كشفت القناة "12" العبرية، عن مُباحثات جرت مُؤخراً بين مسؤولين أمنين أمريكيين وأجهزة أمن الاحتلال والسلطة الفلسطينية من أجل إيجاد صيغة لتهدئة الأوضاع في شمال الضفة الغربية.
ووفقًا للمحلل العسكري "الإسرائيلي"، إيهود يعاري، فقد طالب الفلسطينيون جيش الاحتلال بالامتناع عن شنّ اقتحامات في الضفة الغربية وإعطائهم المزيد من الوقت للتوصل إلى تفاهم مع مجموعة "عرين الأسود".
وزعم التقرير الإسرائيلي أنَّ المسؤولين الأمنيين الفلسطينيين أوضحوا أنّهم اعتقلوا في الأيام الأخيرة 11 مسلحاً، بينهم عناصر من الأمن الفلسطيني كانوا على اتصال بمجموعة "عرين الأسود" في نابلس.
وبحسب التقارير الإسرائيلية، فإنَّ السلطة تسعى إلى الاتفاق مع عرين الأسود، مثل اتفاقات مُشابهه في الانتفاضة الأولى، والتي تقضي بتسليم المقاومين أسلحتهم مع بقائهم تحت حماية "الأمن الوقائي" لعدة أشهر؛ حتى تتم تسوية أوضاعهم مع الشاباك.
وقد أكّد مسؤولون في السلطة للأمريكان، أنَّ عدداً كبيراً من المطلوبين ينتمون لحركة فتح ولا يُمكن استخدام القوة معهم؛ وإنّما بالاقتناع فقط يُمكن التعامل معهم.
ما سبق يطرح تساؤلات حول إمكانية نجاح أيّ حوارات بين السلطة ومجموعة "عرين الأسود"، في تسليم أسلحتهم في الوقت الذي أكّدت تجارب سابقة أنَّ هذه الحلول تجعلهم فريسة سهلة للاحتلال.
من جهته، استبعد الكاتب والمحلل السياسي، عمر عساف، أنَّ يتمكن الاحتلال الإسرائيلي من إنهاء ظاهرة "عرين الأسود"، من خلال محاولات إضعافها بالاغتيالات والمطاردة والاعتقال، لافتاً إلى أنّها باتت تنتشر بصورة كبيرة في الصفوف الشعبية.
وقال عساف، في تصريحٍ خاص بوكالة "خبر": "إنَّ السلطة الفلسطينية طلبت من الولايات المتحدة التدخل لدى إسرائيل للتخفيف من جرائمها والامتناع عن اقتحام مدن شمال الضفة الغربية "نابلس وجنين"، لكِن إسرائيل ليس بوارد تخفيف جرائمها؛ خصوصاً أنَّ الانتخابات الإسرائيلية على الأبواب".
كما أشار إلى تصريحات رئيس وزراء الاحتلال يائير لابيد، التي أكّد خلالها استمرار محاولات القضاء على ما أسماه "الإرهاب".
وبشأن إمكانية إبرام اتفاق السلطة الفلسطينية اتفاق مع مجموعة "عرين الأسود"، كما جرى مع كتائب الأقصى إبان الانتفاضة الثانية، رأى عساف، أنَّ "هناك هوة وفجوة بين نهج "التنسيق الأمني" الذي تتبعه السلطة ونهج "المقاومة" وجبال من الشهداء" على حد وصفه، مُستبعداً استجابة شباب "عرين الأسود" لمثل هذه الإغراءات من السلطة -بالإشارة إلى تفريغهم في الأجهزة الأمنية- مقابل تسليم أسلحتهم.
وبيّن أنَّ التجارب السابقة أثبتت أنّه لا حصانة لفلسطيني من قوات الاحتلال، والدليل على ذلك حالة المناضل زكريا الزبيدي الذي تم اعتقاله بعدما انخرط في مسار التسوية، وبالتالي فإنَّ التجارب السابقة ستمنع شباب "عرين الأسود" من الوقوع في هذه المصيدة.
وعن إمكانية إضعاف الاحتلال لمجموعة "عرين الأسود" في ظل غياب قيادة واضحة لها، أوضح عساف، أنَّ "مجموعة عرين الأسود تُقدم في كل يوم قادتها شهداء؛ لكِن الالتفاف الشعبي حولها يتسع أكثر، وكأن دماء كل شهيد تزيد الظاهرة قوةً".
وأكمل: "وجود قيادة لعرين الأسود أمر مهم، لكِن المجموعة لا تحتاج لقيادة تقليدية تُفرط بتضحياتها في أيّ مساومة سياسية أو غيرها، بل هي بحاجة إلى قيادة من نوعٍ آخر".
وختم عساف حديثه، بالقول: "إنَّ بعض الفصائل الفلسطينية المعنية بتصعيد المقاومة والتي تقول علناً إنّها مع المقاومة ومع محور المقاومة، ربما تُوفر بعض الدعم لمجموعة عرين الأسود؛ لكِن القوى التقليدية المعروفة من المستبعد أنّ تُقدم الدعم لها"، وفق حديثه.