انتهت الانتخابات، وبدأ الخوف في أوساط الخاسرين يزداد، والفائز، بنيامين نتنياهو، أعد نفسه لدور جديد وهو "المؤشر اليساري" في الائتلاف الآخذ في التبلور.
سيكون نتنياهو من الآن الشخص الذي سيحمي الديمقراطية وحقوق المواطن، والكابح الذي سيوقف سيل المبادرات الضارة لشركائه بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير ورؤساء الحريديين والسياسي الذي سينقذ إسرائيل من العزلة الدولية.
يذكرون جذوره في رحافيا وفي بوسطن، وثقافته الواسعة وانجليزيته الطليقة لتعزيز قناعتنا الذاتية بأن نتنياهو دائما كان واحدا منا، وفقط بسبب مقاطعة الأطفال المقبولين في الصف اضطر إلى الارتباط بالمرفوضين والمضطهدين والعنيفين، والآن هو سيغير موقفه مرة أخرى. ماذا نقول؟ حقا هو ليبرالي جديد.
نتنياهو، الذي ليس له مثيل في تشكيل الرواية السياسية، يخلق منذ الانتخابات شخصيته للموسم الجديد. يطلق أحد الشركاء في الائتلاف (بنفسه أو من خلال جهات في "الليكود") بالون اختبار يهدد العلمانيين واليساريين. قائمة جزئية: سيتم وقف علاج التحول للمثليين، وسيتم إلغاء مباريات كرة القدم في أيام السبت، وستكون المحكمة العليا خاضعة لإدارة الائتلاف، وسيحصل بن غفير على صلاحيات الشرطي، وسيعود الحريديون إلى شرب الكوكاكولا، وسيتم محو بعض البنود من قانون العودة، حتى قبل الوعود بشن حرب ضد إيران، ودعواته للرئيس اسحق هرتسوغ بوحدة قومية.
عندها، بعد أن يصعد بالون الاختبار إلى الهواء ويرسل موجات صادمة وتخويفاً للمعسكر الخصم سيظهر الأمير المخلص على صورة نتنياهو.
سيحمي نتنياهو المثليين، فنتنياهو غير مستعد للذهاب حتى النهاية أمام جهاز القضاء، وسيحمي نتنياهو استاد بلومفيلد في أيام السبت، وسيكبح نتنياهو، نتنياهو سينقذ.
أول من أمس فقط اعتقدنا أن نتنياهو هو المشكلة وأنه التهديد على الديمقراطية الإسرائيلية وأنه فاسد وعديم الكوابح وخطير ومحظور الاقتراب منه. هكذا تبين أنه طوال الوقت اختفى هناك يساري مقنع.
قال نتنياهو إن الفيلم المحبب إليه هو فيلم "كلاب القش" للمخرج الأميركي، سام بكينفا. ولكن "العراب" أو "سكير فيس" يناسب أكثر.
بعد فوزه الساحق في صناديق الاقتراع اقترح على اليساريين المهزومين صفقة حماية: سأقوم بحمايتكم من مجموعة هؤلاء المتوحشين التي تسير خلفي وأنتم انسوا ما قلتموه عني في أيام "فقط ليس بيبي" ومظاهرات بلفور.
وإذا واصلتم التصميم على أنني فاسد "المتهم من بلفور" و"عدو الديمقراطية" وما شابه، فستحصلون على يمين تام دون محكمة عليا ودون "بتسيلم".
تعرفون أنه ليست لي أي مشكلة في الانقلاب عليكم، والآن ستندمون على ما قلتموه عني طوال هذه السنوات. بصفته عراباً متمرساً فإن نتنياهو يدرك الذعر الذي أصاب خصومه منذ الأمس، وهو بالتأكيد يستمتع بسماع ذلك الآن من أفواههم بأنه يجب العفو عنه وإلغاء محاكمته والانضمام لحكومته، لأنه هو الوحيد الذي سينقذنا من بن غفير وسموتريتش، ومن العضو في حزب "نوعم".
نتنياهو فوضوي وملحد وسلمي ودون مبادئ أو كوابح، يعتقد أن القوانين تم إعدادها للأغبياء والضعفاء وليس لشخص متفوق مثله.
هو يمتثل فقط لقانون واحد وهو أن من لديه القوة فهو الزعيم، ومن ليست لديه القوة فهو يعمل من أجل الزعيم، هكذا ببساطة. بالطبع هو في وضعه الجديد لا يهدف فقط إلى إرضاء خصومه أو التمتع من الارتعاد السريع في وسائل الإعلام. يعتبر كل ذلك متعة كبيرة، لكن بالنسبة لنتنياهو فإن المتعة دائما هي ثانوية مقارنة بالمصالح السياسية الآنية.
موقف "المؤشر اليساري" يخدم نتنياهو بشكل جيد. أولا هو يقلل اعتماده على الشركاء في كتلة اليمين. ولو أنه فاز بأغلبية صغيرة، 61 مقعد، لكان سيكون أسيرا في يد "الصهيونية الدينية" و"قوة يهودية"، التي جلبت له الفوز. الفجوة التي حققها مع 64 عضو كنيست تسمح له بالتسلي بخيارات والتنكيل بشركائه في الكتلة. أدرك سموتريتش ذلك على الفور وكشف ضعفه بدعوته إلى مفاوضات ائتلافية سريعة.
ثانيا، الليبرالي الجديد يمكنه العودة إلى التمرين المحبب جداً له في السياسة وهو حل الأحزاب والمعسكرات الخصمة.
يمكن تخيل أن الدعوة المتسرعة لحكومة وحدة قد نسقها مع هرتسوغ حتى قبل الانتخابات عندما تناقشوا في مسألة "ما الذي سيحدث إذا فزت".
فخامة الرئيس ناقش الفكرة أيضا مع رؤساء أحزاب كتلة التغيير، وها هي في مرحلة التوصية تفككت الكتلة. بني غانتس وأفيغدور ليبرمان يرفضان التوصية برئيس الحكومة السابق، يائير لابيد، لتشكيل الحكومة القادمة. في الحقيقة هما بذلك يعطيان الإشارات لنتنياهو، "يجب عليك أخذنا في الحسبان، نحن مستعدان للنقل". الناخبون خائبو الأمل يمكنهم دائما التوضيح بأن مصالح الدولة هي فوق الاعتبارات الشخصية، وأنهم يتسامون على كراهية نتنياهو، لأن ذلك يعنيهم أكثر.
في الأيام القريبة القادمة، كلما سخنت المفاوضات في الائتلاف، ستسجل المناورات السياسية أرقاما قياسية جديدة.
عاد نتنياهو إلى الموقف المحبب عليه الذي فيه يستطيع الاختيار بين بدائل وأن يخفض سعر الصفقة.
مساعدوه الكبار سيكونون أعضاء الوسط – يسار، الذين في وقت مبكر تخلوا عن مبادئهم وحدثوا صفحات الرسائل من "ثلاث لوائح اتهام" إلى "العفو الآن"، وأثبتوا أن العراب ليس دائما محقاً، وأحيانا لا يكون الأكثر حكمة ولكنه دائماً يكون هو الأقوى.
عن "هآرتس"
