هل سيكون " شاؤول" الصفعة التي تجعل نتنياهو "يعض إصبعه" ندماً على عدوان 2014

12460119_10205975928697535_1350705876_n
حجم الخط

بدت الابتسامة على وجهه ، يشوي الدجاج في مكان مفتوح ويمارس حياته الطبيعية، ولو لم تكن تعرف أن هذا الشخص هو  الأسير الإسرائيلي " جلعاد شليط " لما استطعت أن تدرك أن هذا أسير مع آسريه.

شكلت هذه اللقطات التي سمح القائد العام لكتائب القسام " محمد الضيف" بنشرها، صفعة قوية للوسط الإسرائيلي بما فيه الحكومة والقيادة العسكرية والأمنية بما فيها المخابرات والإعلام العبري الذي بدت صدمته واضحة من خلال الفشل في تحليل مضمون الفيديو وتأجيله حتى ينشر الاعلام الفلسطيني تحليله اليقين لمحتوى الفيديو.

صفعة قسامية  مفادها " الصفقة الآتية " بشروط المقاومة

ليست مجرد مشاهد فارغة، و مضمونها ليس فارهاً، إنما تحتوي رسائل عديدة وُجهت لأكثر من جهة، أولها بحسب ما رأى الخبير السياسي والأمني "د. محمود العجرمي "، أن كتائب القسام أرادت توجيه رسالة مفادها :" صفقة التبادل القادمة لن تكون إلا بشروط أعلى من سابقتها ، حيث ستبدأ من حيث انتهت الأولى . "

وأضاف "د. العجرمي " ، القسام بهذا أراد أن يثبت وبالفيديو أنها نجحت وعلى ما يزيد عن خمس سنوات بأن تُبقي الجندي المخطوف لديها " شاليط " قيد الأسر دون أن تستطيع دولة الاحتلال على الاطلاق – حتى اليوم- بمعرفة أين كان "شاليط " محتجز.

ولأن الجيش الذي لا يُقهر قد مني بفشل صارخ ومخابراته، أرادت القسام أن تقول لهم بحسب ما يرى الكاتب والمحلل السياسي " وسام أبو عفيفة "  أنه جاءت هذه المشاهد لتمثل إضافة حقيقية في فشل المخابرات الإسرائيلية في اكتشاف مكان احتجاز " شاليط" رغم حالة الشد والضغط وسلسلة الاشاعات حول مكان احتجازه.

ومن الرسائل التي وجهتها القسام في المشاهد الأخيرة للعدو :" انك لن تنجح في الكشف عن مكان الجنود المفقودين والذي من ضمنهم "آرون شاؤول " وهو الذي كشفت صورته وأبقت الصور الأخرى مجهولة، في إشارة من الكتائب للعدو أن هناك جنوداً آخرين إضافة " لشاؤول "، بحسب تحليل " د. العجرمي".

وفي سياق الرسائل التي حملها الفيديو ، أرجح " أبو عفيفة " أن هذا" الفيديو وما سبق وما يليه " يندرج في اطار حرب نفسية  تستهدف الجانب الإسرائيلي تمهيداً لطاولة أي مفاوضات مستقبلية حول صفقة تبادل الأسرى، وتستهدف الاسرى الفلسطينيين  لدى الاحتلال، وذويهم تأكيداً على أن المقاومة تدير معركة الان مع المحتل ولديها عناصر قوة وورقات رابحة في أي مواجهات قادمة و في أي مفاوضات مع الاحتلال.

"وحدة الظل" طاقية اخفاء " الاسرى "

وفي سياق الإشارة في الفيديو لتشكيل وحدة جديدة خاصة للتعامل مع الاسرى " وحدة الظل"، اعتبر " د. العجرمي " أن  القسام أراد أن يقول :"لدينا وحدة مدربة على مستوى عالِ من القدرات الأمنية والأخلاقية أيضاً، و هذه اللقطات تؤكد أن كل الوسائط التقنية التي يمتلكها العدو والمتمثلة في القمر عاموس والساتلايت الأمريكي والمناطيد وحتى العيون الأرضية والجوية من طائرات استطلاع  فشلت في كشف مكان احتجاز "شاليط " وستفشل مجدداً في الكشف عن أماكن احتجاز الأسرى الجدد .

والاعلان عن وحدة الظل ، لها أبعاد اخرى بحسب ما رأى " أبو عفيفة " ، في ترويج صورة كتائب القسام في التعامل مع من يقع في  الاسر و مرتبط في التأكيد على حقوق الاسرى حتى مع من تخوض معه الصراع، وانها تتعاطى مع السر الثمين بأريحية ودرجة عالية من الهدوء من خلال تجارب " الوحدة " السابقة والتي مضى على تشكيلها 10 سنوات.

