تكشف النتائج الأولية لانتخابات الكنيست "الإسرائيلي" في دورته الـ25، تقدم ساحق لليمين العنصري الفاشي، ما يُعزز فرص زعيم المعارضة بنيامين نتنياهو، في تشكيل حكومة ائتلافية يمنية مستقرة ربما لأربع سنوات قادمة، على الرغم من أنَّ الخارطة السياسية لدى الاحتلال لم تعد تعرف الاستقرار والثبات.
صعود مُدوي للصهيونية الدينية ولحزب القوة الصهيونية بزعامة سموتريش الذي يُطالب بطرد العرب من فلسطين التاريخية، ويعتبر نفسه مكملاً لدرب الحاخام العنصري والفاشي "مئير كهانا"، ويعتبر الإسلام دين الإرهاب ويُطالب بلف جثث الفدائيين.
بينما تذهب التوقعات إلى أنَّ وجود ايتمار بن غفير في أيّ حكومة سيُشكلها نتنياهو حسب وعده الأخير، سيعمل على ترحيل نحو 200 ألف فلسطيني وتشديد الخناق ضد الفلسطينيين وتنفيذ خطط تسميم الآبار ورعاية الحرب في الشمال مع لبنان، بالإضافة إلى تعزيز الفصل العنصري.
ما سبق يفتح التساؤلات حول السيناريوهات الأسوأ المتوقعة في ظل زعامة نتنياهو حكومة يمنية عنصرية فاشية، حيث يُجيب الخبير في الشؤون الإسرائيلية، عليان الهندي، على كافة التساؤلات في حوارٍ خاص مع وكالة "خبر".
س: كيف تقرأ المشهد الإسرائيلي في ظل الصعود المُدوي للصهيونية الدينية واليمين المتطرف؟
ج: ليست ظاهرة جديدة أنّ تحصل الصهيونية الدينية على هذا العدد من الأصوات؛ لأنَّ جمهورها واسع في ظل نجاحهم باستقطاب معظم أصوات اليمين في إسرائيل؛ وبالتالي ليس مُستغرباً أنّ تنجح الصهيونية، بالإضافة إلى أنّ التربية والثقافة الصهيونية لا تستطيع أنّ تُنتج أفضل من ذلك؛ لأنَّ مدارس التربية والتعليم لم تتغير؛ بمعنى لا تُوفر للشخص الإسرائيلي أكثر من ثقافة؛ كي يتشربها من مرحلة الروضة إلى الجامعة؛ وبالتالي هو ابن ثقافة موحدة يمنية متطرفة.
س: ماذا يعني وجود بن غفير في حكومة دولة الاحتلال في ضوء التحذير من سياسيته الفاشية؟
ج: التربية والثقافة التي تشربها الشخص الإسرائيلي هي فاشية تجاه العرب، ومع ذلك هناك شئ اسمه "الاستقرار السياسي" و"الحكم"، ويُقصد بالاستقرار السياسي: السياسات المختلفة التي تُرسم باتجاه مختلف القضايا في الجيش وليس بالحكومة الإسرائيلية والحكومات مجرد موقع عليها، والقرارات تأخذ بعين الاعتبار وجود اليمين والوسط؛ ولكِن بشكل عام ليس هناك انحراف عن النهج الذي يرسمه الجيش في جهاز الاستخبارات للسياسات الإسرائيلية المستقبلية للفلسطينيين، ومع ذلك السياسات القائمة هي تهجير للفلسطينيين. ونفتالي بينت ليس أقل تطرفاً من بن غفير ولم يكن ظاهر عليه أنّه قام بإجراءات متطرفة تجاه الفلسطينيين؛ بمعنى التهديدات التي كان يُطلقها ضد الفلسطينيين تكون ضمن السياسية الإسرائيلية.
س: ما هي تداعيات صعود اليمين الفاشي على الفلسطينيين؟
ج: كانت من ضمن الثقافة الإسرائيلية الإيمان بالحل مع الفلسطينيين؛ ولكِن في العام 2000 تبدل "وهم الحل" مع الفلسطينيين بالشروط الإسرائيلية؛ وبالتالي أصبح المجتمع الإسرائيلي مُوحد ولن ينتج أفضل مما هو موجود.
