في أحد الأيام سأل صحفي إسرائيلي، وزير السياحة رحبئام زئيفي، ماذا ستفعل إذا قابلت فلسطيني؟، فأجاب سأُطلق النار على رأسه، لكِنه لم يكن يعلم أنَّ الرصاص سيأتي له من مُقاتل فلسطيني ثأر لدماء الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أبو على مصطفى، قبل مرور أربعين يوماً على اغتياله، عندما زغرد كاتم الصوت في السابع عشر من أكتوبر 2001.
عملية الاغتيال
بدأت العملية صباح يوم الأربعاء الموافق 2001/10/17م، حينما دخل 3 من مُقاتلي كتائب أبو علي مصطفى الجناح العسكري للجبهة الشعبية، وهم: "مجدي الريماوي وحمدي قرعان وباسل الأسمر"، فندق "ريجنسي الإسرائيلي" في القدس المحتلة فجراً، بعد عمليات رصد ومراقبة استمرت عدة أيام.
حيث دخل المنفذون الفندق وهم يحملون معهم مسدسات كاتمة للصوت، وكان زئيفي خرج من غرفته داخل الفندق لتناول الفطور في قاعة الطعام، فانتظر البطل حمدي القرعان عودته، وبعد ربع ساعة عاد الوزير الصهيوني متجهاً إلى غرفته، فقام حمدي بمناداته قائلًا "هيه"، ليلتفت زئيفي، وسرعان ما أطلق قرعان النار عليه، فاستقرت 3 رصاصات في رأسه ما أدى إلى إصابته بجراح بالغة الخطورة، فيما كان باقي أعضاء المجموعة يُشرفون على تأمين المكان.
ونجحت المجموعة بقتل المتطرف رحبعام زئيفي، ليُشكل هذا صدمةً للإسرائيليين، على المستوى السياسي والشعبي، واختراقًا لجميع الحصون الأمينة لدولة الاحتلال.
العمليات النوعية استمرار لحرب التحرير الشعبية
من جهتها، أكّدت عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، مريم أبو دقة، على أنَّ اغتيال الأمين العام للجبهة الشعبية أبوعلى مصطفي في 27 أغسطس 2001، كان يستوجب حتمية الرد الموجع؛ لذلك جاء الرد الصادق من النسور مُنفذي العملية ومن الأمين العام للجبهة أحمد سعدات، بالثأر لدماء أبو على مصطفى.
"كنا نحترق ألمًا؛ لأنً الضربة موجعة؛ لكِن قبل الأربعين، ثأر النسور مُنفذي العملية وقتلوا رحبئام زئئيفي، تنفيذاً لمقولة الأمين العام سعدات: العين بالعين والرأس بالرأس والسن بالسن"، وفق حديث أبو دقة.
وقالت أبو دقة، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "رغم أنَّ قيادة الاحتلال لا تساوي حذاء أبو على مُصطفى؛ لكِن على الأقل الضربة- اغتيال زئيفي- كانت ثأر شفى غليل كل شعبنا الذي تألم لاستشهاد رفيقنا؛ وهو الأمر الذي أعطانا قوة تؤكد أنّنا استطعنا الثأر بعملية أوجعت الاحتلال حتى اليوم".
وأكملت: "إنَّ قوة تأثير الرفاق في الضفة الغربية والقدس المحتلة، جعلهم هدف للاحتلال؛ لذلك نجد كل قيادات الجبهة وكواردها وحتى طلبتها داخل سجون الاحتلال"، مُشدّدةً في ذات الوقت على حق الشعب الفلسطيني في مقارعة الاحتلال، وهو الأمر الذي كفلته لهم كافة الشرائع الدولية.
وأشارت إلى أنَّ الجبهة لا تحتفل بهذا اليوم الذي استطاعت أنّ تقضى به على رأس الحية؛ لكِنها تُعاهد الرفاق القابعين في سجون الاحتلال حمدي وباسل وعاهد والأمين العام سعدات وكافة الرفاق والأسرى، بأنّها ستبقى وفية لهم من أجل حريتهم".
وشدّدت على أهمية وحدة البنادق لأنّها الطريق إلى الحرية والخلاص والاستقلال من المُحتل، لافتةً إلى أنَّ ما يجري في الضفة انتفاضة بطريقة مختلفة، إذ لا توجد انتفاضة تشبه الأخرى في مواجهة الاحتلال الاستيطاني الإحلالي.
كما لفتت إلى ضرورة تنفيذ اتفاق المصالحة بين الفصائل الموقع في الجزائر الشقيق، وذلك وفاءً لدماء الشهداء وعذابات الأسرى والجرحى؛ وصولاً إلى التحرير والاستقلال.
وجدّدت التأكيد على استمرار كتائب أبو علي مصطفى في عملياتها النوعية، التي تُعد جزءًا من حرب التحرير الشعبية طويلة الأمد، التي تتكون من ثلاث مراحل: "اضرب واهرب، ومن ثم اضرب واستمر مع وجود الحاضنة الشعبية وأخيرًا اضرب واستمر والنهاية لحرب التحرير الشعبية التي تكتمل بتحرير كامل أراضينا المحتلة".
وختمت أبو دقة حديثها، بالقول: "يجب أنّ ترتكز عقيدة كل الأذرع العسكرية على العمل الفدائي، والعمليات النوعية التي هي من صلب حرب التحرير الشعبية طويلة الأمد التي تُمارسها القوى الثورية التي لا تصل قوتها لقوة العدو بالمعنى الكلاسيكي؛ لكِن بمعنى الضربات الموجعة للعدو حتى يندحر عن أرضنا".