منذ أن عادت إدارة بايدن لتبدي "اهتمام خاصا" بمنطقة الصراع في الشرق الأوسط والخليج، رغم انه لم يكن ضمن "اولوياتها" في عناوين رؤيتها الاستراتيجية، وهي تعمل بكل السبل الممكنة، لفرض نمطية "الاحتواء"، وخاصة في فلسطين.
"الحركية الأمريكية" حضورا وتصريحات صحفية، تنطلق من تغييرات جوهرية في صياغة تعريف طبيعة الحقيقة السياسية القائمة، وتعيد تعريفها على قاعدة تتقارب مع "المشروع التهويدي المحسن"، بحيث لم تعد أبدا تشير الى تعبير الاحتلال، و"أرض محتلة" وهوية الأرض بأنها أرض فلسطينية، وشعب له حقوق قومية، وتذهب الى حد اعتبارها وكأنها "أرض متنازع عليها" بشكل أو بآخر، فيما شطبت من قاموسها السياسي تعبير "الاستيطان غير شرعي"، رغم ان الأمم المتحدة تعتبره شكلا من أشكال جرائم الحرب.
ومؤخرا، انتقلت لاستخدام لغة سياسية تعزيزا لتلك المفاهيم، تنطلق من مطالبة حكومة نتنياهو، التي تصفها المعارضة الإسرائيلية بأنها "حكومة ديكتاتورية" تقارب النازية، بالعمل على عدم "تصعيد إجراءاتها العسكرية" خلال شهر رمضان، أو عدم الذهاب الى خلق مزيدا من "التوتر" الذي قد يفتح شكلا من أشكال المواجهة "غير المحسوبة" مع الفلسطينيين، الناس قبل السلطة والفصائل، خاصة بعد تصريحات بن غفير ضد أهل القدس، والعمل على هدم المنازل والتفكير بعمليات تهجير جديدة.
وعشية وصول وزير الدفاع الأمريكي، أشارت وسائل إعلام متعددة، ان لويد أوستن، سيبحث، فيما سيبحث، مع حكومة "الفاشية اليهودية الجديدة" مسالة عدم الذهاب للتصعيد مع الفلسطينيين في الفترة القادمة، تكريسا لذات المنهاج الذي يبدو وكأنه "أصبح المقرر السياسي" الجديد.
المخاطر الناجمة عن إدخال لغة سياسية جديدة، تلغي أو تضعف الجوهر الاحتلالي لأرض فلسطين، ومحاولة شطب التعبير بطريقة ما، بل وعدم الاستخدام في البيانات المشاركة مع بعض دول عربية، ليس سوء فهم أو "زلة لسان بيانية"، بل هي سياسة بدأت الإدارة الأمريكية في ترسيخها، مع تنصيب بلينكن "اليهودي" وزيرا للخارجية، فسارع بالعمل على مسح تعابير "الاحتلال"، "المستوطنات غير شرعية" جرائم الاحتلال، الضفة والقدس وقطاع غزة أرض فلسطينية، القدس والحرم القدسي.
جوهر السياسية الأمريكية يستند الى نظرية "تحسين شروط الاحتلال" وليس بحث آلية "إنهاء الاحتلال"، ومن يعيد قراءة بيان "مجلس الأمن الرئاسي"، ثم بيان "لقاء العقبة"، لن يجد كلمة الاحتلال ترد وتم استبدالها بلغة جديدة، ترتكز على عدم "التصعيد" و"وقف العنف" و "عدم القيام بإجراءات أحادية الجانب".
والمثير للغرابة السياسية، ان "الرسمية الفلسطينية" عندما تتحدث منفردة لا تترك كلمة من اتهام لدولة الكيان دون وصفها، وكان خطاب الرئيس محمود عباس في الدوحة يوم 6 مارس 2023، والحديث عن "الإرهاب الإسرائيلي" واحتلال أرض دولة فلسطين، صارخا بالوضوح، لكن ذلك يختفي أو ينتفي كليا مع أي بيان أو حضور أمريكي، لتبدأ "لغة جديدة"، وكأننا أمام عملية "باب دوار سياسي"، يقال لطرف ما يحب ويقال لآخر ما يحب.
إن لم تقف "الرسمية الفلسطينية" أمام ظاهرة الذهاب الأمريكي لـ "إزاحة لغة سياسية" حول الصراع واستبدالها بـ "لغة بلينكية" تقارب التهويد، ستصبح المتغيرات الراهنة من "ثوابت المفاهيم القادمة"، المؤسسة لبحث أي "تسوية ممكنة" في ظل متغيرات فكرية – سياسية لبناء "حكم ملتبس الهوية" في أرض دولة فلسطين، وهناك سوابق متعددة في المسار اللغوي الأمريكي.
يجب وقف الحديث كليا عن تعابير "وقف العنف"، "منع التصعيد" و "الإجراءات الأحادية"، والعودة للوضوح الاستخدامي في السياسة لأصل لغة الصراع السياسية – القانونية، ليس أقل من لغة "الأمم المتحدة" ومجلس حقوق الإنسان.
ملاحظة: وزير الدفاع الأمريكاني أوستن، تجاهل كليا زيارة "الرسمية الفلسطينية"، وما حسب حسابها خالص..شكله ضامن أنها مش راح تزعل منه، ولو زعلت بيصير "زعل الحبيب"...شو هبطتم سعركم السياسي!
تنويه خاص: وأخيرا انحلت مشكلة طيارة نتنياهو وسارة للسفر برة..بس الرحلة مش راح تكون "درجة سوبر" وبدون "سرير نوم"..يا مسكين يا بيبي شكلها آخرتك مسودة خالص!