ورأى أنَّ مشكلة "إسرائيل" اليوم مع الفلسطينيين في الضفة الغربية، مُعتقداً أنَّ "إسرائيل" نظرًا لعدم وجود اهتمام عربي بالقضية الفلسطينية واستمرار الانقسام الفلسطيني؛ ذاهبة نحو إخضاع الفلسطينيين للسياسية التي تُريدها بالضفة، أما في غزّة فإذا وافقت حماس على قيام كيان مستقل يُسمى دولة فلسطينية ضمن شروط مُعينة فستحصل عليها، وإذا لم يحدث فمن المرجح استمرار الأوضاع التي عاشها قطاع غزّة من العام 2007 إلى الأعوام القادمة.
ولفت إلى أنَّ المعادلة "الإسرائيلية" تغيرت في التعامل مع غزّة منذ العام 2000 ولم تتغير حتى هذا اليوم، وهي غير معنية بإسقاط حماس ليس بسبب حب أو كره؛ وإنّما لا تُريد أنّ تُحدث أيّ فراغ على عكس ما تُروج له حركة حماس.
س: برأيك هل ستذهب الحكومة الإسرائيلية الجديدة بزعامة نتنياهو لاجتياح مدن شمال الضفة للسيطرة على ظاهرة عرين الأسود وكتيبة جنين؟
ج: هناك محاولة من حماس والجهاد الإسلامي؛ لاستعادة ما يُسمى "المقاومة في الضفة الغربية" وكأنه لا يوجد مقاومة هناك، ولا تكون الضفة مناضلة إلا بوجودهما، وما يجري يُعبر عن حالة عدم وعي بالحالة الفلسطينية؛ فالمقاومة في الضفة الغربية لم تتوقف منذ العام 1967 إلى اليوم، وظاهرة عرين الأسود وغيرها من الظواهر كانت تبرز بين الفترة والثانية، وهناك مخاوف من تضخيم ظاهرة "عرين الأسود" من جانب الاحتلال الإسرائيلي من أجل قتل أكبر عدد من الفلسطينيين، فقد تم تضخيم ظاهرة "كتيبة جنين" وتم اغتيال على إثر ذلك 40 شاب تقريباً، وهو رقم كبير بالنسبة لمخيم جنين الذي تبلغ مساحته 1 كيلو متر، دون شك بوجود توجه جديد للشباب المقاومين هناك؛ لكِن محاولات التضخيم يكون ضررها أكبر فوائدها؛ لذلك إسرائيل لا تحتاج لاجتياح نابلس ولا جنين وإنّما تداعيات كاذبة؛ لأنّها بالمختصر موجودة وتستطيع اقتحامها؛ ولابد من الانتباه إلى أنَّ "إسرائيل" تقود تصعيدًا في الضفة الغربية وعدد الشهداء ليس له مقارنة إلا بعدد الشهداء في هبة العام 2015.
س: كيف ستتعامل إسرائيل مع الرئيس عباس في قادم الأيام بعد تشكيل نتنياهو حكومة يمنية؟
س: "إسرائيل" تكذب عندما تقول إنّها تُريد تعزيز مكانة الرئيس عباس وإحلال سلام اقتصادي، حيث إنّها تتبع سياسية إخضاع الشعب الفلسطيني وقياداته وسوف تستمر، وهي تدرس الآن كيف يُمكن إدارة الضفة بدون وجود السلطة الفلسطينية؛ لذلك منذ وقت مبكر بدأت بوضع بوابات حديدية على أبواب القرى الفلسطينية في الضفة، حيث بالإمكان تدفع الرسوم للإدارة المدنية دون الوصول لها والكثير من التفاصيل للتعامل مع خيار انهيار السلطة.
وتابع "لكِن المشكلة تبقى عند الفلسطينيين وليس الإسرائيليين، وعلينا أنّ نُقرر ماذا يجب أنَّ نفعل مع الاحتلال الذي لديه خطط إستراتيجية جاهزة على مدار السنوات السابقة للتعامل معنا، وكفلسطينيين تغيرنا حتى نُرضي إسرائيل، إلا أنَّ كل التغيرات التي مررنا بها لم تعد تكفي، وآن الأوان لوضع طريقة للتعامل مع الوحش الذي يحتلنا".
وختم عليان حديثه، قائلاً: "إنَّ إسرائيل تمتلك خيارات عسكرية بشأن الضفة؛ لكِن الخيارات مرتبطة بالولايات المتحدة، وبالتالي لابّد أنّ نسعى لخلط أوراق الاحتلال الذي يرسم استراتيجيات تتناسب مع أهدافهع".