بمناسبة الانطلاقة51 :حركة فتح والبحث عن الغيمات الماطرة (6/6)

9999462536
حجم الخط

بقلم : د. بكر أبوبكر

5-]الفهم[ والصراعات

    في النقطة الخامسة بعد أن تعرضنا للوحدة الداخلية بشقيها الفتحوي والوطني العام، وبناء السراطية (الاستراتيجية) والبرنامج الموحد ، ووحدة الأمة في الإطار الحضاري، فإن فهم الصراع بأبعاده الذي قد لا ينتبه له الكثيرون يحتاج جهدا مضاعفا، وهذه الأيام خاصة في ظل صراعات جديدة تحيط بنا منها صراع الاسلامويين وصراعات التطرف وصراع الإرهاب، وصراع (الاسلاموفوبيا) بالغرب، وصراع الأصالة وصراع الأديان والطوائف، وصراع التقسيم الجديد للمنطقة العربية، وصراع العلمانية وأبوابها المتعددة، وصراعات الحداثة والعولمة والبيئة، ناهيك عن صراع الرواية التوراتية الرائجة هذه الأيام في ظل خرافية وأسطورية فكر اليمين الإسرائيلي الصاعد، وكثير من مرويات التراث العربي والإسلامي التي استجابت لهذه الأساطير التوراتية، ولم تعد تطيق تقبل الدلائل والبراهين التي تسقطها وتصرعها.
    إن صراعنا الثقافي الفكري التاريخي النضالي سواء في المنطقة، أو فيما يتعلق بفلسطين هو مما يجب أن نقرنه مع ما استجد من صراعات نخوضها مثل صراع مقاطعة الكيان الاسرائيلي العنصري في كل المحافل وفي الوطن، والصراع القانوني الذي ذهبنا إليه حديثا مترافقا مع النجاحات السياسية، ودعما لاستراتيجية تحطيم أسطورة (اسرائيل) كدولة (ديمقراطية) ما هي في الحقيقة إلا عنصرية تبتغي (اليهودية) الإقصائية ، الأكثر بغضا مما كان في جنوب افريقيا.
إننا بحاجة كفلسطينيين وكحركة فتح وكتنظيمات عامة للفهم المشترك أولا، وفي إطار تحقيق هذا الفهم لامناص من استبعاد أولئك المعوقين للوصول لهذا (الفهم المشترك) وهذا الفهم إن لم يعود لجذره وهو (فلسطين) ولجذره الحضاري في صميم حضارة أمتنا العربية الاسلامية والمسيحية الشرقية نكون في حالة (تيه) كتلك التي حصلت لقبيلة بني إسرائيل العربية اليمنية المنقرضة هناك في الجغرافيا البعيدة.
 إن المأساة في فلسطين اليوم ذات طابع مركب ما بين اختلالات الجغرافيا وصراخ الأرض المغروس فيها خنجر الاستيطان والاحتلال، وتكرار مآسي اللجوء، وما بين تزويرات السياسيين الاسرائيليين وشحذ سكاكينهم الملونة لقطع رقبة نضالنا، بل وتمزيق تاريخنا وحضارتنا، وما يساعدهم في عملية الذبح الإرهابية هذه هو عدم القدرة على ]الفهم[ وعدم القدرة على التوافق على التحليل لدينا نحن كتنظيمات فلسطينية سياسية أساسا، وعدم القدرة لدى فئة كبيرة على تقبل الآخر والتعددية والديمقراطية والشراكة، وما يساعد العدو في مذبحته ضدنا هو تفككنا، و لهوْ الأمة وانصرافها إلى مواضيع تأخذ أنظمتها ومنظماتها بعيدا وتجعل من انخراطهم في محاور متقابلة-متقاتلة أساس الصراع والفرز الذي يدمر الأمة من حيث تدمير فكرة الدول الوطنية، ومن حيث هز الاستقرار، ومن حيث تلطيخ الثقافة الحضارية المتعددة.


 إن حاجتنا للفهم المشترك في التوافق على وحدة فكرتنا الجامعة يعني أول ما يعنيه قطع الخيوط مع ما يظنه البعض "أكبر" من "فلسطين الفكرة الجامعة"، وهو ذاته الخيط "الأكبر" الذي التف نحو رقابنا فجمد نضالنا كفلسطينيين في فترة تكاثف غيمات الانطلاقة ما قبل عام 1965، وها هو يعود اليوم ليلتف حول رقبة القضية بوجه جديد يجعل من فلسطين قضية ثانوية، أو إلحاقية أو قابلة للانتظار لا يرفع من أجلها إلا الشعارات الفضائية، ومن هنا فواجب حركة التحرير الوطني الفلسطيني-فتح داخلي وخارجي، وثقافي كما هو ميداني صادق وشجاع وصبور بلا كلل.


                           وإنا لمنتصرون بإذن الله، وإنها لثورة حتى النصر.