بقلم: سميح خلف

عندما تكون السلطة بين فكي الثعبان

سميح خلف
حجم الخط

غزّة - وكالة خبر

لم يكن مستهجنا ما حدث بالأمس في نابلس ومخيم بلاطه و كما سبقه في مخيم جنين من سلوكيات للسلطه تستهدف ان تثبت للاحتلال انها قادرة على ضبط الامن و مطارده واعتقال كل من تتنافى سلوكياته مع عمليات التطبيع التي نصت عليها التزامات قيادات منظمة التحرير عند توقيع اتفاق اوسلو وبالنص ضبط الامن وتطويع الثقافة والسلوكيات الفلسطينية للقبول والاعتراف بواقع اسرائيل الذي يحتل ليس 80% من ارض فلسطين بل حوالي 98% من ارض فلسطين .

ماحدث في نابلس من اعتقال احد المطاردين والاسير المحرر سابقا مصعب اشتيه وزميله والذي اثار موجة غضب عارمة في كل انحاء جنين ومخيم بلاطه وبناءا عليه انتقلت المواجهة من عملية رفض سلوك السلطة الى مواجهة السلطة عسكريا وبقوة النيران والذي على اثرها سقط شهيدا وخمس اصابات ، تلك المرحلة التي كان لا احد يريد ان تصل لها الامور ونحن لسنا كغيرنا من ثورات الشعوب الاخرى "نحن عاطفيون" وهذا اتى على حساب المفاهيم الثورية والسلوك الثوري الذي اقتضت به الشعوب الاخرى والثورات الاخرى التي انتصرت وحققت اهدافها وتطبيق المنطلق الثوري "تحديد معسكر الاصدقاء ومعسكر الاعداء" بالتأكيد ان جميع الثورات العالمية واجهت ثورات مضادة وانتكاسات فكرية للبعض وتماشت مع طموح الاحتلال والاستعمار لتشكيل سلطات محلية متعاونة مع واقع الاحتلال فكانت الثورة او الثورات على خط المواجهة مع الاحتلال والاستعمار وقواه على الارض هذا ما حدث في فيتنام حتى الثورة البلشيفية والصينية والجزائرية وثورة يوليو 52 حتى جنوب افريقيا ولكننا نحن عاطفيون ! ولو كان هذا على حساب ان نفقد حلمنا الفلسطيني وارادتنا الفلسطينية وبرنامجنا الوطني ، فجميع الثورات واجهت قوى داخلية رسمية وغير رسمية صنيعة الاحتلال بالاضافة الى قوى الاحتلال وانتصرت .

هناك خلط بين السلم الاهلي والاجتماعي وبين قوى تخرج عن مفاهيم الارادة الوطنية والمطلب الوطني وتنساق قدما بمصالحها تجاه خندق الاحتلال ، لانها تجد من وجود الاحتلال وجود لها .

قد حاولوا تدجين الشعب الفلسطيني وتطويعه ليتنازل عن ارض الاباء والاجداد وعن التاريخ اعتقدوا انهم نجحوا في ذلك واعتقدوا ان قوتهم الامنية التي غذتها امريكا واسرائيل والغرب بالعتاد والعدة والمال بأنها قادرة على لجم الطموح الفلسطيني اطفالا وشبابا وشيبا فلم يسلم اطفال المدارس من تفتيش حقائبهم ولم تسلم الشوارع والازقة في المخيمات والمدن و القرى من المخبرين الا ان القفزة النوعية لعمق الثقافة الوطنية الفلسطينية وتاريخها المتجذر والمنقول لكل الاجيال قد صدمهم اعني هنا صدم الاحتلال وصدم ازرعه في السلطة ولذلك اتت تصريحات غينتيس والقيادة السياسية الاسرائيلية لابتزاز السلطة اكثر فأكثر لتقع فريسة فكي الاحتلال الاسرائيلي لمزيد من الخطوات تجاه الصدام مع القاعدة النضالية والشعبية الفلسطينية وهذا ماحدث في نابلس وحدث من قبل في جنين والخليل و طول كرم ورام الله بالقرب من اقامة رئيس السلطة ، وهي مناطق اجتاحتها قوات الاحتلال وقامت بتصفية العديد من المناضلين واعتقال العديدين وامام ابتزاز اسرائيل للسلطة ومطالبتها بمزيد من الخطوات لم تجد السلطة مفر الا الاستجابة لطلبات الاحتلال وعندما يصرح احد قادة السلطة "جربونا" لنقوم بنفس ما تقوموا به وكفوا عن الاجتياحات ! .

للاسف الاحداث في نابلس تأتي في خضم جهود الجزائر للم الشمل الفلسطيني والوصول الى توافق يؤدي الى وحدة البرنامج وانهاء الانقسام ، هي عثرات تقوم بها السلطة لاجهاض التحرك الجزائري ، فالعمليات الامنية في جنين ومناطق السلطة في منتهى الخطورة على الواقع الفلسطيني من تهديد السلم الاهلي واشاعة الفوضى وضرب القوى الفلسطينية الحية وخلط الحابل بالنابل اي خلط الاوراق وهذا ما تريده اسرائيل اضعاف السلطة وليس انهاؤها لوضع بدائل في مراكز السلطة ومؤسساتها و هذا ما صرح به غينتس ولابيد انهم سيشجعون و ويقدمون مزيد من الامتيازات و الدعم للعناصر" المعتدلة " .

السلطة اصبح واقعها مرتبط بواقع الاحتلال وارادته واهدافه و في واقع انسداد كل الافق السياسي او المقدرة على وضع البدائل فها هي قرارا ت المركزي لم تنفذ حينما تبصم اللجنة التنفيذية في اجتماعها الاخير لالتزامات اوسلو والاوسلويين و من هنا استطيع القول ان السلطة اذا لم تعي ما تقوم به من خطورة في مواجهة الشعب الفلسطيني بفسادها وسلوكها فإن الوضع في الضفة سيضع السلطة في خانة "صف الاعداء" وهذا ماكان يختلف عليه الكثيرون ويستبعده الكثيرون من سلوكهم حتى الثوريين والمناضلين ، اذا السلطة تحرق نفسها بنفسها لكي تتورط اكثر وليأخذ الشعب الفلسطيني هذا الانطباع بأنها احد اذرع الاحتلال .