تقرير: تسليم الرصاصة التي اغتالت الصحفية شيرين أبو عاقلة للأمريكان.. ما المقابل؟!

لحظة استشهاد شيرين أبو عاقلة
حجم الخط

رام الله - خاص وكالة خبر - مي أبو حسنين

سلَّمت السلطة الفلسطينية خبراء أمريكيين الرصاصة التي قتلت الصحافية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، والتي اُستشهدت في 11 مايو/أيار بنيران قوات الاحتلال "الإسرائيلي"، وذلك من أجل تحليلها جنائياً، وفق ما أفاد النائب العام الفلسطيني أكرم الخطيب.

وبحسب مصادر فلسطينية، فإنّه سيتم فحص الرصاصة في مقر السفارة الأمريكية بالقدس بأيدي خبراء حضروا من الولايات المتحدة.

وأعلن النائب العام أكرم الخطيب عقب تحقيق أجرته النيابة العامة الفلسطينية، أنَّ الرصاصة التي أودت بشيرين أُطلِقت من سلاح جيش الاحتلال الإسرائيلي. ووفق نتائج التحقيق الفلسطيني، فإنَّ أبو عاقلة قُتِلت برصاصة عيار 5,56 ملم أُطلِقت من سلاح من نوع "روجر ميني 14".

وفي 24 يونيو، خلُصت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إلى أنَّ الصحافيّة شيرين أبو عاقلة قُتلت بنيران إسرائيلية. لكِن جيش الاحتلال الإسرائيلي أعلن أنّه لم يتضح ما إذا كانت أبو عاقلة قُتِلت برصاص أحد عناصره، مع طلب لإجراء تحقيقه الخاص.

وفيما يتعلق بالتطمينات التي حصلت عليها السلطة الفلسطينية، قال الخطيب لـ"قناة الجزيرة" القطرية: "أولاً، شيرين مواطنة أمريكية. وكما تهمنا فلسطينياً، هي تهم الجانب الأمريكي".

وتابع: "إضافةً إلى حصولنا على ضمانات من الأمريكيين، فإنّ هذا المقذوف لن يتم الاطلاع عليه إلا من قبل الخبراء الذين تم استقدامهم لهذه الغاية"، مُضيفاً: "لدينا إجراءاتنا التي قمنا بها في النيابة العامة بأنّ نتوثق بأنّ هذا المقذوف سيعود إلينا بالحالة التي ذهب بها".

الأصل إحالة الملف للجنائية الدولية

بدوره، استهجن رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد"، صلاح عبد العاطي، تسليم السلطة الفلسطينية "الرصاصة" التي قتلت الصحفية شيرين أبو عاقلة للجانب الأمريكي؛ وذلك لأنَّ جريمة الاغتيال وقعت في أراضي السلطة الفلسطينية وهي مواطنة فلسطينية؛ رغم أنّها تمتلك الجنسية الأمريكية.

وقال عبد العاطي، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "إنَّ الأصل هو أنَّ القضاء الفلسطيني مُختص في محاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين؛ خاصةً أنَّ دولة فلسطين مُوقعة على "ميثاق روما واتفاقيات جنيف"؛ وبالتالي فإنَّ السلطة استجابت للضغوط الأمريكية والإسرائيلية".

وتابع: "كان الأولى بالسلطة إحالة الملف إلى محكمة الجنايات الدولية واستخدام مبدأ "الولاية القضائية" لدى القضاء الوطني الفلسطيني وعدم الاستجابة للطلبات الأمريكية والإسرائيلية طالما بمقدورنا عمل ذلك".

وأردف: "لكِن بما أنَّ الأمر قد حدث؛ فالمطلوب الآن هو الاستعداد لرواية أمريكية قد تكون "تخفيفية" من باب تخفيف الضغط على دولة الاحتلال؛ خاصةً أنَّ أعضاء الكونجرس الأمريكي، طالبوا بفتح تحقيق جدي في استشهاد الصحفية شيرين أبو عاقلة".

