إن ما نشهده اليوم من تصعيد متبادل لخطاب الانقسام، ارتباطاً بتوجهات جديدة، متوهَّمة أو فعلية، في سياسة هذه الدولة العربية أو تلك، لن يفضي إلا إلى إعادة الانقسام إلى مربعه الأول، وإلى الوقوع ثانية في خطيئة الرهان على تغيرات حركة المحاور الرسمية العربية الشبيهة بحركة الرمال المتحركة، والتي لم يجلب الرهان عليها سابقاً سوى الخيبة، وتعميق الأزمة الخاصة لهذا الفصيل الفلسطيني أو ذاك، وبالتالي إلى استفحال الأزمة الوطنية العامة، وإلى إطالة أمد الانقسام الذي من دون طي صفحته السوداء مرة وإلى الأبد، لا يمكن إعطاب ديناميات مخطط تفكيك الشعب الفلسطيني إلى تجمعات بأجندات وأهداف وقيادات متباينة ومتصارعة، كمخطط صهيوني ثابت المضمون متغير الشكل، بما يجعل من الصعب على المرء المرور مر الكرام على تصريح الدكتور الزهار، القائل: «إسرائيل تريد رفع الحصار عن قطاع غزة، لكن أبو مازن لا يريد».
حسناً إسرائيل تريد فعلاً رفع الحصار، لكن السؤال هو مقابل ماذا؟ يعنينا من السؤال التذكير بالمغزى السياسي لإصرار الوفد الإسرائيلي لمفاوضات القاهرة أثناء العدوان «الثالث» على قطاع غزة، على رفض التعامل مع الوفد الفلسطيني كوفد موحد، وعلى رفض البحث في أي مطالب تتعلق بالضفة وقلبها القدس، واقتصار التفاوض على المطالب التي تخص قطاع غزة، واشتراط رفع الحصار بتجريد فصائل المقاومة من سلاحها.
يحيل الكلام أعلاه إلى ما تعانيه الحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة من أزمة بنيوية، يُظهرها انقسام داخلي مدمر، يستنزفها، ويحبط الحالة الشعبية ويضعف قدرتها على مجابهة سياسة إسرائيلية هجومية، ترعى جوهرها الولايات المتحدة، وتضاعف عنجهيتها الصراعات الدائرة في الوطن العربي وعليه، هذا بينما يعلم الجميع أن الهرب من معالجة الانقسام معالجة فلسطينية، هو ما خلق الاستنجاد بالعامل الخارجي، وعاظم استنزاف الإطار الوطني الجامع، منظمة التحرير الفلسطينية، مؤسسات وفصائل واتحادات وسلوكا سياسياً، ووضعها في أسوأ حالاتها منذ تسلمت قيادتها فصائل الثورة المعاصرة المسلحة.
فبرنامجها الوطني، (المرحلي)، في حالة غير مسبوقة من التآكل المتصاعد، ومكونات هذا البرنامج: العودة والدولة وتقرير المصير، يفتك بها الاختزال والمقايضة والمبادلة، وتآكل تمثيل المنظمة الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، كهدف إسرائيلي ثابت، تساهم فيه، بمعزل عن النوايا، قيادة المنظمة بإحلال السلطة محلها، وقيادة «حماس» بمنازعتها التمثيل من موقع البديل. علماً أن السلطة الفلسطينية صارت، حتى باعتراف قيادتها «سلطة بلا سلطة»، و»تنفذ التزامات «أوسلو» من طرف واحد»، ناهيك عن انقسامها إلى «سلطتين»، إدارياً وجغرافياً وأمنياً و»تشريعياً».
إذاً نحن إزاء أزمة فلسطينية غاية في التعقيد أنجبها الفعل المتبادل لاستمرار التمسك بخيار التفاوض العبثي وغياب الإرادة السياسية لإنهاء الانقسام الداخلي المدمر، ما أضعف العامل الوطني، وفتك بقدرته على تلبية ولو الحد الأدنى من متطلبات مجابهة سياسة الاحتلال الهجومية المتصاعدة، برعاية أميركية.
