تحليل: خديعة "إسرائيل" للجهاد الإسلامي.. هل ينقلب السحر على الساحر؟!

الجهاد الإسلامي
حجم الخط

غزّة - خاص وكالة خبر - مي أبو حسنين

"الخديعة".. هذا ما مارسته دولة الاحتلال الإسرائيلي مع حركة الجهاد الإسلامي التي أعلنت الاستنفار في جميع المناطق الفلسطينية بما فيها غزّة؛ ردًا على دماء الشهداء التي سقطت في شمال الضفة الغربية- جنين ونابلس- بالإضافة إلى اعتقال القيادي البارز في جنين بسام السعدي، على يد قوة خاصة وتعرض خلال الاعتقال للسحل والضرب المبرح.

وبينما كان الوسيط المصري يُواصل مُنذ منتصف الأسبوع الماضي، جهوده لتثبيت تهدئة الأوضاع بين الجهاد الإسلامي ودولة الاحتلال، والتي تكللت بزيارة وسيطة للأمم المتحدة، لمنزل عائلة الشيخ بسام السعدي في جنين والحديث عن عودة الأمور إلى طبيعتها من إدخال السولار لمحطة كهرباء غزّة وإعادة فتح الحدود التي أُغلقت بشكل احتزازي من الاحتلال، شنّت إسرائيل، عصر أمس الجمعة، "الخديعة" باغتيال قائد لواء الشمال في حركة الجهاد الإسلامي القيادي البارز تيسير الجعبري؛ معلنةً بذلك بدء عدوان جديد ضد حركة الجهاد الإسلامي فقط تحت مُسمى "بزوغ الفجر".

الجهاد الإسلامي وعدد من الفصائل منها كتائب شهداء الأقصى وكتائب المقاومة الوطنية، ترد مُنذ الأمس، برشقات صاروخية على مستوطنات غلاف غزّة، وفي رسالة للاحتلال أعلنت سرايا القدس أنَّ المعركة تحمل مُسمى"وحدة الساحات" فيما أطلقت كتائب الأقصى على العملية اسم "التقاء الأحرار" في إشارة إلى الانخراط في عملية الرد، ما يؤكد بأنّ ما يحدث في جنين ونابلس والقدس يستوجب الرد من غزّة والعكس، الأمر الذي يطرح تساؤلات عن سيناريوهات المعركة بين الجهاد ودولة الاحتلال؟ وما مدى هذه المعركة؟ وهل ستنضم حماس للمعركة أما لا؟.

الجهاد مٌُصممة على الرد بحجم الجريمة

بدوره، رأى الكاتب والمحلل السياسي المقرب من الجهاد الإسلامي، حسن عبدو، أنَّ قطاع غزة أمام معركة ستتصاعد يومًا بعد يوم، مُستدركاً: "الرد الحقيقي من الجهاد الإسلامي لم نراه بعد، والأيام القادمة ستشهد تصعيد أكبر؛ خاصةً أنّ كل المؤشرات تُشير إلى أنَّ الجهاد مصممة على الرد بشكل يتناسب مع الجريمة التي ارتكبتها إسرائيل بحق شهداء حركة الجهاد والعدوان على غزّة".

وأضاف عبدو، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "إنَّ الاحتلال الصهيوني، مُصمم من جانب آخر على استكمال عمليته العسكرية في غزّة والتي كانت مُعدة مسبقًا؛ الأمر الذي يعني أنَّ الميدان مُرشح لمزيد من التصعيد، وفقًا لما يرشح به الطرفين سواء سرايا القدس، الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي أو قادة الاحتلال الصهيوني".

مشاركة حماس

وبالحديث عن انضمام حركة "حماس" لمواجهة الاحتلال مع الفصائل وحركة الجهاد الإسلامي بعد الخديعة التي مارسها بحق غزّة، رأى عبدو، أنَّ هذا الأمر تُقرره حركة حماس؛ مُردفاً: "لكِن ما نعلمه أنَّ سرايا القدس مُصممة أنَّ ترد على الاحتلال الصهيوني واستطاعت في معارك منفردة أنّ تُملي إرادتها على الاحتلال الإسرائيلي".

واستعرض العمليات التي خاضتها الجهاد الإسلامي ضد الاحتلال، بالقول: "في مارس2012، عملية " بشائر الانتصار" والتي دامت أربعة أيام بعد علمية التنكيل بالشهيد محمد الناعم، وكذلك بعد عملية اغتيال الشهيد بهاء أبو العطا في العام 2019؛".

وأكمل: "هذا الأمر يُؤكد بأنَّ الجهاد لديها تصميم؛ لاستنزاف الاحتلال ولديها أهداف واضحة للمعركة، بينما الاحتلال لا أهداف واضحة لديه؛ وبالتالي إطالة أمد المواجهة سيؤدي لقلب الرأي العام في دولة الاحتلال ضد من اتخذ القرار بالحرب على الجهاد؛ وبالتالي سيجني عكس ما كان يريد- في إشارة لرئيس حكومة الاحتلال يائير لابيد-".

أما عن خطورة استهداف الاحتلال الإسرائيلي لحركة الجهاد الإسلامي، قال عبدو: "إنَّ الاحتلال يُريد الاستفراد بالجهاد الإسلامي ويبعث رسائل لحماس يطلب أنّ لا تتدخل كما جرى في معارك سابقة؛ لكِن المعركة القادمة لا يستطيع أحد أنّ يُحدد طبيعتها؛ فهل ستكون معركة وطنية شاملة ينضم لها الجميع؟ أم ستشارك بها فصائل محددة؟"، مُردفًا: "لا نعلم على وجه الدقة ماذا سيحدث، الميدان هو من سيحكم الجميع".

