المشهد الاسرائيلي بشأن توقيع الاتفاق النووي مع ايران يعبر عن حقيقة اسرائيل واظهارنفسها ضحية الخطر النووي الإيراني المتعاظم، وهي تمارس حملة اعلامية دعائية منذسنوات طويلة ضد ايران للضغط على الولايات المتحدة الامريكية، ومن أجل الحصول علىالمزيد من الضمانات والمساعدات العسكرية.
كما يعبر عن الازمة داخل اسرائيل والحكومة والمعارضة، والسعي لتحقيق مكاسب حزبيةوشخصية، قبل موعد الانتخابات الاسرائيلية للكنيست مطلع تشرين الثاني/نوفمبرالمقبل.
وفي ظل التصريحات المبالغ فيها، وتعدد المواقف، ما بين المتفائلة والمتشائمة، وبين الرضاوعدم الرضا، وخاصة موقف رئيس الموساد، والتباين مع موقف الجيش الاسرائيليوتصريحات بعض المسؤولين فيه، الذي عبر عنه أحد المرافقين لوزير الامن الاسرائيليبيني غانتس في زيارته للولايات المتحدة الامريكية، والذي قال: أن إسرائيل، برأيهالشخصي، وجدت نفسها في واقع شديد الصعوبة بعد الانسحاب الأمريكي من الاتفاقالنووي، والتقدم الكبير في البرنامج النووي الإيراني.
واضاف لقد تبين أن الانسحاب من الاتفاق النووي كان خطأ.
هذا الموقف مختلف عن موقف رئيس الموساد الذي وصف الاتفاق النووي بـ"الكارثةالإستراتيجية"، ووفقا للمحللين الاسرائيليين أن الموقف المقرر في إسرائيل هو تقييماتشعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) وهي الأهم في إسرائيل، وهي مختلفة عن موقفالموساد، وبموجبها فإن هذا الاتفاق سيئ ولكن من دونه سيكون وضع إسرائيل أسوأ.
ويتضح من آراء عدد من المحللين السياسيين والعسكريين والامنيين، أنه لا يوجد شخصأمني واستخباراتي جاد لا يدرك أن انسحاب الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب منالاتفاقية كان غبياً وعاطفياً وكارثياً.
وأن الصورة التي حاولت إسرائيل بثها حول الاتفاق النووي ومحاولات إسرائيل بالتأثيرعلى الموقف الأميركي في المفاوضات مع إيران حول الاتفاق، وكذلك التصريحات المنفلتةلرئيس الحكومة، يائير لبيد، وتصريحات رئيس الموساد، دافيد برنياع، وزيارة وزير الأمن،بيني غانتس، ومستشار الأمن القومي، إيال حولاتا، إلى واشنطن بانها تأتي في إطارضغوط إسرائيلية على واشنطن، لم تكن تعكس الحقيقة الكاملة.
والحقيقة في هذا السياق هي أن تصريحات لبيد نابعة من دوافع سياسية داخلية عشيةانتخابات الكنيست، أي أنها للاستهلاك المحلي. وخشية أن يستغل، بنيامين نتنياهو،توقيع الدول العظمى وبضمنها الولايات المتحدة على اتفاق نووي جديد مع إيران، وأنيصفه كمن تخلى عن أمن إسرائيل.
وحسب وسائل الاعلام الاسرائيلية ان لابيد بدأ الأسبوع الماضي حملته الانتخابية وحسبالقناة الاسرائيلية 13، أنه حاول التحدث إلى جو بايدن، لكن قيل له أن الرئيس كان فيإجازة.
وقام بزيارة عدد من المؤسسات من بينها منظمات نسائية، والتقى مع عائلة غولدينوالمراسلين الأجانب للتحذير من الاتفاق النووي مع إيران، وأجرى محادثات مع معسكرزهافا جالئون في ميرتس لضمان الفوز.
ومع ذلك لم يستطع التاثير في اقناع وزير المالية أفيغدور ليبرمان بشأن أزمة المعلمين فياسرائيل.
أيضاً وزير الدفاع بيني غانتس، بدأ حملته الانتخابية الخاصة، سافر إلى واشنطن لإجراءمحادثات حول هذه الاتفاق النووي الايراني مع مستشار الأمن القومي جيك سوليفان. لنتضر الصور بالحملة الانتخابية لمعسكره، ولا حتى تلك الموجودة في قاعدة القيادةالمركزية للجيش الأمريكي في فلوريدا.
وفي الوقت نفسه عقد رئيس المعارضة نتنياهو مؤتمر صحفي في تل أبيب. واعاد نفسالرواية ونفس التخويف، نفس الكليشيهات الفارغة، التي أعاد تدويرها لأكثر من عقدين،ومرة أخرى نفس التباهي في الغارة الجريئة التي قام بها على الكونغرس في عام 2015 ،عشية الحملة الانتخابية هنا. إنه يبدو وكأنه ممثل كبير السن يستمتع بأيام مجده، مثله لايمكن لإيران أن تتمنى مثل هذه الهدية. حسب ما ذكره الصحفي يوسي فارتر في هآرتس.
سيحاول غانتس ومن خلفه اسرائيل الترويج وان غانتس الذي حصل على انطباع خلاللقائه مع مستشار البيت الأبيض للأمن القومي جيك سوليفان اليوم أن إدارة بايدن تعدخيارًا عسكريًا ضد إيران .
مع ان احتمالات تأثير غانتس على الموقف الأميركي بخصوص الاتفاق النووي ضئيلة. ومهمة غانتس الأساسية يفترض أن تحقق نتائج مغايرة تماما: الحصول على رزمةمساعدات أمنية دراماتيكية، تمنح إسرائيل ردا على مواجهة التحدي المتوقع في السنواتالقريبة. ومن أجل وضع خيار عسكري موثوق وليس لفظيا، يحتاج الجيش إلى وسائلمتطورة: من قنابل وصواريخ، وحتى طائرات وقدرات دفاعية متطورة.
والسؤال في اسرائيل ماذا بعد؟ خاصة أن احتمالات توقيع الاتفاق اصبح حقيقة، ما يعززمن قدرات ايران الاقتصادية والمالية وقدرتها على التاثير في الاقليم وخارجه.