فواقع منظمة التحرير الفلسطينية الذي يسر كل الأعداء، ويُحزن كل الأصدقاء، ليس نبتاً شيطانياً، بل نتيجة للخلل البنيوي في إدارة التناقض الأساس مع الاحتلال، والتناقضات الداخلية الثانوية.
إذ لئن كان استمرار الانقسام الداخلي وصفة للانتحار السياسي، فإن التمديد الواقعي لمفاوضات «مدريد - أوسلو» تجديد لخيار لم يسفر بعد نحو 25 عاماً من التجريب سوى عن تعاظم الاستيطان وتعميق الاحتلال، وتحويله إلى «احتلال بلا كلفة»، ناهيك عن أن الاعتراف بوجود إسرائيل وأمنها لقاء الاعتراف بمنظمة التحرير كـ»ممثل للفلسطينيين»، لم يفضِ إلى ضغط أميركي للاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، بل إلى ضغط للاعتراف بإسرائيل «دولة للشعب اليهودي».
وأكثر، لئن كان التمديد الواقعي لتعاقد «أوسلو» السياسي بعد انتهاء سقفه الزمني في أيار 1999، هو ما شجع حكومة الاحتلال بقيادة شارون، ورعاية أميركية، على الاجتياح الشامل للضفة، 2002، وفك الارتباط من طرف واحد مع قطاع غزة، 2005، فإن وقوع الانقسام الداخلي المدمر، 2007، هو ما زاد الطين بلة، وشجع حكومات الاحتلال على تصعيد هجومها لدرجة الاستباحة الشاملة للضفة وقلبها القدس، وتدمير قطاع غزة بثلاثة حروب، 2009، 2012، 2014، وصولاً إلى تعليق التفاوض مع المنظمة، 2013، وتجميد تحويل مستحقات السلطة المالية، 2014، بهدف إجبار قيادة المنظمة على العودة إلى المفاوضات وفق الشروط الصهيونية بلا قيد أو شرط، وعلى التراجع عن خطواتها الدبلوماسية لتدويل القضية الفلسطينية، كخطوات لم يمنع عدم قطعها مع خيار التفاوض الثنائي برعاية أميركية إدارة أوباما من أن تحبط عرض طلب الاعتراف بالدولة الفلسطينية على التصويت في مجلس الأمن، 2011، وأن تصوت ضد قرار الجمعية العامة الاعتراف بالدولة الفلسطينية كعضو مراقب، 2012، وأن تمنع حصول مشروع القرار الفلسطيني-العربي لاعتراف مجلس الأمن بالدولة الفلسطينية على الأصوات اللازمة للتصويت عليه، حتى بعد تعديله لدرجة إفراغه من مضمونه، 2014.
لا عجب. فالولايات المتحدة وربيبتها إسرائيل مطمئنتان إلى أن خيار قيادة المنظمة بالتفاوض الثنائي برعاية أميركية إستراتيجية ثابتة، وإلى أن الأسباب الفعلية للانقسام الداخلي غير ناجمة، أو غير ناجمة فقط، عن الخلاف حول هذه الإستراتيجية، إنما عن صراع على تمثيل الشعب الفلسطيني، ما يفاقم أزمة العامل الوطني ويزيد عجزه عن اتخاذ القرار المفروض بالمعنى السياسي منذ أيار 1999 بالتنصل من تعاقد «أوسلو» السياسي والتحلل من التزاماته الأمنية والاقتصادية، ذلك علماً أن هذا هو السبيل الوحيد الكفيل بتحرير القضية الفلسطينية من القبضة الأميركية المعادية، وإخراج الحركة الوطنية من مأزقها البنيوي المستعصي، وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني وقدرته على مجابهة سياسة إسرائيلية، بل صهيونية، هجومية متصاعدة، ترعاها الولايات المتحدة وتدعم شروطها المساوية للتسليم باختلال ميزان القوى، والإقرار بما حققه المشروع الصهيوني من وقائع على الأرض، وصولاً إلى فرض الاعتراف بهدفه الأساس: إسرائيل «دولة للشعب اليهودي».