ومن ضمن الرسائل التي أشار إليها الفيديو ، رسالة موجهة للأسرى الفلسطينيين في سجون المحتل، أنكم على رأس جدول أعمال المقاومة، وحتى إلى الشباب المنتفض في الضفة الغربية للاستمرار وشحذ الهمم في رسالة مؤكدة أن العدو لا يعطي شيئاً إلا بالقوة والضغط وليس بشيء آخر، بحسب تعبير " د. العجرمي ."

نتنياهو لابد وأن " يعض إصبعه"

وبعد مرور أكثر من عام ونصف على العدوان الأخير، وربما نجاح دولة الاحتلال في "تبريد" قضية مفقوديها ، يرجح " أبو عفيفة" أنها حاولت الاستفادة لأقصى درجة من الوقت المتاح لأن تتحرك عسكرياً وأمنياً للحصول على معلومات بشأن مصيرهم أو أماكن احتجازهم.

وأضاف " أبو عفيفة" أن المقاومة استخدمت طريقة جديدة لتحرك هذا الملف بالطريقة التي تراها وليس بما كان يأمل الاحتلال بالوصول إليه، فهي أثبتت أن لديها أوراق ضغط وخبرة بناء على تجربتها – احتجاز شاليط – السابقة .

ويعتقد "د. العجرمي"،  أن هناك مضموناً خاصاً بقطاع غزة، متوجهاً إلى العالم بما فيه إسرائيل أن القطاع على الرغم من الحصار المفروض عليه من العدو وحتى من الشقيق الإقليمي إلا أنه صامد في شعبه وفي مقاومته، وأن القوة هي التي تأخذ الحقوق والتجارب السابقة للقيادة العليا وحركة فتح وحزب الله المتكررة أثبتت نجاح وفاعلية احتجاز الأسرى ومبادلتهم بآخرين .

ملف قديم " شليط" لتحريك ملف جديد " شاؤول"

ولم يعفِ  الفيديو الجبهة الداخلية الإسرائيلية من توجيه الرسائل ، حيث عرض في احدى المرات صوراً لثلاث اسرى ومرة اخرى عددهم خمسة وهذه إشارة إلى أن عددهم لا يعرفه إلا الله وحماس والعدو ، وعلى الجبهة الداخلية أن تمارس الضغط والتحرك في سبيل معرفة مصير مفقوديهم، مشيراً  إلى أن الكتائب بهذا ستجبرهم على دفع ثمن لأي معلومة تُريد إسرائيل معرفتها ولا شيء بالمجان، بحسب "د. العجرمي "

ويعتقد " أبو عفيفة " أن الصفعة القوية موجهة لرئيس الوزراء بينامين نتنياهو مباشرة والذي أعلن عقب العدوان الأخير على غزة، أن المفقودين قُتلوا، و التضليل الاعلامي والتشييع الرمزي للمفقودين هو من باب اغلاق هذا الملف وبناء جدار صمت يمنع ذوي المفقودين من المطالبة بأي صفقات للإفراج عن أبنائهم، ولكن هذه المعلومات والمشاهد ستكون ورقة ضغط يمارسها ذوو المفقودين على نتنياهو والحكومة الإسرائيلية، وما حدث عقب نشر رسالة " آرون شاؤول " ومطالبة عائلته باعتبار مفقوداً وليس مقتولاً هو بداية التحرك .

وعن أسباب اختيار المقاومة هذا الوقت لعرض ونشر هذه المعلومات، أرجح "د. العجرمي"، أنه لابد وأن يكون هناك اتصالات تجري لدى أطراف معينة في محاولة لجس النبض لعملية تبادل الأسرى مع الاحتلال، وأن هذا يشير لأن يكون هناك حراك يحتاج لضغوط معينة وهذه المشاهد والمعلومات أحد وسائل الضغط التي استخدمتها المقاومة بدون إعطاء معلومات حساسة لتحريك الملف واستطاعت أن توجه صفعة إضافية إلى الصفعة السابقة التي تلقاها العدو في الميدان العسكري المباشر في المواجهات الثلاثة لعام 2008 و2012 و2014.

يُشار إلى أنه تم اختطاف شاليط في يونيو 2006 وظل محتجزا لأكثر من 5 أعوام، وتم الإفراج عنه في اتفاقية برعاية مصر في أواخر عام 2011، مقابل الإفراج عن أكثر من ألف أسير لدى الاحتلال الصهيوني.