بعد اغتيال النابلسي

تحليل: هل نجحت المقاومة في تجاوز "واقع الانقسام السياسي" بالوحدة الميدانية بين غزّة والضفة؟

الغرفة المشتركة بين فصائل المقاومة في نابلس
حجم الخط

نابلس - خاص وكالة خبر - مي أبو حسنين

لم يمضِ يوم على توقيع حركة الجهاد الإسلامي في غزّة اتفاقاً على وقف إطلاق النار مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، حتى أقدم الأخير على اغتيال قائد كتائب شهداء الأقصى في نابلس، إبراهيم نابلسي، واثنين من رفاقه؛ وذلك على الرغم من إطلاق الجهاد الإسلامي على العملية العسكرية التي استغرقت ثلاثة أيام -من 5 أغسطس حتى 7 أغسطس-، اسم "وحدة الساحات" في تأكيد على ارتباط العمل المقاوم في غزّة بما يجري في الضفة الغربية والقدس والداخل المحتل.

اغتيال النابلسي.. لا التزام بوقف إطلاق النار

لكِن دولة الاحتلال كعادتها ضربت بعرض الحائط أيّ بنود لهدنة تُوقعها مع فصائل المقاومة في غزّة سواء مع الجهاد الإسلامي أو حماس، وتعتبر أنَّ وقف إطلاق يأتي في سياق الهدوء يُقابله هدوء، في محاولة من الاحتلال للخروج بصورة المنتصر؛ رغم نجاح المقاومة بكل أذرعها العسكرية في دك المستوطنات بمئات الصواريخ التي شلت الحركة من تل أبيب شمالاً مرورًا بما يُسمى مدن ومستوطنات غلاف غزّة حتى بئر السبع جنوبًا.

ونص اتفاق وقف إطلاق النار بين الجهاد الإسلامي ودولة الاحتلال الإسرائيلي الذي جاء بوساطة مصرية، على إطلاق سراح الأسير المضرب عن الطعام منذ أكثر من 150 يومًا خليل عواودة، وكذلك الأسير بسام السعدي الذي تم تحويله للاعتقال الإداري؛ لكِن الاحتلال تنصل من أيّ التزام حول إطلاق سراحهما وتحدث عن تواصل المحادثات مع الجانب المصري بشأن الملف.

كل ذلك يطرح العديد من التساؤلات عن هدف الاحتلال من عملية اغتيال النابلسي بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، وأين ستكون ساحة رد فعل المقاومة على الاغتيال في ضوء توقيعها اتفاق وقف إطلاق نار وصف بالهش مع تهديداته باغتيال قادة الجهاد الإسلامي في الضفة؛ رغم اتفاق وقف إطلاق النار.

المعركة مفتوحة

بدوره، رأى الكاتب والمحلل السياسي من جنين، عدنان الصباح، أنَّه "لا يوجد وقف إطلاق النار بالمعني الحقيقي بين الشعب الفلسطيني ودولة الاحتلال؛ لأنّها معركة مفتوحة مُنذ وطأت أقدام أول صهيوني أرض فلسطين وستبقي ما دام الاحتلال قائمًا؛ وذلك لأنّنا أمام مشروعين الأول هو مشروع شعب فلسطيني صامد ومتمسك بأرضه وحقوقه الثابتة، والثاني مشروع استعماري إحلالي كولونيالي يهدف للتخلص من الشعب الفلسطيني وتهويد أرضهم وتحوليها لإسرائيل".

وأضاف الصباح، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "لكِن على الصعيد الحالي، فإنَّ معركة "وحدة الساحات" أكّدت على وحدة المقاومة في كل أماكن تواجدها؛ رغم محاولات الاحتلال إحداث انشقاق؛ وهذه الرسالة الأولى التي نجحت بها المقاومة".

وتابع: "النجاح الثاني للمقاومة هو أنَّ اسم "وحدة الساحات" يعني استمرار المعركة في نابلس وجنين والقدس ضد الاحتلال؛ وبالتالي فإنَّ المقاومة فرضت واقع جديد من خلال تثبيت وحدة نتائج معركة سيف القدس في العام 2021".

وأردف: "المعركة التي كانت بالأمس في نابلس حقيقية؛ فالاحتلال كان يخوض حرباً؛ عكس ما يعتقد أنَّ الحرب فقط في غزّة؛ لكِن الضفة الغربية تحولت إلى معركة للاحتلال ومستوطنيه على عتبات بيوتهم -على حد وصفه-؛ فأبناء جنين وصلوا إلى تل أبيب والخضيرة وغيرها".

تجاوز الانقسام السياسي

وبيّن أنَّ المعركة التي تدور الآن في الضفة الغربية ضد الاحتلال، تنخرط بها كل الفصائل على الاطلاق من هم داخل منظمة التحرير الفلسطينية ومن هم خارجها ومن يؤيد السلطة ومن لا يؤيدها؛ مُعتقداً أنَّ الشعب الفلسطيني بات لا يحتاج إلى "الوحدة السياسية" في ظل الوحدة الميدانية التي أوجدها المقاومين في الميدان سواء في الضفة الغربية، وستجر السياسيين المُنقسمين للحاق بهم.

وأكّد على ضرورة تشكيل غرفة عمليات مشتركة لفصائل المقاومة الوطنية والإسلامية في الضفة الغربية على غرار قطاع غزّة، لافتاً إلى أنَّ هذه الخطوة باتت قريبة؛ خاصةً في ظل انخراط كل الشعب الفلسطيني بالعمل المقاوم.

وشدّد على أنَّ عملية الاحتلال في نابلس يوم أمس، بيّنت للعدو أنَّ المعركة تنتقل من ساحة إلى أخرى ولم تنته وهي مفتوحة بزواله إلى الأبد؛ فرغم وقف إطلاق الصواريخ من غزّة لم يتوقف إطلاق النار في نابلس وجنين؛ لأنَّ الذي يُقرر هو الشعب الفلسطيني.

وعن فشل الاحتلال في الإجهاز على المقاومة في الضفة الغربية، ونجاح المقاومة في إرساء مبدأ "وحدة الساحات"، قال صباح: "إنَّ الاحتلال حاول تقصير وقت معركة "وحدة الساحات"؛ لكِن المقاومة لم تتوقف في نابلس وجنين"، مُوضحاً أنَّ الاشتباكات لم تتوقف طوال الليلة الماضية رغم اغتيال النابلسي.

ونوّه صباح في ختام حديثه، إلى أنَّ رئيس حكومة الاحتلال ووزير حربه "لبيد وغانتس"، يُحاولان حتى وقف الانتخابات في نوفمبر المقبل، اتخاذ أوراق اعتماد رسمية للانتخابات والبقاء على حساب دم الشعب الفلسطيني؛ مُحققًا مكسبين"الأول: الحصول على مكاسب داخلية، والثاني ممارسة مهنته كمحتل يقتل ويُدمر الشعب الفلسطيني لدفعه للرحيل".