ما يعني أن مواصلة إغفال أن لمأزق الحركة الوطنية الفلسطينية أسبابا داخلية وخارجية متداخلة، هو ما ينجب عقلية اختزال تعقيدات هذا المأزق في مطلقات: الأبيض والأسود أو الملاك والشيطان التي لا تتمثل كامل عناصر الأزمة، ولا تعترف بأن المخرج منها يخص الشعب الفلسطيني بعمومه والقضية الفلسطينية بمجملها، وليس فلسطينيي الضفة وقطاع غزة، فقط.
لكن هل طريق الخلاص الوطني مسدود؟ الجواب كلا. فالمخرج ممكن، إنما بشرط مغادرة عقلية «أنا أريد وعلى غيري الانصياع» كعقلية فاشلة ومدمرة لكل محاولات بلورة إستراتيجية سياسية وطنية موحدة، أساسها القواسم المشتركة، والاعتراف بما يكفي من الحزم أن الولايات المتحدة معادية حتى لأدنى الحقوق الفلسطينية، وأن سياسات الاحتلال تستبيح الشعب الفلسطيني على كل صعيد، بما لا يترك متسعاً للتوصل إلى تسوية سياسية ولو «متوازنة»، فما بالك بعادلة، للصراع، ما يعني أن لا مناص من القبض على كامل معطيات الأزمة والاعتراف بحقائقها كما هي في الواقع، بما فيها، الإقرار بأن الانقسام في العمق، وبأن ميزان القوى الداخلي لا يسمح بفرض معادلة: «قولوا ما تشاؤون وأنا أفعل ما أشاء»، لا للقائلين: «نحن الشرعية التاريخية»، ولا للقائلين: «نحن شرعية المقاومة»، ما يعني أن بناء الوحدة الوطنية في مستواها السياسي غير ممكن إلا بتفعيل اجتماعات الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، ودعوته إلى وضع الآليات العملية لانتخاب مرجعية تشريعية شاملة للشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، أي مجلسا وطنيا جديدا، على قاعدة الحجم الانتخابي للتجمعات والتمثيل النسبي بما يتجاوز وضعية «سلطتين»، «قيادتين»، «ضفة وغزة»، و»داخل وخارج»، وينهي تشرذم المرجعيات ويفضي لتوحيد الإرادة الفلسطينية. ذلك علماً أنه بتوافر الإرادة السياسية الجادة يمكن تذليل العقبات الداخلية بالتوافق، والعقبات الخارجية بالاتفاق على التعيين كما كان يحصل على امتداد مسيرة منظمة التحرير الفلسطينية.
حسناً إسرائيل تريد فعلاً رفع الحصار، لكن السؤال هو مقابل ماذا؟ يعنينا من السؤال التذكير بالمغزى السياسي لإصرار الوفد الإسرائيلي لمفاوضات القاهرة أثناء العدوان «الثالث» على قطاع غزة، على رفض التعامل مع الوفد الفلسطيني كوفد موحد، وعلى رفض البحث في أي مطالب تتعلق بالضفة وقلبها القدس، واقتصار التفاوض على المطالب التي تخص قطاع غزة، واشتراط رفع الحصار بتجريد فصائل المقاومة من سلاحها.
يحيل الكلام أعلاه إلى ما تعانيه الحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة من أزمة بنيوية، يُظهرها انقسام داخلي مدمر، يستنزفها، ويحبط الحالة الشعبية ويضعف قدرتها على مجابهة سياسة إسرائيلية هجومية، ترعى جوهرها الولايات المتحدة، وتضاعف عنجهيتها الصراعات الدائرة في الوطن العربي وعليه، هذا بينما يعلم الجميع أن الهرب من معالجة الانقسام معالجة فلسطينية، هو ما خلق الاستنجاد بالعامل الخارجي، وعاظم استنزاف الإطار الوطني الجامع، منظمة التحرير الفلسطينية، مؤسسات وفصائل واتحادات وسلوكا سياسياً، ووضعها في أسوأ حالاتها منذ تسلمت قيادتها فصائل الثورة المعاصرة المسلحة.
