تخطت القضية الفلسطينية الخطر المحيط بها داخلياً وعربياً , وأصبح الخطر اقليمياً ودولياً , فالتحالفات المركبة في هذا العالم تحاول جاهدة جعل القضية الفلسطينية وأقطابها أدوات لاستخدامها.
عادت الحرب الباردة من جديد ولكن هذه المرة بين القطبين الاكثر تأثيراً في المنطقة , ايران التي تمثل المذهب الشيعي وغريمتها السعودية التي تمثل المذهب السني , هذا الصراع الطائفي الذي يحاول الغرب ترسيخه يؤثر سلباً على القضية الفلسطينية.
فبعد ان طالبت ايران حركة حماس بموقف رسمي ضد السعودية مقابل الدعم المالي الثابت وأيضا الاعتراف بها كبديل عن منظمة التحرير الفلسطينية , كثرت التساؤلات حول موقف الحركة من هذه العروض المغرية.
في ضوء هذه الصراعات التي تدور في المنطقة الاقليمية اعتبر الكاتب والمحلل السياسي د.اكرم عطالله ان حركة حماس من الصعب ان تحسم موقفها بين هذه الصراعات الكبيرة وذلك لانها تريد ان تكسب كل الأطراف , لافتاً الى ان حركة حماس حاولت في البدايات ان تحسم موقفها ولكنه حُسب عليها ,والذي ذهب بالاتجاه السني منذ سيطرة الاخوان المسلمين على الحكم , لذلك فامكانية التراجع صعبة بالنسبة للحركة على مستوى الاقليم عموماً وعلى المستوى الفلسطيني بشكل خاص.
واستبعد عطالله ان تكرر حماس هذا الامر لانه سيضعها محل انتقادات كثيرة وسخرية , موضحاً لانها كانت مع ايران ثم بعد ان لاح فجر الاخوان والسنة قليلاً واذ بها تقفز الى مركبهم ثم عندما بدأ مركبهم بالغرق تعود تقفز في المركب الايراني , لذلك من الصعب على حماس ان تضع نفسها في هذه الصورة .
وأوضح عطالله انه من الخطأ على ايران ان تشترط على حماس مثل هذه الشروط , لان حركة حماس حركة وطنية فلسطينية , اذا ارادت ايران ان تدعمها فيحدث ذلك بعيداً عن الشروط التي تضع أي حزب فلسطيني في اطار الحرب المذهبية في المنطقة, مضيفاً انه ومن الاخطر ان تعرض ايران على حماس بأن تكون بديل لمنظمة التحرير الفلسطينية معتبراً انه تدخل غير مقبول في الشأن الفلسطيني.
ومن جانبه قال المحلل السياسي د.حسام الدجني ان بنية حماس التنظيمية لا تسمح لها ان تتخذ مواقف هكهذه , مشيراً الى ان محددات العمل السياسي الخارجي عند حركة حماس هي ان تكون علاقاتها متساوية مع الجميع, وان تبتعد عن هذه الصراعات ذات البعد الطائفي , موضحاً ان كلا الاطراف الموجودة على الساحة تعتبر عمق مهم للحركة.
واعتبر ان المقاومة الفلسطينية ومنها حركة حماس لها هدف واحد وهو جلب دعم جميع الاطراف للقضية الفلسطينية وفي اطار هذا المحدد فان "الدبلوماسية الحمساوية" تعمل على كافة الصعد بأن تحقق هذه الموائمة من اجل ان يكون هناك علاقة متوازنة مع الجميع .
وبيًن الدجني انه في حال حسمت حماس الموقف لصالح السعودية فلن تمولها بالسلاح , ولو حسمته لصالح ايران فسيكون هناك "ضغضغة" في الموقف الحمساوي تحديدا داخل الحركة, من خلال ان العمق السني والصراع في سوريا سيؤثر بشكل كبير على العلاقات الاقليمية لان حماس حركة اسلامية سنية وسطية , والاخوان في سوريا يتعرضون للذبح ولأبشع الجرائم وبالتأكيد هناك ارتباط ايدولوجي عاطفي .
وأضاف الدجني ان الأسلم في هذا الموقف ان فلسطين توحد العالم العربي والاسلامي وعلى حركة حماس قيادة هذه الوحدة .
وطالب حركة حماس بان لا تتصادم مع أي تحالف وانه يجب عليها ان تلعب بشكل كبير على ما يخدم مصالحها التحريرية ومشروعها الوطني التحرري.
ويبقى السؤال الفلسطيني اليوم ,, هل تسقط حماس في هذا الفخ ام انها ستعود لحضن شعبها الأولى بها ؟