أمريكا تستعد لعرض مشروع "التقاسم المكاني" في المسجد الأقصى!

1638599527-781-3.jpg
حجم الخط

كتب حسن عصفور 

بعد قيام الإرهابي وزير أمن داخلي حكومة نتنياهو الفاشية، إيتمار بن غفير، اقتحام المسجد الأقصى يوم 3 يناير 2023، انعقد مجلس الأمن الدولي سريعا يوم 5 يناير 2023، بناء على طلب عربي صيني لمناقشة الحدث، لمخاطره المرتبطة بالحرم ومكانته الخاصة والحساسة، والحقيقة لم يقف "كلاميا" مع فعل الفاشي المستحدث، سوى مندوب كيانه، الذي تواقح الى حد كان يجب على رئاسة المجلس طرده مباشرة من الجلسة.

وكان المتوقع، بعد انتهاء المناقشات الواسعة – الواضحة حول رفض الخطوة البن غفيرية، صدور بيان عام، وليس قرار كون أمريكا لن تسمح المس بالكيان أبدا، يدين الخطوة ويحذر مما سيكون لو تكرر ذلك، ولكن المفاجأة الكبرى، ان مجلس الأمن أغلق أبوابه بعد انتهاء النقاش، دون أن يصدر تصريحا أو بيانا أو ما يشير الى أن هناك جلسة رسمية حدثت لنقاش أمر هام، وكأن شيئا لم يكن، واكتفوا بالكلام الذي تم خلال الجلسة.

وليس سرا بأن منع صدور بيان من المؤسسة الدولية، كان موقفا أمريكيا بموافقة الطرف الفلسطيني – العربي، لأن البيانات تصدر بتوافق عام، حتى لو عارضت دولة من دول الفيتو، فهي لا يمكنها منعه، سوى "بالتوافق" أيضا، وهكذا منحت أمريكا "الجائزة الكلامية" لمن أراد ولكنها منحت دولة الكيان "الجائزة الفعلية" لدولة الكيان، بوقف إدانة كان لها أن تسجل ضمن البيانات التي تستخدم تعزيزا للموقف الفلسطيني، في صراع متوصل، كجزء من "قوة ناعمة" تمثلها الشرعية الدولية.

عدم إصدار بيان من مجلس الأمن، جاء كهدية سياسية لحكومة نتنياهو، ومناورة أمريكية مع الطرف الفلسطيني والدول العربية بذريعة منحها فرصة المحاولة لبحث الأمر ثنائيا بينها وحكومة الفاشية المستحدثة، وكان لها ما رغبت، دون أن تقدم ما يكون ثمنا لتلك الهدية.

اليوم التالي للهدية الدولية، أعلنت حكومة نتنياهو، 5 قرارات ضد السلطة الفلسطينية، عقابا لها بالذهاب الى الشرعية الدولية، واستخدامها كسلاح من أسلحة المواجهة، قرارات تشير أن خطوة بن غفير بغزوة الأقصى، هي جزء مما سيكون من تنفيذ خطوط الحكومة المعلنة، وبدأت دولة الكيان سريعا في تحويل القرارات الى واقع، وخاصة مصادرة 40 مليون دولار ممن المال الفلسطيني، الى جانب رسالتها حول البطاقات الامتيازية.

وجاءت قرارات بن غفير اللاحقة، بحملة إرهابية جديدة ضد الأسرى وقيادة الحركة الأسيرة، ثم مطاردة العلم الفلسطيني رغم أنه علم الطرف الذي لا زال يعترف بدولة الكيان الإرهابي وبالتالي بعلمها ورموزها.

ما حدث من قرارات وخطوات تنفيذية قامت بها الحكومة الفاشية اليهودية، ترجمة فورية لغياب المحاسبة الدولية، وبالقطع غياب الرد الفلسطيني الرسمي – الفصائلي، ما دفعها المضي قدما بتنفيذ مشروعها التهويدي في الضفة والقدس، خاصة وأن الفعل الرسمي العربي جاء مفاجئا، باستمرار العلاقات مع الكيان، وكأن ما حدث أمر وانتهى، ليتم عقد لقاء ما يسمى "منتدى النقب"، بعد 7 أيام من "الغزوة البن غفيرية".

هل تواطئت "الرسمية العربية والفلسطينية" لمنع صدور بيان مجلس الأمن كي لا تغضب أمريكا، واكتفت بالنقاش العام "والعنترية الكلامية" دون أي خطة فعل عقابي مباشر، بل حدث عكسه تماما، بمنح "هدايا سياسية" للحكومة الفاشية، بعدم قيام السلطة الفلسطينية بأي خطوة عملية، وعقد "منتدى النقب".

هل بدأت مرحلة جديدة من التعايش مع "حكومة نتنياهو" الى حين أن تنتهي الإدارة الأمريكية من محاولات "ترضية الفاشيين اليهود" بتسوية حول المسجد الأقصى، تكملة لما قام به جون كيري خلال إدارة أوباما حول وضع الكاميرات نحو شكل مستحدث من "التقسيم المكاني"، خاصة أن دولة الكيان وحكومتها تسارع مسارها لترسيخ ذلك عمليا، دون أن يكون هناك أي رد حقيقي.

الخطوة القادمة، تتجه أمريكا لصياغة مشروع تسوية "التقسيم المكاني" في المسجد الأقصى، وخاصة أنها تتعامل بأنه "الحرم / الهيكل" وتلك تسمية سياسية فكرية، تستوجب تعاملا جديدا، بعدما حصلت على "تفويض" رسمي عربي فلسطيني لإدارة الملف نيابة عن الشرعية الدولية مع حكومة نتنياهو.

زيارة وزير الخارجية الأمريكي بلينكن ومستشار الأمن القومي سوليفان الى تل أبيب في قادم الأيام، ستحمل مشروعا تسوويا لاستكمال اتفاق التقاسم الزماني (الكاميرات) لصياغة ما سيعرف بالتقاسم المكاني، بصيغ متباينة.

حصاد ما بعد خطوة الاقتحام البن غفيري السياسي كانت ربحا كبيرا لحكومة العدو القومي، لغياب الفعل الحقيقي لعقابها.

دون مفاجأة تربك المشهد العام، القادم سيكون أكثر "سوادا سياسيا" عاما، دون استثناء المسجد الأقصى من مخطط تهويدي يطل براسه من نافذة البيت الأبيض.

ملاحظة: ما يحدث من "طوشة كبيرة" داخل الكيان والتهديد بنشوب حرب أهلية من وراء حكومة نتنياهو، شي جديد خالص..رغم هيك غالبيتهم متفقين على تجاهل القضية الفلسطينية..عشان ما حدا يمارس فعل الاستغفال وتبرير همالته!

تنويه خاص: نصيحة للقوى والفصائل المتواجدة تحت "الحكم الإخوانجي" في غزة، لما بدها تحكي عن الحريات، ما تكون مصابة بـ "حول عقلي"..يا بتحكي عنها في الضفة والقطاع يا بتعيرنا سكوتها اشرف واريح.