فبرنامجها الوطني، (المرحلي)، في حالة غير مسبوقة من التآكل المتصاعد، ومكونات هذا البرنامج: العودة والدولة وتقرير المصير، يفتك بها الاختزال والمقايضة والمبادلة، وتآكل تمثيل المنظمة الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، كهدف إسرائيلي ثابت، تساهم فيه، بمعزل عن النوايا، قيادة المنظمة بإحلال السلطة محلها، وقيادة «حماس» بمنازعتها التمثيل من موقع البديل. علماً أن السلطة الفلسطينية صارت، حتى باعتراف قيادتها «سلطة بلا سلطة»، و»تنفذ التزامات «أوسلو» من طرف واحد»، ناهيك عن انقسامها إلى «سلطتين»، إدارياً وجغرافياً وأمنياً و»تشريعياً».
إذاً نحن إزاء أزمة فلسطينية غاية في التعقيد أنجبها الفعل المتبادل لاستمرار التمسك بخيار التفاوض العبثي وغياب الإرادة السياسية لإنهاء الانقسام الداخلي المدمر، ما أضعف العامل الوطني، وفتك بقدرته على تلبية ولو الحد الأدنى من متطلبات مجابهة سياسة الاحتلال الهجومية المتصاعدة، برعاية أميركية.
فواقع منظمة التحرير الفلسطينية الذي يسر كل الأعداء، ويُحزن كل الأصدقاء، ليس نبتاً شيطانياً، بل نتيجة للخلل البنيوي في إدارة التناقض الأساس مع الاحتلال، والتناقضات الداخلية الثانوية.
إذ لئن كان استمرار الانقسام الداخلي وصفة للانتحار السياسي، فإن التمديد الواقعي لمفاوضات «مدريد - أوسلو» تجديد لخيار لم يسفر بعد نحو 25 عاماً من التجريب سوى عن تعاظم الاستيطان وتعميق الاحتلال، وتحويله إلى «احتلال بلا كلفة»، ناهيك عن أن الاعتراف بوجود إسرائيل وأمنها لقاء الاعتراف بمنظمة التحرير كـ»ممثل للفلسطينيين»، لم يفضِ إلى ضغط أميركي للاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، بل إلى ضغط للاعتراف بإسرائيل «دولة للشعب اليهودي».
وأكثر، لئن كان التمديد الواقعي لتعاقد «أوسلو» السياسي بعد انتهاء سقفه الزمني في أيار 1999، هو ما شجع حكومة الاحتلال بقيادة شارون، ورعاية أميركية، على الاجتياح الشامل للضفة، 2002، وفك الارتباط من طرف واحد مع قطاع غزة، 2005، فإن وقوع الانقسام الداخلي المدمر، 2007، هو ما زاد الطين بلة، وشجع حكومات الاحتلال على تصعيد هجومها لدرجة الاستباحة الشاملة للضفة وقلبها القدس، وتدمير قطاع غزة بثلاثة حروب، 2009، 2012، 2014، وصولاً إلى تعليق التفاوض مع المنظمة، 2013، وتجميد تحويل مستحقات السلطة المالية، 2014، بهدف إجبار قيادة المنظمة على العودة إلى المفاوضات وفق الشروط الصهيونية بلا قيد أو شرط، وعلى التراجع عن خطواتها الدبلوماسية لتدويل القضية الفلسطينية، كخطوات لم يمنع عدم قطعها مع خيار التفاوض الثنائي برعاية أميركية إدارة أوباما من أن تحبط عرض طلب الاعتراف بالدولة الفلسطينية على التصويت في مجلس الأمن، 2011، وأن تصوت ضد قرار الجمعية العامة الاعتراف بالدولة الفلسطينية كعضو مراقب، 2012، وأن تمنع حصول مشروع القرار الفلسطيني-العربي لاعتراف مجلس الأمن بالدولة الفلسطينية على الأصوات اللازمة للتصويت عليه، حتى بعد تعديله لدرجة إفراغه من مضمونه، 2014.