ونفى أنّ يكون وفد من الجهاد الإسلامي بصدد الذهاب لمصر قريباً، مُردفاً: "لا مفاوضات في هذه المرحلة قبل أن يتم الرد على الجريمة التي اُرتكبت بحق القائد الكبير تيسير الجعبري".

"ليس كل من يشعل النار يستطيع إطفائها"

من جهته، بيّن الخبير في الشأن الإسرائيلي، عليان الهندي، أنّه "يُمكن قراءة سيناريوهات العدوان الإسرائيلي على غزّة، في ضوء التعليمات التي أصدرتها دولة الاحتلال "للجبهة الداخلية" بالاستنفار في محيط قطاع غزّة فقط مع إعطاء هامش معين للاستنفار إلى عسقلان وأسدود، بينما أعطى هامش للحركة في تل أبيب ومدن بئر السبع".

وأردف الهندي، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "بمعنى أنّ إسرائيل تتوقع خلال الأيام القادمة أنّ لا تخرج الأزمة عن غزة ومستوطنات الغلاف"؛ مُستدركاً: "لكِن مفتاح التهدئة ليس بيد إسرائيل؛ لأنّه كما هو معلوم "ليس كل من يُشعل النار يستطيع إطفائها؛ لكِن الشيء المؤكد هو أنَّ إسرائيل مارست نوع من الخداع تجاه حركة الجهاد الإسلامي ونجحت في توجيه ضربة قوية لها، مٌستغلة ما يُسمى بـ"المفاوضات" وقد تبيّن فيما بعد أنّ الهدف منها هو المماطلة؛ بهدف إعطاء نوع من الاطمئنان للجهاد وبالتالي شنّ الهجوم عليها".

ولفت إلى أنَّ "إسرائيل" كانت تتطلع لاستغلال الصورة في تحقيق الانتصار في معركة لم تندلع بعد، مُعتقداً أنّها فشلت وبالتالي سير العمليات في غزّة مرتبط بردود الأفعال الفلسطينية، سواء من الجهاد أو حماس.

سياسية الاحتلال "فرق تسد"

وأشار إلى محاولة "إسرائيل" الفصل بين الفلسطينيين في غزّة، من خلال الإعلان أنَّ العملية موجهة ضد الجهاد الإسلامي فقط، وبالتالي التعامل مع كل فصيل على حدى، مُوضحاً أنَّ قطاع غزّة يُعاني من أزمات اقتصادية عميقة تؤثر على كل مستويات الحياة، وبالتالي أيّ ضربة إسرائيلية جديدة سيكون لها تأثير سيء على حياة السكان؛ لذلك لا تتوقع توسع العمليات العسكرية.

واستدرك: "كل شيء خاضع للتطورات وإسرائيل دولة لا تُفكر إلا بالمنطق العسكري ولا تتعامل مع القضية إلا بمنطق أمني، وبالتالي الحلول الموجودة حلول أمنية وليست سياسية؛ لذلك حتى لو توقفت المعركة الحالية لن يكون أمد "التهدئة" طويل؛ لأنّنا أمام صراع طويل وممتد".

واستطرد: "محاولات فصل قطاع غزّة عن الضفة الغربية خلال السنوات الماضية تم إفشالها في الآونة الأخيرة من خلال الاستعداد للقيام بردود أفعال حول الأحداث في الضفة الغربية والقدس المحتلة على عكس ما حدث خلال الخمسة عشر أعوام الماضية".

هامش الحركة للجهاد الإسلامي أكبر من حماس

وعن أسباب ممارسة الاحتلال الخديعة ضد الجهاد الإسلامي، وعدم دخول حماس على خط المعركة حتى اللحظة، قال الهندي: "إنَّ الجهاد الإسلامي تنظيم ولا يملك سلطة في الضفة الغربية أو غزّة؛ وبالتالي هو يملك من الحركة حرية أكثر من حماس؛ وبالتالي يستطيع أنّ يُمارس عمليات عسكرية من دون أنّ يتحمل مسؤوليات سلطوية؛ لذلك إسرائيل تضغط على حماس لضبط الجهاد وعدم توسيع العملية".

وأكمل: "في تجارب سابقة لم تُشارك حماس في المعارك مثلما حدث إبان اغتيال القيادي بهاء أبو العطا عام 2019 ، ولم يحدث تطورات تدفع باتجاه حدوث مواجهة شاملة في قطاع غزّة"؛ مُعتقدًا أنّه في حال بالغت "إسرائيل" في ضرب الأهداف ضد الجهاد بغزّة من ممارسة عمليات قتل بحق عناصر الجهاد وعوائلهم، فربما يؤدي إلى ردود أفعال في الشارع الغزي تدفع نحو مشاركة جميع فصائل المقاومة، وبالتالي تنزلق المنطقة نحو مواجهة لا يُريدها أحد سواء حماس أو الجهاد ولا أيّ طرف محلي أو غربي".

وختم الهندي حديثه، بالقول: "إنَّ الجانب المصري سيُمارس ضغوط أكبر من أجل امتصاص ردود الأفعال خلال الساعات القادمة ووقف إطلاق النار"، مُردفاً: "ربما هذا يحدث وربما تتجه الأمور إلى حرب شاملة مع غزّة يكون ثمنها الفلسطينيين من أرواح وممتلكات".