في عمق البحر طلب يدها، وهي قالت نعم

1411468228.580394.inarticleLarge
حجم الخط

عندما غنّى عبد الحليم قبل نحو ثلاثة عقود «رسالة من تحت الماء» التي كتبها نزار قبّاني، ربّما لم يكن يعلم أن هناك في بيروت من سيكتبها بالفعل في أعماق البحر الأبيض المتوسط وعلى متن باخرة غارقة منذ سنين إلى حبيبته.

الحبيبية لارا معوّض، معالجة فيزيائية تهوى المغامرات الرياضية وتمارس رياضة الغطس منذ ثماني سنوات. الحبيب جهاد سابا يعمل في مجال التسويق وتجربته مع الغطس سيئة، حاول مرتين وفشل فقرّر ألا يعيد الكرّة.

لارا وجهاد كانا صديقين طوال خمس عشرة سنة، ولكن صداقتهما تحوّلت قبل سنتين إلى قصة حبّ، توجّت بالزواج. 
وخلال سنوات صداقتهما حاولت لارا إقناع جهاد في المحاولة مرة ثالثة لتعلّم رياضة الغطس، لكنّه كان يقول لها «لا نقاش حول هذه المسألة». ولارا استسلمت ولم تعد تطلب منه. 
بعدما تحوّلت صداقة لارا وجهاد إلى علاقة حبّ. وكما تقول الأغنية «البحر الأزرق في عيني لارا نادى جهاد نحو الأعماق» فكسر حاجز الخوف رغم أن تجربتيه كانتا سيئتين وليس لديه زورق، وقرّر جهاد وكرمى لعيني لارا أن يتعلّم الغطس من دون  علمها، وخلال شهر قام بتدريبات مكّثفة بتكتّم شديد، والمفارقة أن المدرّب هو صديق لارا في نادي الغطس وهو الذي درّبها قبل ثماني سنوات.

هكذا تعلّم جهاد فنّ العوم والغطس تحت الماء وعلى عكس الأغنية فرغم أنه يعرف أن البحر عميق جدًا ويدرك خطر الغوص فيه فإنه أبحر في أعماقه وكتب رسالته وتنفس في الماء وإن غرق فإنه غرق في حب لارا. وفي أحد الأيام اتصل مدرّب لارا بها وطلب منها إلغاء مواعيد العيادة لأنهما سيغطسان في مكان الباخرة الغارقة في عمق البحر، لم تتردّد لارا، بل كانت كلّها حماسة لأنها لطالما طلبت منه القيام بهذه المغامرة، في اليوم الرابع من حزيران/ يونيو، وهو اليوم الذي اعترف جهاد لـ لارا أنه يحبّها، توجّهت لارا ومدرّبها نحو الموقع، كان البحر هائجًا، فطلبت تأجيل المغامرة لأن المياه عكرة بسبب التيار، لكن المدرّب أصرّ، وهي لم تعترض وغطسا على عمق 20 مترًا وعندما اقتربا من الباخرة لاحظت لارا وجود غطاسين عند متن الباخرة الغارقة فظنت أنهم هواة مثلها، وعندما اقتربت منهم فاجأها أحدهم يحمل لافتة كتب عليها: Will you marry me?  ومن ثم حمل لوحتين صغيرتين الأولى كتب عليها Yes  والثانية No . عن هذه اللحظة تقول لارا: «لثوان لم أستوعب ما الذي يحصل، جهاد في عمق الماء ويطلبني للزواج! الحقيقة خفت عليه، فعندما أراد أن يركع ظننت أنه قد تعثر أو أصابه دوار».

سمعت لارا صوت جهاد الآتي من الأعماق وسطّرت معه بداية مشوار عمرهما  فتوجّا ماضيهما وحاضرهما تحت الماء بعبارة «نعم أقبل الزواج بك»، وخرجا معًا من هذا اليم الشاهد الأوّل على ولادة مستقبلهما، وإن كُتبت قصتهما على سطور الماء، فلأن الماء رمز للحياة ولولاها تبقى القلوب في ظمأ. وهكذا تزوجا بعد سنة.