لا عجب. فالولايات المتحدة وربيبتها إسرائيل مطمئنتان إلى أن خيار قيادة المنظمة بالتفاوض الثنائي برعاية أميركية إستراتيجية ثابتة، وإلى أن الأسباب الفعلية للانقسام الداخلي غير ناجمة، أو غير ناجمة فقط، عن الخلاف حول هذه الإستراتيجية، إنما عن صراع على تمثيل الشعب الفلسطيني، ما يفاقم أزمة العامل الوطني ويزيد عجزه عن اتخاذ القرار المفروض بالمعنى السياسي منذ أيار 1999 بالتنصل من تعاقد «أوسلو» السياسي والتحلل من التزاماته الأمنية والاقتصادية، ذلك علماً أن هذا هو السبيل الوحيد الكفيل بتحرير القضية الفلسطينية من القبضة الأميركية المعادية، وإخراج الحركة الوطنية من مأزقها البنيوي المستعصي، وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني وقدرته على مجابهة سياسة إسرائيلية، بل صهيونية، هجومية متصاعدة، ترعاها الولايات المتحدة وتدعم شروطها المساوية للتسليم باختلال ميزان القوى، والإقرار بما حققه المشروع الصهيوني من وقائع على الأرض، وصولاً إلى فرض الاعتراف بهدفه الأساس: إسرائيل «دولة للشعب اليهودي».
ما يعني أن مواصلة إغفال أن لمأزق الحركة الوطنية الفلسطينية أسبابا داخلية وخارجية متداخلة، هو ما ينجب عقلية اختزال تعقيدات هذا المأزق في مطلقات: الأبيض والأسود أو الملاك والشيطان التي لا تتمثل كامل عناصر الأزمة، ولا تعترف بأن المخرج منها يخص الشعب الفلسطيني بعمومه والقضية الفلسطينية بمجملها، وليس فلسطينيي الضفة وقطاع غزة، فقط.
لكن هل طريق الخلاص الوطني مسدود؟ الجواب كلا. فالمخرج ممكن، إنما بشرط مغادرة عقلية «أنا أريد وعلى غيري الانصياع» كعقلية فاشلة ومدمرة لكل محاولات بلورة إستراتيجية سياسية وطنية موحدة، أساسها القواسم المشتركة، والاعتراف بما يكفي من الحزم أن الولايات المتحدة معادية حتى لأدنى الحقوق الفلسطينية، وأن سياسات الاحتلال تستبيح الشعب الفلسطيني على كل صعيد، بما لا يترك متسعاً للتوصل إلى تسوية سياسية ولو «متوازنة»، فما بالك بعادلة، للصراع، ما يعني أن لا مناص من القبض على كامل معطيات الأزمة والاعتراف بحقائقها كما هي في الواقع، بما فيها، الإقرار بأن الانقسام في العمق، وبأن ميزان القوى الداخلي لا يسمح بفرض معادلة: «قولوا ما تشاؤون وأنا أفعل ما أشاء»، لا للقائلين: «نحن الشرعية التاريخية»، ولا للقائلين: «نحن شرعية المقاومة»، ما يعني أن بناء الوحدة الوطنية في مستواها السياسي غير ممكن إلا بتفعيل اجتماعات الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، ودعوته إلى وضع الآليات العملية لانتخاب مرجعية تشريعية شاملة للشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، أي مجلسا وطنيا جديدا، على قاعدة الحجم الانتخابي للتجمعات والتمثيل النسبي بما يتجاوز وضعية «سلطتين»، «قيادتين»، «ضفة وغزة»، و»داخل وخارج»، وينهي تشرذم المرجعيات ويفضي لتوحيد الإرادة الفلسطينية. ذلك علماً أنه بتوافر الإرادة السياسية الجادة يمكن تذليل العقبات الداخلية بالتوافق، والعقبات الخارجية بالاتفاق على التعيين كما كان يحصل على امتداد مسيرة منظمة التحرير الفلسطينية.