شكل المشهد السياسي والفتحاوي بقطاع غزة في الآونة الأخيرة حالة من الخروج عن الصمت إلى توجيه الرسائل لقيادة الحركة بصوت عالي.
فلم يكن اللقاء الأول الذي نظمته عضو اللجنة المركزية آمال حمد مع قيادات التنظيم والمكاتب الحركية في قطاع غزة نظير صدفة جمعتهم ,بل كان بداية تفجير القنبلة التي لوح بالتحذير منها اللواء توفيق الطيراوي في إجتماعات اللجنة المركزية وأطلق رصاصاتها الأولى نائب أمين سر حركة اللواء جبريل الرجوب.
شظايا القنبلة التي فجرتها آمال حمد تطايرت في كل الإتجاهات وأيقظت قيادات الحركة من سباتها العميق حتى خرج بعدها عضو الهيئة القيادية العليا د عبدالرحمن حمد وحذر من تجاهل غزة وطالب بإستحقاقاتها .
أمال حمد تحدثت في لقائها مع قيادات وأمناء سر الأقاليم والمكاتب الحركية بكل صراحة وأعلنت بكل وضوح أن قطاع غزة ليس مخزون إنتخابي لأحد ,في إشارة منها الى حراك بعض أعضاء اللجنة المركزية الذين يحاولون إنشاء قواعد لهم في قطاع غزة على حساب وعودات تندثر بعد حصولهم على المنصب.
حالة الهرج والذعر التي يشهدها القطاع ليست بالأمر اليسير ,ومخاطرها قد تؤدي إلى زعزعة أسس الحركة التي يتزعمها الرئيس محمود عباس.
الأمر لم يكن سهلا لمفوض عام الحركة التي عرف بصمته منذ بداية الإنقسام ,ليخرج هو الآخر عن حالة الصمت وينادي بحقوق غزة المهضومة من قبل القيادة الفلسطينية وحركة فتح.
الخروج عن الصمت جاء بعد إتخاذ الرئيس لعدة قرارات مجحفة بحق غزة أبرزها التسريبات الأولية التي أشارت إلى إقصاء موظفين قطاع غزة من إستحقاقاتهم المدنية والعسكرية من الرتب والمناصب ,وتجلى هذا الأمر واضحا بعد توقيع الرئيس على 130 مرسوم رئاسي لمدراء عاميين ووكلاء وزارة من الضفة الغربية دون قطاع غزة .
وجاء التوقيع في الوقت التي تدعي السلطة بأنها تعاني من أزمة مالية خانقة لدرجة أنها أجحفت بحقوق العاملين فيها والمقيدين على كادرها العسكري والمدني وأبرزهم تفريغات 2005 والمعلمين وموظفي سلطة الطيران المدني وغيرهم من الذي أجبروا على اللوس في منازلهم وترك أماكن عملهم بقرار من رئيس الوزراء آنذاك د سلام فياض.
وفي احتفال أقامته حركة فتح لتكريم عدد من قيادتها الميدانيين، وحضره نخبة من قادة التنظيم على رأسها مفوض الحركة في قطاع غزة الدكتور زكريا الأغا، تحول الحفل لحقل رماية، أطلق فيه جمع الحاضرون سهام الانتقاد للقيادة المركزية في الحركة، دون أن يستثنوا أبو مازن.
الإنتقادات والمطالبات لم تخرج هذه المرة من أنصار النائب عن حركة فتح محمد دحلان الذين وقفوا يراقبون وينتظرون ثمرة حراكهم عبر سنوات الإنقسام ,بل كانت الإنتقادات ممن يعرفون بولائهم للرئيس الفلسطيني محمود عباس.
الدكتور زكريا الأغا قال في حفل نظمته الحركة وبشكل صريح بان هناك جهات لا تريد لقطاع غزة عقد مؤتمراته، ولا تريد لحركة فتح أن تستنهض أو تجمع قواها وتلملم جراحها وترتب أوراقها.
وطالب بضرورة حصول قطاع غزة على نسبة التمثيل الحقيقية في المؤتمر بما يتناسب مع حجم قطاع غزة، ورافض أن يكون تمثيل قطاع غزة في المؤتمر هامشياً.
بينما ,أوضح د عبدالرحمن حمد أن هناك من يسعى لتحويل تنظيم فتح في غزة إلى “جسداً منهكاً بلا روح لا يتعدى كونه مجرد أرقام في بازار الانتخابات التنظيمية الداخلية أو أعداد يتقاسمها البعض في أتون معركة المصالح المحتدمة في الشطر الآخر من الوطن”، وكان يقصد الضفة الغربية.
يشار إلى أن الحراكات الفتحاوية في قطاع غزة تزامنت مع الحراكات التي يقودها أعضاء من اللجنة المركزية في الضفة الغربية بعد حسم قرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس “أبو مازن”، بعدم الترشح مجددا في الانتخابات القادمة للحركة والتي ستكون جزءا من المؤتمر السابع، وزادت لغة الانتقاد من حدتها ضد الرئيس، خاصة وأنها تملك من المبررات لذلك، وفي مقدمتها تجاهل ملفات واستحقاقات غزة.