ضعف سياسي وجنائي

من جهته، رأى الكاتب والمحلل السياسي، محمود فطافطة، أنَّ قبول السلطة بتسليم الرصاصة للأمريكان يعود لسببين، الأول هو محاولة تدويل التحقيق؛ وبالتالي المحكمة الجنائية بحاجة دائمًا إلى تحقيق دولي من أجل الوقوف على مثل هذه القضايا، والثاني هو ضعف السلطة الفلسطينية فيما يتعلق "بالجانب الجنائي"، وأيضاً الضعف السياسي، خاصةً فيما يتعلق بالترتيبات السياسية والأمنية لزيارة الرئيس "جو بايدن" للمنطقة في منتصف الشهر الجاري.

وأضاف فطافطة، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "السلطة كانت ترفض في كثير من القضايا التعاطي مع الاحتلال؛ لكن في آخر الأمور تعاطت مع الجانب الأمريكي والإسرائيلي".

وبالحديث عن تداعيات تسليم الرصاصة للجانب الأمريكي على مسار التحقيق، أوضح أنَّ "الجميع مُدرك بأنَّ دولة الاحتلال هي المسؤول الأول والأخير والمباشر عن اغتيال الصحفية شيرين"، مُردفاً: "يجب متابعة الملف بشكل حثيث ليس من الجانب الفلسطيني فقط، وإنّما من جانب الممثلين للدول العربية في المؤسسات الدولية ومناصري القضية الفلسطينية؛ لكِن هذا الأمر بحاجة إلى تفعيل من وزارة الخارجية الفلسطينية والممثليات والسفارات؛ خاصةً في الدول صاحبة التأثير".

أما عن المتوقع من تقرير السفارة الأمريكية في القدس بشأن اغتيال الصحفية شيرين، قال فطافطة: "إنّه ليس هناك معلومات دقيقية بشأن الاجتماع؛ لكِن مهما كانت النتائج فيما يتعلق بالجانبسن الأمريكي والإسرائيلي، يجب أنّ نكون حذرين؛ في ظل التحالف الاستراتيجي بين أمريكا ودولة الاحتلال، والذي أدى لعدم إدانة إسرائيل في أيّ ملف من جرائمها بحق الشعب الفلسطيني".

وأكمل: "يجب أنّ نعتمد على أنفسنا ونكون حذرين من التعاطي مع الجانبين الإسرائيلي والأمريكي في هذا الملف؛ لأنّه ملف حقوقي وجنائي قبل أنّ يكون سياسي، خاصةً أنَّ الملف واضح في ظل وجود قاتل ومقتول أيّ صحية وجلاد، وعلى هذا الأساس يجب أنّ تنتهج السلطة إجراءاتها".

زيارة بايدن "سراب"

أما الكاتب والمحلل السياسي، عمر عساف، فبيّن أنَّ رضوخ السلطة للطلب الأمريكي ليس مُستغرباً، وإنّما امتداد لحالة التنازل عن الوعود التي تقطعها أمام الضغط الأمريكي والإسرائيلي، وكذلك الالتفاف على القضية في ظل طلب دولة الاحتلال الإسرائيلي، الاطلاع على الرصاصة، وهي عمليًا وصلت للإسرائيليين بحضور ممثل "إسرائيلي" مع الجانب الأمريكي.

وأضاف عساف، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "ربما السلطة لا تّريد أنّ تُسيئ في علاقاتها مع الأمريكان على أمل وهو "سراب وهم"، أنّ تحصل على رشوة، وأول هذه الرشاوي هي الضغط على الأوروبيين لاستئناف الدعم المالي"؛ مُستدركاً: "أو ربما تكون رشوة بشكل آخر مثل افتتاح مكتب القنصلية الأمريكية في القدس، وكل هذا لا يُلبي تطلعات شعبنا في إقرار حقوقه المشروعة".

وختم عساف حديثه، بتوقع عدم إدانة الأمريكان للإسرائيليين؛ مع الاكتفاء بأنّ يمدرج التقرير في سياق اللوم والعتاب الناعم، حتى تنتهي القضية، مُضيفاً: "ربما يُقال إنَّ الرصاصة إسرائيلية لكِنها غير مقصودة، وسيعتذر الإسرائيليين، وبالتالي القضية ستدور حول العمد والغير العمد، مع تأكيد الجانب الفلسطيني بأنَّ الاغتيال كان متعمداً".