستقلة تضع الحقائق على الطاولة وتُمثل كافة الأطراف المختلفة، يؤسس لمرحلة مقبلة لا تتكرر بها هذه الأزمات.
كما اعتقد أنَّ غياب هامش الحرية أيّ تداول مجالس الطلبة وحرية الأنشطة للكتل الطلابية تسبب في مثل هذه الأزمات، مُشيراً إلى أنّ الطلبة يتطلعون دائماً إلى الحرية في الأنشطة الطلابية المختلفة والعدالة المساواة في المعاملة مع الأطراف المختلفة.
وتابع:"ما جرى في جامعة النجاح هو من تداعيات الانقسام ولا زال هناك انجذاب للأزمة بين الأطراف المنقسمة من فتح وحماس وغيرها من الفصائل؛ وبالتالي فإنَّ ذلك يؤكّد وجود اعتقاد لدى أيّ طرف أنّه في حال قام بنشاط فقد يُواجه بمعارضة من الطرف الآخر".
استخدام القوة لإحداث انقلاب في الضفة لم يعد ممكنًا
من جهته، رأى الكاتب والباحث السياسي، جهاد حرب، أنَّه من غير المقبول حدوث مثل هذه الأفعال في حرم أيّ جامعة فلسطينية بغض النظر عن شكل الوقفة الاحتجاجية أو غيرها؛ وهو الأمر الذي يتطلب أنّ تقوم الجامعة بتشكيل "لجنة تقصي حقائق من شخصيات وطنية وحقوقية" تقوم بتقديم تقرير حول الأحداث وفي ذات الوقت استخلاص العبر وتبني سياسيات وإجراءات لمنع إمكانية حدوث هذا الأمر في المستقبل.
وأردف حرب، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "مطلوب أيضاً من وزارة التعليم العالي أنّ تتخذ إجراءات فعلية لمنع تكرار العنف داخل الجامعات سواء فيما يتعلق بالتضييق على الحركة الطلابية وحرياتها النقابية، أو العنف داخل الجامعات سواء الفردي أو الجامعي".
وبالحديث عن أسباب عدم تعميم نموذج جامعة بيرزيت التي تنتظم بها العملية الانتخابية على الجامعات الفلسطينية، قال حرب: "إنَّ جامعة بيرزيت نموذج مختلف بطبيعتها الليبرالية لإدارتها وهذا جزء من تاريخ الجامعة، لكِن الجامعات الأخرى تُحاول مجالس الأمناء فيها أنّ تتحكم في الحياة الطلابية وآليات العمل النقابي".
وأشار إلى أنَّ حركة حماس في غزّة، لا ترغب بإجراء أيّ انتخابات لا تكون مناسبة لها وهذا واضح من خلال السماح بإجراء بعض الانتخابات في النقابات المحسوبة عليها.
أما عن التحذيرات من انتقال أحداث جامعة النجاح إلى المجتمع الفلسطيني في الضفة الغربية والتي جرت بالتزامن مع الذكرى الـ15 للانقسام الفلسطيني، أوضح أنَّ "هناك اختلاف جوهري بين ما حدث في عام 2007 على النظام السياسي، وما بين أحداث تتعلق بتطورات داخل الجامعة".
وختم حرب حديثه، بالقول: "في الضفة تختلف طبيعية حركة حماس وقدراتها وطبيعية تعاملها عن قطاع غزّة، الذي تتحكم به وتمتلك قدرات عسكرية عالية فيه"، مُردفاً: "الظروف تغيرت ولم يعد ممكنًا القيام بأيّ أحداث أو انقلاب عسكري أو استخدام قوة لإحداث تغيير سياسي في الضفة الغربية".